أعلنت وزارة الدفاع السورية عن إغلاق الطرق المؤدية إلى مدن الساحل غربي البلاد، في خطوة تهدف إلى ضبط الأمن ومنع عمليات التسلل، وذلك في ظل تصاعد الاضطرابات في المنطقة. ويرى خبراء عسكريون أن هذا الإجراء يعكس استراتيجية واضحة للسيطرة على المناطق الجبلية ذات الأهمية الاستراتيجية.
ويؤكد الخبراء أن تأمين المداخل والمخارج الإستراتيجية يعد إجراءً ضرورياً لمنع تحركات الجماعات المسلحة غير النظامية، خاصة في الأوقات التي تكون فيها القوات الأمنية في حالة تأهب منخفض. كما أن الطبيعة الجغرافية الوعرة للساحل السوري، بما تحتويه من مناطق مرتفعة وتقاطعات طرق رئيسية، تجعل من السيطرة عليها أولوية أمنية لمنع استخدامها كملاذ آمن للعناصر المسلحة.
ويأتي هذا التطور بعد إعلان وزارة الدفاع السورية عن هذه الإجراءات الأمنية الصارمة، وذلك عقب تعرض قواتها لهجمات من مجموعات مسلحة، ما دفع السلطات إلى تشديد التدابير لضبط الأمن وإعادة الاستقرار إلى المنطقة. وقد أشارت التقارير إلى أن هذه الجماعات ارتكبت انتهاكات بحق المدنيين، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية صارمة.
وبحسب التحليلات العسكرية، فإن الكمائن التي شهدها طريق بانياس-طرطوس مؤخراً، والتي أسفرت عن سقوط قتلى في صفوف القوات الأمنية، تؤكد أن هذه العمليات ليست فردية أو عشوائية، بل تندرج ضمن أعمال منظمة تستغل الطبيعة الجغرافية للمنطقة، حيث توفر كثافة الأشجار والتضاريس الجبلية بيئة مثالية للمباغتة والاختباء.
وفي سياق المواجهة العسكرية، أشار الخبراء إلى وجود غرف عمليات تابعة للمسلحين داخل سوريا وخارجها، تعمل بشكل منسق وتحظى بدعم لوجستي مستمر، رغم عدم وضوح حجم هذه الارتباطات رسمياً. كما أن هذه الجماعات تمتلك أسلحة متطورة، مما يجعل المواجهة أكثر تعقيداً، خاصة مع استمرار انتشارهم في المناطق الريفية والجبلية المحيطة بالساحل.
أما فيما يتعلق بإمكانية القضاء على هذه الجماعات، فقد أشار الخبراء إلى أن المسألة قد تستغرق وقتاً، إلا أن وزارة الدفاع السورية اتخذت إجراءات مشددة لمنع دخول أي عناصر غير مصرح بها إلى المناطق المستهدفة. كما أعلنت الفصائل التابعة للوزارة عن جاهزيتها للتدخل في أي وقت لتعزيز الجهود الأمنية.
ويرى المختصون أن التضاريس الصعبة تمثل تحدياً كبيراً أمام القوات الحكومية، إذ تسهّل الطبيعة الجبلية عمليات الكر والفر، مما يتطلب استراتيجيات دقيقة لضمان عدم امتداد الهجمات إلى المناطق الآمنة. كما أن انخراط المتطوعين المدنيين في العمليات الأمنية قد يواجه عقبات نظراً لافتقارهم إلى الخبرة العسكرية الكافية، وهو ما دفع الحكومة إلى التركيز على تعزيز قواتها الرسمية.
ويشير الخبراء إلى أن استمرار العمليات العسكرية في الساحل السوري يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تأمين المناطق الجبلية وعزل المسلحين عن خطوط الإمداد، مما قد يؤدي إلى إضعاف هذه الجماعات تدريجياً. وعلى الرغم من إمكانية استمرار المواجهات لفترة من الزمن، فإن التحركات العسكرية المكثفة تهدف إلى ضبط الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس أحمد الشرع في خطاب موجه للسوريين، ضرورة التزام القادة الميدانيين بعدم السماح بأي تجاوزات، مشدداً على أن مرتكبي الانتهاكات ضد المدنيين سيواجهون المحاسبة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن مساعي الإدارة الانتقالية لمواجهة التحديات الأمنية، واستعادة الاستقرار بعد الإطاحة بالنظام السابق.