تشير مصادر دبلوماسيّة تركيّة إلى أن أنقرة تدرس حاليًا الإسراع في توقيع اتفاقيّة دفاعٍ مشتركٍ مع القيادة السوريّة الجديدة، وذلك كردّ فعل واضح على الانتهاكات الإسرائيليّة المتكررة في الأراضي السوريّة. تُعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجيّة تركيّة أوسع تهدف إلى تعزيز نفوذها في المنطقة والحدّ من التحرّكات الإسرائيليّة التي تُنظر إليها على أنها تحدٍّ مباشر لحدود النفوذ التركي في سوريا.
تُبدي أنقرة اهتمامًا كبيرًا بتعزيز السلطة الجديدة في سوريا، لا سيما فيما يتعلّق بتشكيل "مجلس الشعب الجديد"، الذي يُعتبر خطوةً مهمّةً نحو إضفاء الشرعيّة على أيّ اتفاقيات مستقبليّة بين تركيا وسوريا. هذه الاتفاقيات لن تقتصر على الجانب الدفاعيّ فحسب، بل ستشمل أيضًا التعاون في المجالات الأمنيّة والاقتصاديّة والتجاريّة، مما يعكس رغبة تركيّة في بناء علاقات متعددة الأبعاد مع دمشق.
التهديد الإسرائيلي
من جهة أخرى، تثير التحرّكات الإسرائيليّة الأخيرة في المنطقة قلقًا كبيرًا، خاصة بعد أن بدأت إسرائيل تتعامل مع الشرق الأوسط كساحة قتال مفتوحة دون حدود واضحة. في خطابه الأخير أمام الكنيست الإسرائيلي، أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التأكيد على مفهوم "الجبهات السبع"، الذي يشمل قطاع غزّة، الضفة الغربيّة، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، وإيران. هذا التصريح يأتي على الرغم من سقوط نظام بشار الأسد وانسحاب إيران وفصائلها من سوريا، مما يزيد من مخاوف أن تكون إسرائيل تُعدّ لعمليّة عسكريّة واسعة النطاق في جنوب سوريا وضواحي دمشق.
في هذا السياق، أمعن نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في وصف القيادة السوريّة الجديدة بأنها "إسلاميّة إرهابيّة"، وهو وصف يُعتبر محاولة لتبرير أيّ عمل عسكريّ محتمل تقوم به إسرائيل داخل الأراضي السوريّة. هذه التصريحات تزامنت مع مصادقة الحكومة الإسرائيليّة على مشروع قانون يسمح للجيش باستدعاء 400 ألف جندي إضافي بحلول 29 أيار المقبل، وهو ما يُعتبر إشارة إلى استعدادات عسكريّة كبيرة قد لا تقتصر على غزّة، بل قد تشمل مناطق أوسع، بما في ذلك سوريا.
استعدادات عسكريّة
تعكس الاستعدادات العسكريّة الإسرائيليّة الأخيرة، بما في ذلك تعيين إيال زمير، السكرتير العسكري السابق لنتنياهو، رئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي، توجهًا نحو توسيع نطاق العمليّات العسكريّة. زمير، الذي ينتمي إلى سلاح المدرّعات، يُعتبر أول ضابط من هذا السلاح يتولّى منصب رئيس الأركان، مما يُشير إلى احتمال قيام إسرائيل بعمليّات بريّة واسعة النطاق في المستقبل القريب.
هذه التحرّكات تثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل الحقيقيّة: هل تسعى إلى الضغط على القيادة السوريّة الجديدة لقبول شروطها؟ أم أن الهدف الأكبر هو الوصول إلى دمشق وتغيير المشهد السياسي فيها؟ الإجابة على هذه التساؤلات قد تتحدّد في الأشهر المقبلة، خاصة مع إعلان رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد أن عام 2025 سيكون "سنة الحرب".