انعكاسات رسالة أوجلان على المشهد الكردي في سوريا وتركيا

رزان الحاج

2025.03.02 - 02:18
Facebook Share
طباعة

 أكدت قيادات كردية سورية أن الرسالة الأخيرة التي وجهها عبد الله أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني تحمل دلالات إيجابية قد تمتد تأثيراتها إلى شمال وشرق سوريا، رغم أن مضمونها الأساسي يتعلق بالوضع الداخلي في تركيا.


تأثير الرسالة على الحل السياسي في المنطقة
قال صالح مسلم، الزعيم في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، في حديث صحفي، إن بادرة أوجلان تُشكل أرضية لبناء حل سياسي في تركيا، معتبرًا أنها خطوة استراتيجية ضمن مسار الحل السياسي في الشرق الأوسط. وأوضح مسلم أن التواصل مع دمشق مستمر، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى المفاوضات.


وحول إمكانية دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري، أشار مسلم إلى أن تطبيق مسار مشابه ممكن إذا قررت السلطة في دمشق ذلك، مؤكداً الاستعداد للانخراط في هذه العملية، بشرط إزالة الأسباب التي دفعت الأكراد إلى حمل السلاح.


أهمية الحوار الكردي-التركي
من جانبه، علّق بشار أمين، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، على نداء أوجلان، معتبرًا أنه استجابة طبيعية للتطورات السياسية في المنطقة، والتوجه الدولي نحو الاستقرار والانتقال من النزاع المسلح إلى الحل السياسي. وشدد على ضرورة استجابة قيادات حزب العمال الكردستاني في قنديل لهذه المبادرة من خلال عقد مؤتمر عام أو اتخاذ أي آلية أخرى للإعلان عن التخلي عن السلاح والاعتماد على النضال السياسي السلمي.


وأكد أمين على أهمية الحوار بين الجانبين الكردي والتركي للوصول إلى حلول دائمة، مشيرًا إلى أن تركيا يجب أن تلتزم بتصريحات مسؤوليها بشأن السلام، بالإضافة إلى ضرورة الإفراج عن عبد الله أوجلان بعد سنوات طويلة من احتجازه في سجن إمرالي.


أما بخصوص المفاوضات مع دمشق، فقد أوضح أمين أنه حتى الآن لم يحدث أي حوار مباشر بين الحركة السياسية الكردية والسلطات الجديدة في دمشق، معتبرًا أن القيادة الجديدة في سوريا قد تكون في مواجهة تحديات داخلية قد تتيح المجال لتدخلات خارجية.


انعكاسات على شمال وشرق سوريا
وفي سياق متصل، أشار الشيخ رياض درار، الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، إلى أن رسالة أوجلان كانت موجهة لحزب العمال الكردستاني بغرض تحقيق السلام في تركيا، لكنه رأى أن انعكاسات هذا الأمر ستكون إيجابية على كافة المناطق الكردية، حيث أن تحقيق السلام في أنقرة من شأنه تقليل التهديدات التي تتعرض لها مناطق شمال وشرق سوريا.


وأكد درار أن المفاوضات مع دمشق مستمرة ولكنها بطيئة، معتبراً أن كلا الطرفين (الإدارة الذاتية وسلطة دمشق) يحملان رسائل إيجابية، ويتوقع أن يساهم تحقيق السلام في تركيا في تسريع هذه المفاوضات للوصول إلى تفاهمات أوسع.


دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري
وحول دمج "قسد" في الجيش السوري، شدد درار على ضرورة وضع آليات واضحة لتعريف دور الجيش المستقبلي، مشيرًا إلى الحاجة إلى عودة الضباط المنشقين ودمج قوات "قسد" المدربة، بما يضمن عدم تبعيتها لأي جهة سياسية، وأضاف أن المسألة تحتاج إلى دراسة جدية، وليس مجرد الحديث عن إلقاء السلاح والاستسلام.


الموقف من تركيا والتدخلات العسكرية
أما بشأن العلاقة مع تركيا، فقد رأى درار أن أنقرة لا تزال تمتلك أطماعًا في المنطقة، وتستمر في احتلال بعض الأراضي السورية، وأشار إلى أن الوساطات قد تمنع التدخل العسكري التركي المباشر، لكنها لن تؤدي إلى حلول نهائية، خاصة في ظل دعم تركيا للفصائل المسلحة مثل "الجيش الوطني"، الذي يشارك في القتال في عدة مناطق تشهد توترًا مستمرًا نتيجة السياسات التركية.


من الواضح أن التطورات الأخيرة تعكس تحولات استراتيجية في المشهد الكردي، إذ أن رسالة أوجلان تأتي في سياق دولي وإقليمي يضغط باتجاه حلول سياسية بدلًا من النزاعات المسلحة، ومع ذلك، يبقى نجاح هذه المبادرة مرهونًا بمدى استجابة حزب العمال الكردستاني لها من جهة، وبمدى استعداد أنقرة لتقديم تنازلات فعلية من جهة أخرى.


على الجانب السوري، فإن أي تحرك إيجابي في الملف التركي-الكردي قد يخلق ديناميكية جديدة تسهم في تسريع المفاوضات بين الإدارة الذاتية ودمشق، لكن العقبات لا تزال كبيرة، خاصة مع استمرار الشكوك حول نوايا الادارة ومدى استعدادها لاستيعاب "قسد" ضمن منظومتها العسكرية.


أما فيما يخص تركيا، فإن أي خطوة نحو السلام الداخلي قد تقلل من تدخلاتها في شمال سوريا، لكنها لن تنهي مطامعها الإقليمية، مما يستوجب حذرًا كرديًا في التعامل مع أي وعود تركية مستقبلية.


بالمحصلة، فإن التطورات الحالية تمثل فرصة مهمة للأكراد لتحقيق مكاسب سياسية، لكنها تتطلب رؤية استراتيجية واستعدادًا للتعامل مع المتغيرات بمرونة وواقعية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6