وسط التوترات التي شهدتها الحدود اللبنانية-السورية الأسبوع الماضي، تتزايد القناعة بين العشائر والفعاليات المحلية بأن السبيل الوحيد لضمان استقرار البلدات والقرى الواقعة على طرفي الحدود، والتي تعود ملكيتها للبنانيين، هو تسليمها بالكامل إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختصة.
بحسب مصدر أمني مطلع، فإن السلطات اللبنانية تحافظ على تواصل دائم ومنظم مع الجهات الأمنية السورية، في إطار تنسيق الجهود لضبط الحدود ومنع تجدد الاشتباكات التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف المصدر أن ضبط الحدود بشكل فعّال يتطلب تعزيز التعاون بين الجانبين، إضافة إلى تطبيق صارم للقوانين المتعلقة بالمناطق الحدودية، والتي تُعد الإطار القانوني الوحيد الذي ينظم العلاقة الحدودية بين البلدين.
وأكد المصدر أن الجانب السياسي اللبناني يعتزم إطلاق مشاورات واتصالات مكثفة مع السلطات السورية في المستقبل القريب لبحث مسألة ترسيم الحدود بين البلدين. ورغم أن هذه العملية قد تستغرق سنوات، إلا أن معظم العوامل التي كانت تعيق تحقيقها قد زالت أو أصبحت أقل تأثيرًا، مما يجعل الظروف أكثر ملاءمة للمضي قدمًا في هذا المسار.
وأوضح المصدر أن الجانب السوري بات أكثر تقبلًا لفكرة ترسيم الحدود، بعدما أدرك أهمية هذه الخطوة في تعزيز الاستقرار على جانبيها، وتنظيم الحركة بين البلدين بطريقة قانونية تضمن حقوق المواطنين وتقلل من النزاعات، كما أن هذا الترسيم سيُسهم في تحسين العلاقات الثنائية، ويدعم الجهود الرامية إلى إنهاء الفوضى الأمنية التي غالبًا ما تستغلها الجماعات غير الشرعية.
ويُتوقع أن يسهم تسليم البلدات الحدودية إلى الجيش اللبناني، بالتوازي مع عمليات الترسيم، في الحد من عمليات التهريب والتسلل غير الشرعي، ما يعزز الأمن في الداخل اللبناني، كما أن هذه الخطوات ستوفر بيئة أكثر استقرارًا لسكان المناطق الحدودية، الذين عانوا طويلًا من تداعيات غياب الضوابط الأمنية الواضحة.
ومع تحسن العلاقات السياسية والأمنية بين الجانبين، قد تفتح هذه الخطوة الباب أمام تعاون اقتصادي وتجاري أكثر تنظيمًا بين لبنان وسوريا، ما سينعكس إيجابيًا على الوضع الاقتصادي للبلدين، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى الأنظار موجهة نحو الخطوات العملية التي ستتخذها الحكومتان اللبنانية والسورية لتحقيق هذه الأهداف، فهل ستشهد المرحلة المقبلة تقدمًا فعليًا في ملف ترسيم الحدود، أم أن التحديات السياسية والأمنية ستظل تعيق التنفيذ؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.