العلاقات التركية-السورية بعد سقوط الأسد

2025.02.09 - 11:07
Facebook Share
طباعة

 تعزيز العلاقات الثنائية
منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، تعمل تركيا على تعزيز علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الجوانب الدبلوماسية، الاقتصادية، والعسكرية. وتأتي هذه الجهود في إطار سعي أنقرة إلى تحقيق استقرار إقليمي، وتعزيز نفوذها في الساحة السورية التي تشهد تحولات جوهرية منذ الإطاحة بالنظام السابق.


الزيارات الدبلوماسية والاقتصادية
شهدت الفترة الأخيرة تبادلاً للزيارات بين مسؤولي البلدين، كان آخرها زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أنقرة في 4 فبراير، حيث التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وتناولت الزيارة عدة ملفات، من بينها التعاون الأمني والسياسي، بالإضافة إلى مشاريع اقتصادية مشتركة تهدف إلى إعادة إعمار البنى التحتية في سوريا، وتوفير بيئة استثمارية مستقرة للمستثمرين الأتراك والسوريين على حد سواء.


التعاون العسكري واتفاقية الدفاع المشترك
تسعى تركيا إلى إقامة قواعد جوية في سوريا ضمن اتفاقية دفاع مشترك، تشمل تدريب الجيش السوري الجديد. وأفادت وكالة "رويترز" أن الاتفاقية تتيح لتركيا استخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية، وإنشاء قاعدتين في البادية السورية، وهو ما أكده مسؤولون أمنيون. ويهدف هذا التعاون إلى تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري الجديد، وضمان أمن الحدود المشتركة بين البلدين، خاصة في ظل التهديدات الأمنية المستمرة في المنطقة.


المؤتمر الصحفي المشترك
خلال مؤتمر صحفي مشترك، أكد أردوغان دعم بلاده لسوريا في مواجهة "الإرهاب"، مشددًا على ضرورة التنسيق بين البلدين لضمان استقرار المنطقة. كما أعلن عن رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية تشمل التعاون في مختلف المجالات، من الدفاع إلى الاقتصاد وإعادة الإعمار، مما يعكس تحولًا كبيرًا في العلاقات التركية-السورية بعد سنوات من القطيعة السياسية.


خارطة الطريق العسكرية
في 6 فبراير، كشفت وزارة الدفاع التركية عن وضع خارطة طريق لتعزيز قدرات الجيش السوري، مؤكدة اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الإطار. وعلى الرغم من عدم وجود تعليق رسمي سوري مباشر، إلا أن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة صرح لصحيفة "واشنطن بوست" أن دمشق تتفاوض بشأن التواجد العسكري الأمريكي والتركي في البلاد، وهو ما قد يشير إلى ترتيبات جديدة لإعادة توزيع النفوذ العسكري في سوريا.


الوضع الميداني في سوريا
الشمال الشرقي: تواصل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) نشاطها في المنطقة، فيما ترفض تركيا أي وجود لحزب العمال الكردستاني، مهددة بعمل عسكري في حال عدم انسحابه. كما تواصل الإدارة السورية الجديدة التفاوض مع "قسد" لدمجها ضمن الجيش الوطني السوري.


التواجد الأمريكي: يستمر الوجود العسكري الأمريكي وسط حديث عن احتمال إنهائه قريبًا، ما يفتح المجال أمام تغييرات جذرية في الخارطة العسكرية شمال شرقي سوريا.


الجنوب السوري: يشهد توغلات إسرائيلية متكررة، ما يفاقم الأوضاع الأمنية ويفرض تحديات إضافية على الحكومة السورية الجديدة.


رؤية المحللين العسكريين
يرى المحلل العسكري طارق حاج بكري أن إقامة قواعد تركية جديدة أمر غير مرجح، مرجحًا إعادة توزيع القواعد القائمة شمال غربي البلاد، بما يتماشى مع المصالح الأمنية لتركيا ودمشق. وأوضح أن مثل هذه التحركات تهدف إلى الحفاظ على التوازن العسكري في المنطقة، ومنع حدوث فراغ أمني قد تستغله الجماعات المتطرفة أو القوى الإقليمية الأخرى.


الشراكات الدولية والتوازن السياسي
زار نائب وزير الخارجية الروسي دمشق لمناقشة مستقبل القواعد الروسية هناك، وسط توقعات بإعادة النظر في الاتفاقيات العسكرية السابقة.
أبدى وزير الدفاع السوري استعداده للإبقاء على التواجد الروسي بما يخدم المصالح الوطنية، مع إمكانية إعادة التفاوض على شروط التواجد العسكري الروسي.
الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أشار إلى أن التعاون الدفاعي مع تركيا يوفر دعمًا مهمًا لسوريا الجديدة، لا سيما في مواجهة التحديات الأمنية وإعادة بناء الجيش.


توازن العلاقات الخارجية
يحاول الرئيس السوري أحمد الشرع تحقيق توازن في العلاقات الخارجية، حيث زار السعودية ثم تركيا في زيارتين متتاليتين، ما يعكس مساعيه لضمان دعم إقليمي للإدارة الجديدة. وتأتي هذه الزيارات في إطار توجه دمشق الجديد نحو تعزيز العلاقات مع القوى الإقليمية الكبرى، والاستفادة من الدعم السياسي والاقتصادي الذي يمكن أن تقدمه كل من الرياض وأنقرة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10