غضب من "التسويات" مع مجرمي الأسد... فادي صقر نموذجاً

سامر الخطيب

2025.02.08 - 02:07
Facebook Share
طباعة

 تثير التسويات الأخيرة التي تجريها "إدارة العمليات العسكرية" مع شخصيات من النظام السابق، المتورطة في ارتكاب جرائم ضد الشعب السوري، موجة من الانتقادات العارمة، حيث وصلت هذه الانتقادات إلى ذروتها في الأيام القليلة الماضية، بعد زيارة فادي صقر، قائد "الدفاع الوطني" في دمشق خلال فترة حكم النظام السابق، إلى منطقة التضامن في العاصمة دمشق، قبل يومين. الزيارة التي رافقه فيها المقدم أبو حسن، مدير الأمن العام في دمشق التابع لإدارة العمليات العسكرية، ومدير الأمن في المنطقة الجنوبية أبو بكر، جاءت بالتزامن مع حملة أمنية للبحث عن "فلول النظام" في المنطقة. هذه الزيارة أثارت استياء شديداً لدى أهالي المنطقة، مما دفعهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية الجمعة الماضية بالقرب من حفرة مجزرة التضامن، التي يُتهم عناصر "الدفاع الوطني" بالضلوع فيها في أبريل/ نيسان 2013.


في 16 إبريل 2013، أقدم عناصر من قوات النظام على إعدام 41 شخصاً قرب مسجد عثمان في حي التضامن، عبر إلقائهم في حفرة معدة سلفاً، ثم أُضرمت النار في جثث الضحايا باستخدام إطارات السيارات. ورغم أن الإدارة السورية الحالية تروج لمشروع المصالحة، فقد انتقد نشطاء بشدة ما وصفوه بـ "الانحياز للجلادين" الذين كانوا مسؤولين عن قتل السوريين.


دور فادي صقر في الجرائم ضد السوريين
فادي صقر، الذي اشتهر بلقب "صقر الدفاع الوطني" خلال حكم النظام، كان من أبرز القيادات التي ارتبطت أسماءهم بفترات العنف الوحشية في سورية. بدأ صقر بالظهور عام 2012 كقائد لإحدى فصائل مليشيا "الدفاع الوطني" في دمشق، قبل أن يُرقى لقيادة المليشيا على مستوى البلاد. قاد صقر حصار أحياء المعارضة جنوب العاصمة دمشق، وتعرضت قواته لاتهامات واسعة بارتكاب مجازر ضد المدنيين، وتدمير المنازل ونهب الممتلكات. في الوقت نفسه، أدرجت الولايات المتحدة اسم فادي صقر على قوائم العقوبات في عام 2012 نتيجة تورطه في انتهاكات واسعة، لكنه ظل يتمتع بحماية النظام.


بعد انهيار النظام، حاول صقر تلميع صورته عبر مشاركته في مبادرات الحوار الوطني، كما تحول إلى واجهة لما يُسمى "لجان السلم الأهلي" في محاولة لتخفيف الضغط عليه. كما تم تضمين عدد من الضباط المتورطين في الجرائم بحق السوريين ضمن التسويات الأخيرة، مثل اللواء طلال مخلوف، الذي كان مسؤولاً عن العمليات العسكرية القمعية في العديد من المناطق السورية.


غضب أهالي التضامن
وفقاً لوجهاء من حي التضامن فقد دخل فادي صقر إلى حي التضامن قبل يومين دون إبلاغ لجان السلم الأهلي في المنطقة. وأشار أحد الحضور إلى أن صقر كان برفقة مجموعة من القيادات الأمنية والعسكرية، منهم مدير الأمن في المنطقة الجنوبية أبو بكر، وأبو حسن من إدارة العمليات العسكرية، إضافة إلى قيادات سابقة من مليشيا "الدفاع الوطني".


أعرب هؤلاء الوجهاء عن قلقهم من استمرار مثل هذه الزيارات الاستفزازية التي قد تؤدي إلى انفلات الوضع الأمني، محذرين من أن زيارة فادي صقر إلى المنطقة التي ارتُكبت فيها الجرائم ستثير غضب الأهالي أكثر. وتساءلوا: "لماذا لا يزال فادي صقر حراً طليقاً؟ وهل هو بالفعل جزء من لجان السلم الأهلي؟".


ذكريات مؤلمة وتحديات العدالة
أحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية في حي التضامن، أكد أن المنطقة ما زالت تحمل ذكريات مؤلمة من مجزرة التضامن، التي ارتكبها عناصر من "الدفاع الوطني" وأفراد آخرون، حيث تم إعدام عشرات المدنيين بطريقة وحشية. وأضاف سويداني أن "زيارة فادي صقر إلى الحي تُعتبر خيانة لدماء الشهداء"، مشدداً على أن مكانه ليس بين أهل التضامن.


في المقابل، أكد الشاهد صالح تركي صقر، الذي نجا من المجزرة، أنه تم اعتقاله من قبل مليشيا "الدفاع الوطني" في ذلك الوقت، ولكنه نجا لأن اعتقاله كان بسبب توصيله للخبز إلى المنطقة. وقال إن تذكره للمجزرة ما زال حياً في ذاكرته، وأكد أن زيارات مثل هذه لا تساهم إلا في إعادة فتح الجروح القديمة.


وفي نفس السياق، قال الناشط الفلسطيني فايز أبو عيد، مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، إن فادي صقر كان مسؤولاً عن تهجير سكان برزة والقابون والغوطة الشرقية، وكان شريكاً رئيسياً في مجزرة التضامن. وأضاف أبو عيد أن زيارة صقر إلى الحي تعكس التناقضات الكبيرة في سوريا اليوم، متسائلاً: "كيف لشخص متورط في قتل أهلنا أن يأتي اليوم وكأنه بطل؟".


العدالة المفقودة وتخوفات من المستقبل
وقال ناشطون إن الأهالي لا يستطيعون نسيان المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام والمليشيات الموالية له عام 2013. وتابع الصفدي: "ظهور فادي صقر هنا يُعد إهانة للضحايا وأسرهم"، مشيرين إلى أن الزيارة أعادت للأذهان أساليب النظام السابق في قمع المعارضة.


وأشاروا إلى أن التسويات مع مجرمين مثل صقر ومخلوف تعني إعادة إنتاج النظام القديم بوجوه جديدة، مما يثير القلق من تفشي الانتقام الفردي في حال استمر الوضع الراهن. وأضافوا: "إذا كان القتلة يسيرون بيننا بحرية، فمن سيوقف الأهالي عن أخذ حقهم بأيديهم؟".


وأكدوا أن هناك مخاوف من أن العدالة الانتقالية ستطبق فقط على صغار العناصر في جيش النظام، بينما سيظل كبار المجرمين مثل صقر ومخلوف بعيدين عن المساءلة. وأكدوا ضرورة إشراف دولي على عمليات المحاسبة، معتبرين أن العدالة لا بد أن تبدأ من اعتراف الجناة بجرائمهم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4