سورية الجديدة وعلاقاتها مع الدول العربية والأوروبية

2025.02.04 - 07:41
Facebook Share
طباعة

شكّل السقوط المفاجئ لنظام بشار الأسد، الحدث الأقلّ توقّعًا ضمن سلسلة الأحداث التي غيّرت قواعد اللعبة في الشرق الأوسط مؤخّرًا. وبعد تولّي قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، المعروف سابقًا بلقب أبو محمد الجولاني، سُدة الحكم في سورية، أرسل المسؤولين الجدد عبر الوسطاء "تركيا وقطر" عدة رسائل لطمأنة الدول الغربية والولايات المتحدة باعتبارهم شركاء متوقعين للحكم الجديد بهدف بلورة طبيعة جديدة للعلاقات مع تلك الدول. خاصة مع تولي أحمد الشرع سدة الرئاسة الجديدة في محاولة لإزالة أي مخاوف أو شكوك عن مسؤولية الشرع عن الأعمال السابقة لتوليه الرئاسة.

يرى الكثير من المتابعين للملف السوري السياسي والإقتصادي بأن الواقع الجديد يتميز بالفرص المشجعة لقيام تعاون مثمر سياسياً وتنموياً، مع إستعداد عدد من دول الخليج للإستثمار والمساهمة بإعادة الأعمار، وقد ساهم هذا الأمر بتحرك عدد من الدول الأوروبية تجاه دمشق وأيضاً عبر ممثلة الإتحاد الأوروبي للشؤون السياسية والأمنية كايا كالاس، ومفوضة الإتحاد الأوروبي لشؤن الأزمات حيث عرضت تقديم عدد من المساعدات الإنسانية الطارئة بمبلغ يتجاوز 241 مليون دولار وكذلك يتم المجتمع السوري، وإحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة بشكل خاص.

وقد أدت تلك الجركة السياسية عبر إجتماعات ولقاءاتت عدة الى تخفيف بعض من العقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي على سورية، بانتظار الموافقة عليها في 24 شباط (فبراير) الجاري، ومع تعدد الأولويات والقلق بالنسبة لبعض الدول الأوروبية وتخوفها من عودة نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية وزيادة توقعات البعض الآخر بالإتجاه نحو الثروات النفطية وحقوق التنقيب في البحر الأبيض المتوسط مع شرط أن تكون سيطرة السلطات الجديدة كاملة على الأرض السورية، وأن تتمكن دول الإتحاد الأوروبي من ممارسة دورها أو إبداء رأيها في الشؤون السياسية الأساسية مقابل تمويل إعادة الإعمار في سورية، هذا من جهة أوروبا أما بالنسبة للجارة الأقرب تركيا فقد كان لها الدور الأبرز في عملية إنتقال السلطة، وتبدو الفرصة سانحة أمامهم لتعزيز وجودهم الأمني والسياسي والإقتصادي من خلال مساعدة السلطة السورية في إعادة تنظيم الجيش والقوى الأمنية، والرغبة بأن يكون لتركيا الدور البارز بإعادة الإعمار عبر الشركات التركية المتخصصة وأن يكون التمويل من خارج سوريا، والولوج الى مضمار التنقيب عن النفط والغاز، في البر والبحر وهذا ما يثير الشكوك لدى الإتحاد الأوروبي.

بين كل هذه الأمور، يتوقع الجميع من السلطات الجديدة في سوريا أن تتخذ قرارات تتعلق بترميم مؤسسات الدولة التي تعرضت للإنهيار، وضمان تمثيل أطياف الشعب السوري، والعمل لإرضاء طموحات الدول الغربية والتوازن في العلاقات القائمة كي يتمكن الإتحاد الأوروبي من دعم القيادة السورية وتعليق العقوبات المفروضة وتقديد المساعدات الإنسانية من خلال المؤسسات الغير حكومية والبحث في السبل الآيلة لدعم الشعب السوري.

البحث الأوروبي في الوضع السوري يجد في طياته الكثير من التعقيدات والمخاطر خاصة مع وجود الإرهابيين الذين يحملون الجنسيات الأوروبية ما يتطلب زيادة التعاون لرصد تحركاتهم الخارجية، وقد أعرب المسؤولين السوريين عن إهتمامهم بتعزيز الروابط الأمنية وإلتزامهم بإجراء الإنتخابات الحرة واحترام حقوق الأقليات المتنوعة بناء على أسس العدل والنزاهة، وهذا ما يتلاءم مع مبادئ دول الإتحاد الأوروبي ما يساهم في تعزيز أسس العلاقات القائمة على الإحترام والمصالح المتبادلة بين سوريا ودول أوروبا. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10