في خطوة نادرة، قررت الحكومة الإسرائيلية تعيين اللواء في الاحتياط إيال زمير (59 عامًا) رئيسًا جديدًا لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي (الرابع والعشرين في تاريخ الدولة)، خلفًا للجنرال هرتسي هليفي الذي قدم استقالته على خلفية انتقادات حادة متعلقة بالإخفاقات الأمنية خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. وجاء الإعلان عن التعيين بشكل استثنائي عبر مكتب رئيس الحكومة، وليس وزارة الدفاع، ما أثار تساؤلات حول تدخل سياسي مباشر في القرار العسكري.
السياق السياسي والعسكري
يأتي التعيين بعد أشهر من الضغوط التي مارسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لإزاحة هليفي، في محاولة لتحميل القيادة العسكرية مسؤولية "المذبحة"، وفق التوصيف الإسرائيلي لهجوم 7 أكتوبر. واستغل هليفي هدنة قطاع غزة واتفاق تبادل الأسرى لإعلان استقالته، بينما يُعتقد أن الإدارة الحالية سعت لتسريع تعيين خلف له قبل انكشاف المزيد من الثغرات.
واختير زمير من بين ثلاثة مرشحين تنافسوا على المنصب، بمن فيهم أمير برعام وتامير يدعي، وذلك بسبب خبرته العسكرية الواسعة وابتعاده عن سلسلة القيادة المباشرة المسؤولة عن أكتوبر، حيث كان يشغل منصب المدير العام لوزارة الدفاع خلال الأحداث.
خلفية زمير العسكرية
زمير، الضابط السابق في سلاح المدرعات، يتمتع بمسار مهني حافل شمل قيادة لواء مدرع، وإدارة المنطقة الجنوبية، ونائبًا لرئيس هيئة الأركان. كما عمل سكرتيرًا عسكريًا لنتنياهو، وشارك في صياغة الاستراتيجيات العسكرية السابقة التي انتُقدت لاحقًا بعد فشلها في منع هجوم 7 أكتوبر.
خلال فترة نائب رئيس الأركان، حذر زمير من قرارات تقليص الوحدات المدرعة، وهو تحذير تحقق جزئيًا في الحرب الحالية، حيث أثبتت الدبابات دورًا حاسمًا في معارك غزة. كما لعب دورًا محوريًا في تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة وتوريد الأسلحة خلال الحرب.
التحديات القائمة
يواجه زمير مهام شائكة، أبرزها:
إصلاح الجيش: في ظل أزمة ثقة داخل المؤسسة العسكرية، وانسحاب جماعي لضباط من الرتب المتوسطة، وضغوط غير مسبوقة على قوات الاحتياط.
الوضع الأمني المتأزم: مع استمرار التهديدات في غزة ولبنان، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، واستعدادات محتملة لمواجهة إيران النووية.
صفقة الأسرى: حيث لا يزال 79 أسيرًا، بينهم جنود، رهينة في غزة، مع حاجة ملحّة لإتمام عمليات تبادل جديدة.
تداعيات التعيين
من المتوقع أن يؤدي تعيين زمير إلى موجة من التغييرات في القيادات العسكرية، بدءًا من استقالة قائد المنطقة الجنوبية، وتبعية نائب رئيس الأركان، وصولًا إلى مراجعة محتملة لرئاسة شعبة الاستخبارات العسكرية.
مقارنة تاريخية
يُذكر أن التعيين يحمل أوجه تشابه مع سيناريو تعيين غابي أشكنازي رئيسًا للأركان بعد حرب لبنان الثانية (2006)، حيث عاد إلى منصبه بعد استقالة سلفه دان حالوتس، وقاد عملية إصلاح جزئية للجيش. لكن الفارق اليوم هو حجم الإخفاق الأمني واتساع نطاق التحديات.
خلفية الشكوك السياسية
رغم الإشادة باختيار زمير كـ"القرار الصحيح"، تشكك بعض التحليلات في نوايا نتنياهو، خاصة مع استمرار محاولاته إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، ما يؤشر إلى توتر مستمر بين المؤسسة السياسية والعسكرية.