التقى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، مع مجموعة من الشخصيات السورية في دمشق، وكان من بينهم نائب الرئاسة المشتركة لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) علي رحمون. ووفقًا للموقع الرسمي لـ "مسد" في يوم الأربعاء 29 من كانون الثاني، تناول اللقاء التطورات الحالية في سوريا، حيث وصف الحاضرون الوضع بـ "المرحلة المفصلية التي تتطلب معالجة دقيقة وحلولًا شاملة".
يُعتبر "مسد" المظلة السياسية التي تجمع كل من "الإدارة الذاتية" و "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، اللتين تسيطران على مناطق شرق نهر الفرات شمال شرقي سوريا. وخلال الاجتماع، أوضح بيدرسون أن هدف اللقاءات التي يجريها مع السوريين هو الحصول على صورة دقيقة وشاملة عن الوضع على الأرض، الأمر الذي سيمكنه من تقديم إحاطات موضوعية لمجلس الأمن حول تطورات الوضع في سوريا.
من جانبه، أشار علي رحمون إلى وجود مخاوف من تجدد العنف بسبب ظهور شعارات مثل "من يحرر يقرر"، التي قد تؤدي إلى تصعيد التوترات. كما أشار إلى أن هناك غيابًا للرؤية الواضحة لدى الإدارة الجديدة في ما يتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية، مما يزيد من القلق حول شمولية العملية ومستوى التخطيط لها. رحمون لفت أيضًا إلى إمكانية حدوث اقتتال في الساحل وتجدد "دائرة العنف والاقتتال الأهلي" نتيجة بعض ممارسات الفصائل ضد الأهالي.
من جانبه، أكد بيدرسون أن شمال شرقي سوريا يمثل تحديًا كبيرًا في عملية الانتقال السياسي، خاصة فيما يتعلق بتعامل سوريا مع التنوع السياسي والعرقي في البلاد. كما شدد على ضرورة تشجيع الحوار بين القائد العام لـ "قسد"، مظلوم عبدي، والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، مشيرًا إلى ضرورة أن يقدم الطرفان تنازلات متبادلة لتعزيز فرص التوصل إلى حلول توافقية.
خلال الأسابيع الماضية، خاضت "قسد" و "الإدارة الذاتية" مفاوضات للوصول إلى تفاهم مع الإدارة السورية في دمشق، إلا أن نتائج هذه المفاوضات لم تتضح بعد. كما يشهد كل من دمشق وشمال شرقي سوريا نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا يهدف إلى إيجاد تفاهم بشأن اندماج "قسد" في الجيش السوري الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بوساطة بين الأطراف الكردية التي تمثل جزءًا من مكونات شمال شرقي سوريا، بينما تشارك واشنطن أيضًا في المفاوضات الجارية مع دمشق.
اجتماع بين "المجلس الوطني الكردي" و"قسد"
في سياق آخر، عقد وفد من "المجلس الوطني الكردي" اجتماعًا مع قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، في سوريا، دون إعلان رسمي من "قسد". وفقًا لوكالة "رووداو" (مقرها في أربيل)، فقد أكد المتحدث باسم "المجلس الوطني" في سوريا، فيصل يوسف، في 28 كانون الثاني، أن اللقاء كان "إيجابيًا".
يوسف أضاف أن الوفد ناقش خلال الاجتماع "الموقف الموحد والوفد المشترك"، واتفق الطرفان على "وقف الحرب الإعلامية"، وأشار إلى أن مسؤولي التحالف الدولي حضروا الاجتماع. ولفت إلى أنه إذا استمرت المحادثات بنفس هذا الاتجاه، فإن الطرفين سيتفقان قريبًا على تشكيل الوفد المشترك.
قبل هذا اللقاء، صرح عبد الله كدو، ممثل "المجلس الوطني الكردي" في الهيئة السياسية لـ "الائتلاف"، في حديث لصحيفة "عنب بلدي"، أن هناك لقاءً مرتقبًا بين "المجلس" و "قسد"، بهدف توحيد الخطاب الكردي حول الحقوق القومية للكرد في سوريا وتثبيتها في دستور البلاد.
وكانت الأطراف قد اتفقت على إجراء لقاء بين قيادة "المجلس الوطني الكردي" وقائد "قسد"، مظلوم عبدي، بوساطة أمريكية-فرنسية. فيما يهدف "المجلس الوطني" إلى المطالبة بإطلاق سراح السجناء والكشف عن مصير المغيبين من قبل "الإدارة الذاتية"، التي تمثل المظلة السياسية لـ "قسد".
وفي أعقاب لقائه مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في كانون الثاني، قال عبدي إن "موقف الكرد في سوريا يجب أن يكون موحدًا، وإن الحوار مع دمشق يجب أن يحمي حقوق الشعب الكردي بطريقة سلمية". كان بارزاني قد استقبل عبدي في مصيف صلاح الدين بمدينة أربيل في إقليم كردستان العراق، حيث جرى بحث مجموعة من القضايا المتعلقة بالشأن الكردي والسوري.
سنوات من الخلافات
على مدى السنوات الماضية، نشأت خلافات بين "قسد" و "المجلس الوطني الكردي"، مما أدى إلى منع "المجلس" من المشاركة في أي شكل من أشكال إدارة شمال شرقي سوريا. كما قامت مجموعات عسكرية موالية لـ "قسد" باعتقال أعضاء من "المجلس"، ولا يزال جزء منهم في السجون حتى اليوم.
سبق أن أطلقت الأطراف جلسات حوار تعرف بـ "الحوار الكردي- الكردي"، والتي جمعت حزب "الاتحاد الديمقراطي" (PYD) الذي يشكل حجر الزاوية في "الإدارة الذاتية" و "المجلس الوطني الكردي" مع مستقلين، في تشرين الثاني 2019، بهدف تقليص الخلافات بين هذه الأطراف.
بينما تدعم الولايات المتحدة ودول أوروبية "قسد"، التي هي حليف لحزب "العمال الكردستاني"، فإن "المجلس الوطني الكردي" يحصل على دعم من أربيل وتركيا، وهو عضو في "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية".
محاور الحوار تركز بشكل رئيسي على إمكانية إشراك "المجلس الوطني" في إدارة مناطق سيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، والسماح لجناحه العسكري "بيشمركة روج" بالانخراط في إدارة هذه المناطق أمنيًا وعسكريًا. لكن الخلافات بين الأطراف ما تزال قائمة، خاصة فيما يتعلق بإدارة المنطقة، حيث ترفض "قسد" السماح لـ "المجلس الوطني" بالانخراط في الإدارة العسكرية والسياسية والأمنية.