قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة تصنيف جماعة أنصار الله (الحوثيين) على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، في قرار يعد استمرارًا لنهج تصنيف الجماعة في بداية ولاية ترامب الأولى عام 2020.
جاء هذا القرار بعد فترة من إلغاء التصنيف في عهد سلفه، الرئيس جو بايدن، الذي قام بتخفيفه بشكل مؤقت بهدف تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. لكن في عام 2024، أعاد بايدن تصنيف الحوثيين ضمن "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهو تصنيف أقل قسوة يسمح بمرور المساعدات الإنسانية، إلا أن ترامب قرر العودة إلى التصنيف الأشد في خطوة وصفها كثيرون بأنها رد فعل على تهديدات أنصار الله المتزايدة للأمن الإقليمي والدولي.
كان تصنيف الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية جزءًا من سياسة ترامب في التعامل مع الجماعة بعد عام 2020، حيث اتخذت الإدارة الأمريكية خطوات أكثر حدة ضد الحوثيين، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية. لكن، وبالتزامن مع جهود الأمم المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار في اليمن، قام بايدن بإلغاء التصنيف في خطوة تهدف إلى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث يعيش ملايين الأشخاص في ظروف إنسانية مأساوية بسبب النزاع المستمر. واعتبر البعض أن قرار بايدن كان مدفوعًا بالمخاوف من تأثير التصنيف على الوضع الإنساني، بينما كان آخرون يرون أنه خطوة نحو فتح المجال للوساطات الدولية في اليمن.
لكن، مع عودة ترامب إلى التصنيف السابق، أعاد الجدل حول تأثير هذه الخطوة على المدنيين في اليمن والأزمة الإنسانية التي تواجهها البلاد. فالتصنيف الجديد، الذي يحظر التعامل مع الجماعة بشكل غير مباشر، يمكن أن يؤدي إلى عقوبات واسعة على الأفراد والمنظمات التي تتعامل مع الحوثيين، بما في ذلك الحظر على الوصول إلى الأنظمة المالية الدولية. ويرى البعض أن هذا التصنيف يمكن أن يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية، ويؤدي إلى شلل إضافي في جهود الإغاثة الإنسانية.
الآراء المتباينة حول التصنيف
بينما يرى البعض أن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية سيسهم في الضغط على الجماعة للحد من تصرفاتها، يرى آخرون أن هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن. فالباحث في الشؤون اليمنية، عبد الغني الأرياني، حذر من أن هذا التصنيف سيؤدي إلى صعوبات هائلة في تقديم المساعدات الإنسانية، لأنه سيشمل العقوبات ليس فقط على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ولكن على جميع المناطق اليمنية، بما في ذلك تلك التي تسيطر عليها الحكومة. وأضاف أن المصارف اليمنية التي تقع تحت سيطرة الحوثيين ستواجه أزمة مالية خطيرة، مما سيؤثر على الاقتصاد بشكل عام.
من جانبها، أكدت جماعة أنصار الله أن التصنيف الأمريكي لن يؤثر على مواقفهم، حيث وصف عضو المكتب السياسي للجماعة ضيف الله الشامي القرار الأمريكي بأنه "ليس جديدًا"، مؤكدًا أن الجماعة مستعدة لمواجهة أي تداعيات قد تترتب على التصنيف. وأضاف أن العداء مع الولايات المتحدة هو أمر طويل الأمد وأن أي تصنيف أمريكي لن يغير من هذا الوضع. وتعتبر الجماعة أن التصنيف جزء من استراتيجية أمريكية ضد الشعب اليمني ككل، وليس ضد الجماعة فقط، حيث يرى البعض في صنعاء أن القرار هو بمثابة استهداف للشعب اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب.
الضغوط العسكرية والإقليمية
جاء قرار إعادة التصنيف في وقت حساس بعد تصعيد الهجمات اليمنية ضد أهداف إسرائيلية وسفن شحن في البحر الأحمر، وهو ما زاد من الضغط الأمريكي والإسرائيلي على الجماعة.
و يرى خبراء أن هذا التصنيف قد يعيق المفاوضات الدولية حول وقف النزاع في اليمن، حيث أن هذا التصنيف قد يمنع أي مفاوضات مباشرة مع الحوثيين، مما يقتل أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي. ويرى الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، عبد الغني الأرياني، أن القرار الأمريكي سيصعب التوصل إلى تسوية سلمية، كما أنه قد يدفع الأطراف الدولية إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا، مما يطيل أمد الصراع.
الآثار على اليمن والصراع المستمر
تظل الأوضاع الإنسانية في اليمن في غاية الصعوبة، حيث يعاني ملايين المدنيين من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد. وتزداد تعقيدات الأزمة مع استمرار التصعيد العسكري في مختلف الجبهات.