كشف نائب رئيس الخدمات الطبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي "آفي بنوف" أن بعض الأسيرات الإسرائيليات اللواتي تم إطلاق سراحهن في المرحلة الأولى من صفقة الأسرى، مكثن في أنفاق حركة حماس لمدة ثمانية أشهر وتم نقلهن بين مواقع متعددة تحت الأرض. وذكر بنوف أنه "تم أسر بعضهن بمفردهن، بينما تم أسر أخريات معًا. وكان الوضع الجسدي لأولئك اللاتي كنّ معًا أفضل".
وأشار بنوف إلى أن الأسيرات ذكرن أن معاملتهن كانت حسنة، وتحسنت بشكل خاص في الأيام التي سبقت إطلاق سراحهن، حيث تم تغيير ملابسهن، استحمامهن، وتقديم طعام جيد لهن. وأضاف قائلاً: "لقد بدين في حالة جيدة وابتسمن في مقاطع الفيديو التي ظهرت خلال إطلاق سراحهن". ولم يُشِر إلى ما إذا كانت أي منهن قد تعرضت للتعذيب أو الإساءة خلال فترة الأسر.
تأتي هذه الشهادة من جيش الاحتلال لتدعيم فكرة التعامل الإنساني من قبل المقاومة الفلسطينية مع أسرى الاحتلال، وهو ما يعكس أسس المعاملة القائمة على الضوابط الأخلاقية والدينية. وذلك في الوقت الذي تحاول فيه حكومة الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة الجماعية تشويه صورة المقاومة الفلسطينية من خلال نسج روايات ودعايات كاذبة على مستوى العالم.
من جهة أخرى، خرج الأسرى الفلسطينيون في صفقة التبادل الأخيرة بين المقاومة والاحتلال بملابس رثة وخفيفة لا تقيهم من برد الطقس، وأجساد هزيلة أنهكها المرض والتجويع نتيجة للإجراءات القاسية التي اتبعتها سلطات الاحتلال بحقهم على مدار 15 شهراً. وقد كشف بعض الأسرى المفرج عنهم عن تفاصيل تعرضهم للتعذيب المكثف في الأيام التي سبقت إطلاق سراحهم.
وذكر الأسير المحرر مهدي عكاف من مدينة قلقيلية أن الأسرى تعرضوا لتعذيب عنيف فور نقلهم من السجون المركزية إلى سجن عوفر تمهيدًا للإفراج عنهم. وأضاف أن جنود الاحتلال قاموا بضربهم خلال نقلهم من سجن النقب إلى سجن عوفر، ثم تم ترويعهم باستخدام الكلاب البوليسية وحرمانهم من الطعام والنوم بعد وصولهم إلى سجن عوفر.
وأكد الأسير المحرر محمد عمر زايد من بلدة بيت لقيا أنهم تعرضوا للضرب والإهانة لمدة 36 ساعة قبل الإفراج عنهم، كما أجبروا على حلق رؤوسهم على نمرة صفر. وأضاف أن سجاني الاحتلال مارسوا ضدهم شتى أنواع التعذيب بعد انتهاء الحرب. من جانبه، قال الأسير المحرر عبد الله هاشم من بيت لحم في مقابلة صحفية، إنه وزملاءه تعرضوا للتعذيب والشبح والحرمان من النوم والطعام طوال الأيام الأربعة التي سبقت الإفراج عنهم.
وأشار الأسير المحرر محمد فواغرة من بيت لحم إلى أن جنود الاحتلال استمروا في تعذيبهم حتى لحظات الإفراج عنهم بدوافع الحقد والانتقام.
وبذلك، بات العالم بأسره يشهد الفارق الكبير بين أخلاقيات المقاومة الفلسطينية في التعامل مع الأسرى ووحشية الاحتلال الإسرائيلي، رغم محاولات الاحتلال المكثفة لتشويه صورة المقاومة. هذه المقارنة الفاضحة تظهر بوضوح التباين في أساليب التعامل مع الأسرى، ويؤكد أن الخطاب العالمي قد فصل بشكل نهائي بين المقاومة التي تتمسك بالقيم الإنسانية والاحتلال الذي ينتهكها بشكل مستمر.