التحديات المستقبلية لقوات سوريا الديمقراطية بعد انهيار نظام الأسد

2025.01.26 - 11:04
Facebook Share
طباعة

 يعد حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ومشروعه المتمثل بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، جزءًا من تحالفات استراتيجية مع النظام السوري السابق. هذه التحالفات شملت اتفاقيات أمنية واقتصادية وعسكرية مشتركة ساعدت في الحفاظ على الوضع القائم في مناطق سيطرة قسد، مثل تواجد القوات النظامية في مناطق مثل الحسكة والقامشلي، واستمرار السيطرة على حيّي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب بيد التنظيمات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي.


التفاهمات بين قسد والنظام السوري كان لها دور في السماح بحرية نسبية للحركة العسكرية والأمنية للطرفين، كما أفضت اتفاقية سوتشي 2019 إلى إقامة نقاط عسكرية مشتركة بين الطرفين في مناطق التماسّ مع الجيش الوطني التركي على الحدود السورية الشمالية. كما قامت قسد بتوفير تدفق شحنات النفط والغاز من مناطق سيطرتها إلى النظام عبر شركة أرفادا النفطية التابعة لعائلة القاطرجي منذ عام 2012.


رغم هذه التحالفات، لم يتمكن حزب الاتحاد الديمقراطي من الحصول على اعتراف أو دعم سياسي من النظام السوري لمشروعه أو لإدارة قسد الذاتية. بالمقابل، استخدم الحزب هذه التنسيقات لتعزيز علاقاته مع روسيا وإيران، ما أتاح له حماية ومكاسب عسكرية وأمنية، إلا أنه لم يحقق تقدما على مستوى الشرعية السياسية.


مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، أصبح هذا التغيير المفاجئ تحديًا كبيرًا لمستقبل حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد، خاصة بعد انسحاب القوات الروسية من مناطق عديدة في سوريا، بما في ذلك مناطق سيطرة قسد في الحسكة وحلب. كما انسحبت القوات التابعة لايران، التي كانت تشارك قسد والنظام السوري في عمليات مشتركة. أدى هذا الانسحاب إلى تراجع القدرة الدفاعية لقسد عن مناطقها الحيوية.

 

هذا التطور جعل قسد تفتقد إلى الدعم الدولي الذي كانت تعتمد عليه سابقًا، ما عدا دعم أمريكي جزئي ومشروط، يتوقف على دور قسد كشريك رئيسي للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في مكافحة تنظيم داعش في العراق وسوريا.


بعد هذا الانسحاب، قامت قسد بالانتشار في مناطق سيطرة النظام السابق على الضفة المقابلة لنهر الفرات، واستولت على مستودعات الأسلحة والمعدات العسكرية التابعة للنظام. وعلى الرغم من بعض التحركات للتفاوض مع الإدارة السورية الجديدة، لم تسفر الاجتماعات بين قسد والنظام عن تقدم ملموس، باستثناء تأكيد قسد على أنها ستكون جزءًا من الجيش السوري الجديد.


ومع استمرار الاشتباكات بين قسد والجيش الوطني في مناطق شمال سوريا، وتزايد عمليات القصف الجوي التركي على مواقع قسد، أصبح الموقف التركي متوازنًا بين الضغط العسكري على قسد وتنسيقه مع الأمريكيين والإدارة السورية الجديدة. تركيا تسعى إلى تفكيك قسد ووحدات حماية الشعب الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في سوريا، في حين يبقى الموقف الأمريكي غامضًا ويعتمد على التطورات السياسية المقبلة.


من جهة أخرى، لا يزال التنسيق الدولي يتواصل بين تركيا والولايات المتحدة والعراق لضمان تأمين المخيمات والمعتقلات التي تضم عناصر داعش وأسرهم، فضلاً عن ضمان استمرارية العمليات العسكرية المشتركة بين التحالف الدولي وقسد. لكن، قد تتغير الأمور إذا فشلت الجهود التفاوضية، مما قد يدفع تركيا إلى التدخل العسكري المباشر ضد قسد.


في النهاية، لا يبدو أن مصير قسد سيكون مختلفًا عن مصير أي فصيل عسكري آخر في سوريا. فالتعامل معها يتم بناءً على الظروف الأمنية والتفاوضية، ولا تحتفظ بأي خصوصية مناطقية أو عرقية. إلا أن الأهمية الاستراتيجية للمناطق التي تسيطر عليها قسد، إضافة إلى المخاوف الأمنية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني وداعش، قد تجعل من معالجة وضعها مسألة معقدة، تستوجب تنسيقًا طويل الأمد على المستوى الإقليمي والدولي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2