حذر محلل الشؤون العربية بصحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، من أن إسرائيل قد تكون تبني آمالاً غير واقعية على نوايا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وإستراتيجيته تجاه إيران ومنطقة الشرق الأوسط.
وأشار بارئيل إلى أن ترامب قام بإقالة براين هوك، الذي كان مبعوثه الخاص إلى إيران خلال ولايته الأولى، مبررًا ذلك بأنه "لا يتماشى مع رؤيتنا لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". وحل محله مايكل ديمينو، نائب وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، الذي يرى بارئيل أنه لا يمثل الخيار الذي كان يأمله دعاة الحرب في إسرائيل.
وأوضح أن ديمينو سبق أن وصف في فبراير/شباط الماضي من يعتقدون أن إيران تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط بأنهم "مروجو خوف لا أساس له من الصحة". وفي الشهر نفسه، صرح ديمينو بأن مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تتراوح بين "ضئيلة ومعدومة"، مضيفًا أن المنطقة لم تعد تكتسب أهمية إستراتيجية كبرى بالنسبة لواشنطن.
كما أشار ديمينو إلى الهجوم الإيراني على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واصفًا إياه بأنه "معتدل إلى حد ما"، وأشاد بالرئيس الأميركي السابق جو بايدن لوقوفه ضد تصعيد إسرائيلي موسع ضد إيران.
الاتفاقية الروسية-الإيرانية:
تناول بارئيل في مقاله اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان قبل ثلاثة أيام فقط من تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
ووفقًا للاتفاقية، فإن التعاون الروسي الإيراني يشمل عدة مجالات عسكرية واقتصادية وثقافية، ويمتد لفترة 20 عامًا مع خيار التمديد.
وأوضح المحلل أن الاتفاقية تهدف إلى تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي لإيران وتعويضها عن الضربات التي تلقتها خلال حربي غزة ولبنان، بالإضافة إلى النفوذ الذي فقدته في سوريا مع سقوط نظام بشار الأسد.
إلا أن بارئيل شدد على أن أحد البنود الرئيسية في الاتفاق يثير تساؤلات بشأن القيمة الإستراتيجية الحقيقية له. فقد نص الاتفاق على أن روسيا وإيران لن تساعدا أي دولة تهاجم إحداهما، لكنه لم يُلزم الدولتين بالوقوف إلى جانب بعضهما البعض في حالة تعرض أي منهما لهجوم.
وقارن بارئيل ذلك ببند الدفاع المشترك في ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يفرض على الأعضاء الدفاع عن بعضهم في حالة تعرض أي عضو لاعتداء.
انتقادات داخل إيران:
وأشار الكاتب إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية لاحظت ما وصفته بالضعف الإستراتيجي في الاتفاقية، وأن البرلمان الإيراني استغرق أكثر من عامين لدراستها قبل الموافقة عليها.
وذكر أن النواب الإيرانيين أعربوا عن استيائهم من إخفاق روسيا في الوفاء بعدة وعود، من بينها الاستثمار في تطوير حقول الغاز الطبيعي الإيرانية، فضلًا عن تعثر البرنامج المشترك للتحرر من الاعتماد على الدولار الأميركي.
وفي الوقت نفسه، لفت بارئيل إلى أن الصين، التي لديها اتفاقية تعاون اقتصادي مع إيران بقيمة مئات المليارات من الدولارات، لم تلتزم فعليًا بالدفاع عن إيران أو تنفيذ الاتفاقية بجدية.
موقف إسرائيل:
وقال بارئيل إن نجاح إسرائيل في كسر ما وصفه بـ"حلقة النار الإيرانية"، والتي تشمل محور المقاومة، دفعها إلى الاعتقاد بأن كل المؤشرات تؤكد إمكانية شن هجوم واسع النطاق على المنشآت النووية الإيرانية.
ومع ذلك، حذر الكاتب من أن أي شخص يقرع "طبول الحرب ضد إيران" على أمل الحصول على ضوء أخضر من واشنطن قد يواجه خيبة أمل كبيرة.
وأكد في ختام تحليله أن إسرائيل قد تكون تراهن على دعم أميركي لا يبدو مضمونًا، خاصة في ظل المؤشرات التي تشير إلى عدم استعداد الولايات المتحدة للانخراط في مواجهة مباشرة مع إيران أو إعادة ترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط.