مع عودته إلى البيت الأبيض، يطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطاباً تنصيبيًا يعكس عودة قوية لمحاور سياسية طالما تبناها، لكن بنبرة أكثر حدة ووضوحًا.
يعود ترامب لتأكيد عظمة أميركا في الساحة العالمية، وعينه على صفقات اقتصادية ضخمة، سواء مع الحلفاء أو المنافسين، وتظهر تلك السياسات التوسعية التي أطلقها في خطاباته، منذ اليوم الأول في ولايته الثانية، مخاوف وقلقًا متزايدًا بين حلفاء أميركا قبل خصومها.
في خطاباته الأخيرة، أعاد ترامب التأكيد على عزم بلاده "استعادة" قناة بنما من قبضة الصين، متحدثًا عن ضرورة السيطرة على جزيرة غرينلاند لضمان الأمن الدولي. كما أشار إلى أفكار توسعية تتضمن ضم كندا وتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا، في تأكيد على رؤيته لتغيير النظام العالمي سواء سياسيًا أو جغرافيًا.
وأشار تحليل لصحيفة الإيكونوميست إلى أن ترامب يمثل أول رئيس أميركي منذ أكثر من 100 عام يطرح فكرة إنشاء أراض أميركية جديدة.
من جانب آخر، يواجه حلفاء أميركا تحديات كبيرة في التكيف مع سياسات ترامب، ففي إطار شعاره "أميركا أولاً"، يعمل ترامب على فرض سياسات اقتصادية تعتمد بشكل أساسي على المصلحة الأميركية، ما يهدد القيم المشتركة التي كانت تمثل الأساس لشراكات أميركا التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية.
كما أن ترامب يتجه نحو تغيير موازين القوة في السياسة الدولية، مهددًا بفرض رسوم على حلفاء أوروبا، ومطالبًا بزيادة الإنفاق الدفاعي داخل حلف الناتو إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشعر أوروبا بتزايد الضغط من الإدارة الأميركية الحالية، خصوصًا مع السياسات التي تتسم بالانكفاء والتركيز على المصلحة الاقتصادية البحتة، وبالنسبة للعديد من المحللين، فإن ترامب يسعى إلى هيمنة أميركية على المسرح العالمي دون مراعاة العلاقات التاريخية التي تربط واشنطن بحلفائها الأوروبيين.
ويؤكد هذا التوجه أيضًا كلمات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حذر من صدامات محتملة بين أوروبا وأميركا في ظل سياسات ترامب، ويشير المحللون إلى أن الحلفاء الأوروبيين قد يواجهون تحديات قد تصل إلى انفصال مؤلم مع الولايات المتحدة بعد عقود من الشراكة القائمة على التحالفات العسكرية والأمنية.
وفي سياق سياسة ترامب التوسعية، تسلط بوليتيكو الضوء على خطط الرئيس لزيادة السيطرة على مناطق استراتيجية في نصف الكرة الغربي، بما في ذلك غرينلاند وقناة بنما وكندا، وهو ما يعكس رغبة في استعادة "المجال الحيوي" الذي كان جزءًا من السياسات الاستعمارية التقليدية.
ختامًا، يشير الخبراء إلى أن ترامب رغم تهديداته التي قد تكون تكتيكية، فإن توجهاته التوسعية تثير قلقًا بين حلفاء أميركا، وستستمر في تشكيل خرائط جيوسياسية جديدة.