يواجه الأكراد في شمال شرق سوريا تهديدات متصاعدة من تركيا التي تسعى للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني. تضاف إلى ذلك المواجهات المستمرة مع الفصائل السورية الموالية لتركيا، التي تخوض معارك ضد المناطق الكردية، في محاولة لفرض هيمنتها بدعم تركي مباشر.
في ظل هذه المعطيات، تبدو خيارات الأكراد محدودة، خاصة مع غياب الدعم الكافي من القوى الدولية الفاعلة. ومع وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لحكام دمشق الجدد بأنهم "صنيعة تركية"، يصبح الأكراد في مواجهة أعداء متعددين، حيث تسعى كل من تركيا وحلفائها إلى تفكيك مشروع الإدارة الذاتية الكردية والسيطرة على المناطق التي يديرونها.
ورقة الضغط: مخيم الهول
يمثل مخيم الهول ورقة ضغط رئيسية بيد الأكراد، حيث يضم عشرات الآلاف من الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش، بينهم آلاف المقاتلين وأسرهم. المخيم تحت السيطرة الكردية، ويعد مصدرًا للقلق الدولي بسبب التهديد الأمني الذي يمثله سكانه.
من خلال إعلانها الأخير بشأن إعادة سكان المخيم إلى مناطقهم، تُظهر الإدارة الذاتية قدرتها على استخدام هذه الورقة للضغط على الأطراف المختلفة، خاصة تركيا والولايات المتحدة. إذا تم إطلاق سراح سكان المخيم، فإن ذلك قد يشكل تهديدًا مباشرًا لتركيا، التي ستواجه تدفقًا محتملاً لعناصر داعش عبر الحدود، وأيضًا للمصالح الأمريكية، التي لا تزال ترى في داعش تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي.
الرسالة الضمنية
الإدارة الذاتية الكردية ترسل رسالة واضحة: إذا لم يتم دعمها في مواجهة التهديدات التركية، وإذا لم يتم وقف مشروع أنقرة للسيطرة على مناطقها، فإنها قد تتخلى عن مسؤوليتها في حراسة مخيم الهول، ما سيحول هذا الملف إلى أزمة أمنية إقليمية ودولية. بهذا التصرف، تحاول الإدارة الكردية ابتزاز كل من تركيا، الولايات المتحدة، وحتى الفصائل السورية الموالية لأنقرة، لتغيير المعادلة الحالية.
في ظل تصاعد الضغوط العسكرية والسياسية على الأكراد، يبدو أن الإدارة الذاتية الكردية تسعى لاستخدام ملف مخيم الهول كورقة ضغط استراتيجية. التهديد بالتخلي عن المخيم يهدف إلى إثارة القلق الدولي وإجبار الأطراف المعنية، وخاصة تركيا والولايات المتحدة، على مراجعة سياساتها تجاه القضية الكردية في سوريا.