أثار وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو جدلًا واسعًا بتصريحاته الأخيرة حول الحجاب في الرحلات المدرسية، اذ أعلن الوزير نيته العمل على منع ارتداء الحجاب من قبل الأمهات المرافقات للتلاميذ في هذه الأنشطة، واصفًا الرحلات المدرسية بأنها "امتداد للمدارس خارج أسوارها".
توسيع نطاق قانون 2004
أشار ريتايو في مقابلة إذاعية إلى أن قانون 2004، الذي يحظر ارتداء الحجاب وأي رموز دينية داخل المؤسسات التعليمية الرسمية، يجب أن يشمل الرحلات المدرسية، وبرر ذلك بأن هذه الأنشطة تعد جزءًا من النشاط المدرسي، وبالتالي يجب أن تخضع للقواعد ذاتها.
تستعين المدارس الفرنسية عادةً بمتطوعين من أولياء الأمور لمرافقة التلاميذ في الرحلات المدرسية، وغالبًا ما تكون هؤلاء المتطوعات من الأمهات، ومنهن من ترتدي الحجاب، وأكد ريتايو أن هؤلاء النساء يجب أن يلتزمن بالقانون، معتبرًا أن الحجاب يمثل "رمزًا للإسلاموية ودليلًا على خضوع المرأة للرجل".
وأوضح الوزير أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود أوسع لمكافحة ما وصفه بانتشار "الإسلاموية المتشددة" في الفضاء العام، بما في ذلك الأنشطة الرياضية والمدرسية، وأضاف: “علينا حماية القيم الجمهورية والتصدي لمحاولات فصل المجتمع المسلم عن التيار الرئيسي في فرنسا”.
ليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع الحجاب في الرحلات المدرسية، ففي عام 2021، تقدم ريتايو بمشروع قانون يمنع ارتداء الرموز الدينية خلال هذه الأنشطة، وتمت الموافقة عليه في مجلس الشيوخ، لكنه قوبل بالرفض في مجلس النواب.
كما أصدر مجلس الدولة الفرنسي رأيًا قانونيًا عام 2013، ينص على أن المرافقين في الرحلات المدرسية ليسوا موظفين حكوميين، وبالتالي لا يخضعون لقانون 2004، ورغم ذلك، يسعى ريتايو الآن لتغيير هذا الوضع القانوني، مؤكدًا أهمية الحزم في مواجهة ما وصفه بتحديات الإسلام السياسي.
جاءت تصريحات الوزير في سياق إحياء فرنسا للذكرى العاشرة لهجوم "شارلي إيبدو"، مما أعطى القضية بعدًا رمزيًا وسياسيًا أعمق، واعتبر الوزير أن الإسلام السياسي يشكل تهديدًا للأمة الفرنسية، متهمًا أنصاره بالسعي لتقويض التماسك الوطني وفرض قوانين الشريعة.
تثير هذه التصريحات انقسامًا حادًا في المجتمع الفرنسي، بين من يرى فيها دفاعًا عن القيم الجمهورية، ومن يعتبرها استهدافًا غير مبرر للمسلمين وتقويضًا لمبادئ الحرية والمساواة، ومن المتوقع أن تفتح تصريحات ريتايو الباب لمزيد من النقاشات الحادة حول مكانة الحجاب في الفضاء العام ودور الدولة في تنظيمه.