حادثة قتل تكشف انتهاكات جديدة
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تحقيق استقصائي، تفاصيل حادثة مروعة وقعت خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة.
القصة تتعلق بقيام قائد في لواء ناحال الإسرائيلي بإطلاق النار على أسير فلسطيني كان يُستخدم كدرع بشري لتفتيش المباني، وأوضحت الصحيفة أن القائد أطلق النار على الأسير بعد اكتشافه داخل مسكن، دون علمه بأن وجوده كان بموافقة جيش الاحتلال.
في تعليق رسمي على الحادثة، أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بوقوعها، مشيرًا إلى أنه تم التحقيق فيها على مستوى قيادة اللواء، وأنه "تم استخلاص العبر" وتطبيقها في العمليات الجارية، ومع ذلك، أثارت هذه الحادثة موجة من التساؤلات حول استمرار انتهاكات القانون الدولي واستخدام المدنيين الفلسطينيين كوسيلة لحماية الجنود الإسرائيليين.
انتهاكات موثقة بالصور
في يونيو/حزيران الماضي، نشرتوسائل إعلام صورًا تُظهر لجوء قوات الاحتلال إلى استخدام أسرى فلسطينيين، بعضهم مصابون، كدروع بشرية أثناء المعارك في غزة، وتوثق الصور مشاهد صادمة، منها ربط الأسرى بحبال، وتثبيت كاميرات على أجسادهم، وإجبارهم على دخول منازل مدمرة قبل تفتيشها.
هذه الصور تعيد للأذهان مشاهد مماثلة وثقتها منظمات حقوقية في أوقات سابقة.
"شاويش": مصطلح يبرر الجريمة
في تقرير آخر نشرته صحيفة هآرتس في أغسطس/آب، وردت تفاصيل عن استخدام الجنود الإسرائيليين لمصطلح "شاويش" لوصف الأسرى الفلسطينيين الذين يجبرونهم على القيام بهذه المهام الخطيرة، وأظهرت التحقيقات أن الجنود يعتمدون على هؤلاء الأسرى لإجراء عمليات البحث الأولية عن الأفخاخ والمتفجرات داخل المباني، قبل دخول القوات.
وتداول الجنود عبارات تكشف استهانتهم بحياة الفلسطينيين، مثل: "حياتنا أهم من حياتهم"، و"من الأفضل أن يكون الشاويش هو من ينفجر بأي عبوة ناسفة"، هذه التصريحات تؤكد غياب أي اعتبارات إنسانية في التعامل مع الأسرى.
شهادات إنسانية من الضحايا
في أكتوبر/تشرين الأول، نشرت شبكة سي إن إن شهادات جديدة لفلسطينيين، بينهم مراهقون، أكدوا أنهم أُجبروا على العمل كدروع بشرية، وتحدث أحد هؤلاء الضحايا عن تجربة استخدامه كدرع بشري خلال ما وصفه الجنود بـ"بروتوكول البعوض"، وفقًا لهذه الشهادات، يُجبر الفلسطينيون على تنفيذ مهام خطرة تحت تهديد السلاح، مثل دخول مناطق مشبوهة أو حمل أمتعة يُشتبه بأنها مفخخة.
جذور الظاهرة وتاريخها
ليست هذه الممارسات جديدة، ففي عام 2002، خلال عملية "الدرع الواقي" في الضفة الغربية، وثقت منظمات حقوقية استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ"بروتوكول الجار"، حيث كان الجنود يُجبرون المدنيين الفلسطينيين على دخول المنازل للبحث عن أفخاخ أو مطلوبين.
ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت في عام 2005 حكمًا يمنع استخدام المدنيين كدروع بشرية، إلا أن الوقائع الموثقة تشير إلى استمرار هذه الممارسات حتى اليوم، ووصفت المحكمة هذه الانتهاكات بأنها مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وأمرت رئيس الأركان آنذاك، دان حالوتس، بالالتزام بتنفيذ الحكم، ولكن التقارير الميدانية تؤكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف عن هذه الانتهاكات.
المنظمات الحقوقية تدق ناقوس الخطر
تصاعدت دعوات المنظمات الحقوقية محليًا ودوليًا لوقف استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، ووثقت منظمات مثل بتسيلم وهيومن رايتس ووتش هذه الجرائم مرارًا، ورفعت التماسات إلى القضاء الإسرائيلي، ومع ذلك، يشير استمرار هذه الممارسات إلى غياب الإرادة السياسية أو العسكرية للالتزام بقرارات القضاء.
انعكاسات دولية
الانتهاكات الموثقة تضع "إسرائيل" في مواجهة انتقادات دولية متزايدة، القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسه اتفاقيات جنيف، يحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية، ويعتبره جريمة حرب، ومع تزايد الأدلة، يواجه المجتمع الدولي تحديًا كبيرًا في مساءلة "إسرائيل" على هذه الممارسات، خاصة في ظل غياب آليات دولية فعالة للضغط على الحكومة الإسرائيلية.