الجانب الخفي للأزمة السياسية في كوريا الجنوبية

جوني نكد

2024.12.30 - 01:24
Facebook Share
طباعة

 تعيش كوريا الجنوبية واحدة من أكثر الأزمات السياسية إثارة للجدل في تاريخها الحديث، بعد الكشف عن تفاصيل مذهلة تتعلق بمحاولة فاشلة لإعلان الأحكام العرفية. في قلب هذه الأزمة، برزت اتهامات تربط بين الشخصيات المقربة من الرئيس يون سوك يول وممارسات سحرية وشامانية، مما أثار عاصفة من الانتقادات والتساؤلات حول دور هذه الممارسات في صياغة قرارات سياسية على أعلى مستوى.


المحاولة الفاشلة لإعلان الأحكام العرفية
بدأت الأزمة مع تصويت البرلمان الكوري الجنوبي على عزل الرئيس يون سوك يول في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعد فشل خطته لإعلان الأحكام العرفية، اذ تولى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام الرئاسة مؤقتًا، بينما يترقب الجميع قرار المحكمة الدستورية المتوقع خلال الأشهر الستة المقبلة بشأن مصير الرئيس.


إلا أن تفاصيل جديدة ظهرت لتكشف عن أبعاد غير متوقعة للأزمة، حيث أظهرت التحقيقات أن قادة بارزين، منهم قائد استخبارات الدفاع السابق نوه سانغ وون، كانوا وراء التخطيط لهذه المحاولة المثيرة للجدل، واللافت أن نوه له تاريخ مرتبط بممارسات الشامانية، وهو ما أضفى بُعدًا غير تقليدي على الأزمة.


دليل مكتوب بخط اليد
خلال تفتيش الشرطة لمكتب نوه، الذي يديره كمركز لقراءة الطالع في مقاطعة غيونغي، تم العثور على دفتر مكتوب بخط اليد يحتوي على 60 صفحة من الخطط المتعلقة بالأحكام العرفية، وتضمن الدفتر تفاصيل مثل "حصار الجمعية الوطنية (البرلمان)"، وأسماء سياسيين وصحفيين وقادة دينيين وأعضاء نقابات عمالية، وحتى قضاة.


هذا الاكتشاف أثار تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين التخطيط السياسي وممارسات السحر، ورغم أن نوه كان يدير عملاً في قراءة الطالع، كان يزور بانتظام كاهنة شامانية طلبًا للتوجيه، ما يثير الشكوك حول تأثير الشامانية على قراراته.


الرئيس وزوجته: اعتماد مفرط على الخرافات؟
لم تكن هذه الممارسات غريبة على الرئيس يون سوك يول وزوجته كيون هيي، وتشير التقارير إلى أنهما اعتمدا بشكل كبير على العرافين والطقوس الشامانية منذ فترة طويلة، وهو أمر برز إلى السطح حتى قبل وصوله إلى الرئاسة، ويرى محللون أن هذا الاعتماد الشديد على العرافة يُعزى إلى افتقارهما للخبرة السياسية وصعودهما المفاجئ إلى السلطة، ما دفعهما للبحث عن المشورة من مصادر غير تقليدية.


الشامانية في السياق الثقافي والسياسي
الشامانية جزء من التراث الكوري التقليدي، إلا أنها غالبًا ما ترتبط بالخرافات والممارسات الروحية التي أثارت الجدل في مجتمع يسوده الطابع العلماني الحديث، حيث يعيد انخراط قادة سياسيين بارزين في هذه الممارسات إلى الأذهان فضائح سابقة، مثل الفضيحة التي أطاحت بالرئيسة السابقة بارك غن هي، والتي تضمنت أيضًا تورطها مع مستشارين ذوي خلفيات شامانية.


ردود الفعل الشعبية
أثارت هذه الكشفيات موجة من الاستياء في الشارع الكوري، ويرى البعض أن اعتماد قادة سياسيين على ممارسات سحرية يعكس انعدام النزاهة والاحترافية، في حين يعتبر آخرون أن القضية تعكس أزمة أعمق تتعلق بالثقة في النظام السياسي.


تداعيات القضية
بينما ينتظر الكوريون بفارغ الصبر قرار المحكمة الدستورية بشأن إقالة الرئيس، يبقى السؤال الأبرز: إلى أي مدى أثرت الشامانية والممارسات الروحية على صناعة القرار السياسي في كوريا الجنوبية؟


تكشف هذه القضية عن تعقيدات تتجاوز السياسة التقليدية لتشمل تأثير التراث الثقافي والممارسات الروحية على القيادة الوطنية، ما يثير تساؤلات حول التوازن بين الحداثة والتراث في بلد يواجه تحديات سياسية واجتماعية كبيرة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3