الولايات المتحدة توقف مكافأتها وتبحث مع الشرع الانتقال السياسي في سوريا

سامر الخطيب

2024.12.21 - 10:42
Facebook Share
طباعة

 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وقف رصد المكافأة المالية التي كانت قد رصدتها في عام 2020، والمقدرة بعشرة ملايين دولار، مقابل أي معلومات تؤدي إلى القبض على أحمد الشرع، المعروف بـ "أبو محمد الجولاني"، قائد "القيادة العامة" في سوريا.


جاء ذلك بعد لقاء جمعه مع وفد أمريكي في دمشق يوم الجمعة 20 كانون الأول 2024، وهو اللقاء الأول من نوعه بين "القيادة العامة" والولايات المتحدة منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.


في مؤتمر صحفي عقد بعد اللقاء، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، أن الولايات المتحدة لن تواصل تقديم المكافآت مقابل معلومات عن الشرع، وقالت ليف إن الوفد الأمريكي أخبر الشرع رسميًا بهذا القرار، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار تطور العلاقات بين الجانبين بعد سنوات من العداء. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت في تشرين الثاني 2020 عن المكافأة المالية الكبيرة، معتبرةً الجولاني شخصية إرهابية على خلفية ارتباطه بتنظيم "جبهة النـ.ـصـ.ـرة" الذي ارتكب العديد من الجرائم في سوريا.


حضر الاجتماع أيضًا كل من سفير الولايات المتحدة في سوريا، روجر كارستينز، والسفير دانيال روبنشتاين. واعتبرت الزيارة الأولى من نوعها لدبلوماسيين أمريكيين إلى دمشق منذ عام 2012، خطوة هامة نحو تحسين العلاقات الثنائية بين الجانبين، وقال المسؤولون الأمريكيون إن هذه اللقاءات تعكس رغبة الولايات المتحدة في دعم عملية الانتقال السياسي في سوريا، التي تشرف عليها الأطراف السورية وتؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة تحترم حقوق جميع المواطنين.


تفاصيل اللقاء والنقاشات مع الشرع
تحدثت باربرا ليف عن أحمد الشرع في المؤتمر الصحفي، واصفة إياه بالشخص البراغماتي الذي عبر عن مواقف عملية ومعتدلة بشأن قضايا المرأة وحقوق الإنسان، وأضافت أن اللقاء كان مثمرًا للغاية، حيث تم التباحث حول مستقبل سوريا وتوجهات القيادة السورية الجديدة، وأشارت إلى أن الوفد الأمريكي ناقش مع ممثلي السلطة في دمشق المبادئ التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر العقبة، الذي عقد في الأردن، مؤكدين دعمهم لعملية سياسية يقودها السوريون.


من المواضيع التي تم التطرق إليها خلال اللقاء، كان ضرورة ضمان عدم السماح للجماعات "الإرهابية" بتهديد الاستقرار في سوريا، وهو ما أبدى أحمد الشرع التزامًا به، كما ناقش الوفد الأمريكي الدعم الفني الذي ستقدمه واشنطن إلى سوريا لتوثيق الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد، وخاصة تلك المتعلقة بالقبور الجماعية، وأكدت ليف أن القبور الجماعية ستكون أولوية في الجهود الأمريكية لتوثيق الانتهاكات.


كما تم بحث العقوبات الأمريكية على الحكومة السورية، حيث أكدت ليف أن "الولايات المتحدة ستواصل تقييم الوضع بناءً على الإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية الجديدة، ويجب أن تظهر هذه الحكومة تقدمًا حقيقيًا في مجال حقوق الإنسان والمساءلة".


دعم أمريكي لعملية الانتقال السياسي
على الرغم من التقدّم الحاصل في العلاقات الأمريكية مع "القيادة العامة"، إلا أن باربرا ليف شددت على ضرورة أن تترجم هذه النقاشات إلى أفعال ملموسة، وأوضحت أن الولايات المتحدة تتطلع إلى إحراز تقدم بشأن المبادئ التي تم الاتفاق عليها، وخاصة تلك المتعلقة بالشفافية والمساءلة وحقوق الأقليات، كما أعربت عن دعمها الكامل لعملية انتقال سياسي بقيادة سورية، تهدف إلى تحقيق حكم شامل وغير طائفي، يتفق مع مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254.


وأكدت ليف أن هذه العملية يجب أن تسهم في تعزيز حقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك حقوق الأقليات، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية، بالإضافة إلى ضمان عدم استخدام الأراضي السورية كقاعدة للإرهاب أو تهديد لجيرانها.


زيارة دبلوماسية في سياق تحولات كبرى
تعتبر هذه الزيارة بمثابة انعطافة هامة في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، خاصة في ضوء التغيرات التي شهدتها المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتعد هذه الزيارة كذلك الأولى لدبلوماسيين أمريكيين إلى دمشق منذ عام 2012، وهو ما يعكس تحولًا في المواقف الأمريكية تجاه أطراف الصراع السوري، بما في ذلك "القيادة العامة" التي يقودها الجولاني.


كما تطرقت النقاشات إلى التعاون في مجالات أخرى، مثل محاربة تنظيم "د ا ع ش"، والبحث عن المواطنين الأمريكيين المفقودين في سوريا، وعلى رأسهم الصحفي أوستن تايس والمواطن مجد كم الماز، الذي قتل تحت التعذيب، وأكدت ليف أن الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود الشعب السوري لتحقيق العدالة والمساءلة لضحايا النظام السوري.


ختامًا، لفت المسؤولون الأمريكيون إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التواصل مع الأطراف السورية، وأن الولايات المتحدة ستواصل العمل على تعزيز المبادئ التي تم التوصل إليها في مؤتمر العقبة، بالتعاون مع حلفائها وشركائها في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8