لماذا ارتفعت قيمة العملة السورية بعد سقوط نظام الأسد؟

رزان الحاج - وكالة أنباء آسيا

2024.12.14 - 11:31
Facebook Share
طباعة

 شهدت العملة السورية تحسنًا ملحوظًا عقب سقوط نظام بشار الأسد، حيث تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بشكل كبير من مستوى مستقر عند 15,000 ليرة لفترة طويلة إلى حوالي 11,500 ليرة حاليًا، مع الإشارة إلى أن سعر صرف الدولار كان قد قفز إلى مستوى قياسي بلغ 29,000 ليرة في دمشق و41000 في حلب، قبل يوم واحد فقط من سقوط النظام، ما يجعل التحسن الحالي أكثر إثارة للاهتمام. هذا التحول السريع أثار العديد من التساؤلات، خاصةً أن انهيار الأنظمة السياسية عادة ما يرتبط باضطرابات اقتصادية وانهيار في قيمة العملة.


في هذا التقرير، نستعرض العوامل التي قد تكون ساهمت في هذا التحسن غير المتوقع رغم الفوضى السياسية والأمنية.

1. تدخلات غير معلنة من أطراف خارجية
من المحتمل أن تكون هناك تدخلات غير معلنة من دول أو جهات دولية تسعى إلى استقرار الوضع الاقتصادي في سوريا لتجنب كارثة إنسانية أو انهيار اقتصادي كامل. هذه التدخلات قد تتضمن:
- ضخ سيولة نقدية في السوق.
- توفير دعم عبر قنوات غير رسمية لتأمين استقرار سعر الصرف.
- دور إقليمي محتمل لدول الجوار لضمان الحد الأدنى من استقرار الاقتصاد السوري.


2. توقف عمليات المضاربة المرتبطة بالنظام السابق
النظام السابق كان يعتمد على شبكات اقتصادية غير رسمية للمضاربة على العملة، مما ساهم في رفع سعر الدولار مقابل الليرة بشكل مصطنع، ومع سقوط النظام، توقفت هذه الأنشطة جزئيًا، مما أدى إلى تخفيف الضغط على العملة المحلية.


3. عودة الأموال المهربة إلى الداخل
سقوط النظام قد دفع بعض الشخصيات التي كانت تهرب الأموال أو تخزنها خارج البلاد إلى إعادة هذه الأموال للاستفادة من الفرص الاقتصادية الجديدة، هذا التدفق النقدي أدى إلى زيادة المعروض من الدولار، وبالتالي رفع قيمة الليرة.


4. التدفقات النقدية من السوريين المغتربين
قد يكون السوريون المغتربون استغلوا فرصة سقوط النظام لتحويل الأموال إلى عائلاتهم في الداخل أو للاستثمار في البلاد، زيادة التحويلات المالية من الخارج تعني تدفقًا أكبر للعملات الأجنبية، ما أدى إلى تحسن سعر الصرف.


5. تعزيز الثقة النفسية والجماعية
سقوط نظام الأسد قد أحدث تغييرًا نفسيًا لدى السوريين، حيث أصبح لديهم أمل بتحسن الوضع الاقتصادي في المستقبل، وهذا التفاؤل دفع العديد من المواطنين إلى زيادة التعامل بالليرة السورية بدلاً من العملات الأجنبية أو الذهب، مما عزز من قيمتها.


6. انخفاض الإنفاق الحكومي الضخم
مع انهيار النظام، توقفت أو تراجعت مؤقتًا بعض أشكال الإنفاق الحكومي الضخم، خاصةً المرتبطة بالقطاع العسكري أو الإداري. انخفاض هذا النوع من الإنفاق يخفف من حاجة الحكومة لطباعة المزيد من الأموال، مما يحد من التضخم ويدعم استقرار العملة.


7. تخفيف نشاط السوق السوداء

مع تغير الظروف السياسية، قد تكون السوق السوداء قد شهدت انخفاضًا في نشاطها، مما قلل من المضاربات على الدولار. توقف نشاط المضاربين يمنح العملة المحلية فرصة للتحسن في الأسواق الرسمية.


8. توقعات بتخفيف العقوبات الدولية
رغم أن العقوبات لم تُرفع بشكل رسمي، فإن الأسواق قد تتوقع تخفيفها مع تغير النظام السياسي، مما يؤدي إلى زيادة الثقة بالليرة السورية. توقعات الدعم الدولي في المستقبل القريب قد تكون انعكست بشكل إيجابي على قيمة العملة.


9. إعادة الهيكلة الاقتصادية
سقوط النظام قد يكون فتح الباب أمام محاولات لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري، حتى لو كانت هذه المحاولات غير معلنة بعد، الأسواق قد ترى في هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة، مما يعزز من قيمة العملة المحلية.


10 . عوامل أخرى
- التغير المفاجئ في النظام الاقتصادي: سقوط النظام أوقف أنشطة اقتصادية مُكلفة وغير شفافة كانت تستنزف الاقتصاد.
- استمرار الاقتصاد اليومي: القطاعات الاقتصادية الأساسية، مثل الزراعة والتجارة الصغيرة، استمرت في العمل، مما حافظ على النشاط الاقتصادي.
- مساعدات غير رسمية: قد تكون هناك تدفقات نقدية أو مساعدات دولية وصلت عبر قنوات غير مباشرة لتجنب الانهيار الكامل.


الخلاصة
تحسن قيمة العملة السورية بعد سقوط نظام الأسد يعكس مجموعة من العوامل المتشابكة، من التدفقات النقدية إلى التغيرات النفسية والجماعية، وتوقف أنشطة اقتصادية ضارة مرتبطة بالنظام السابق. ومع ذلك، يبقى هذا التحسن هشًا ما لم يترافق مع سياسات اقتصادية مستدامة ودعم دولي واضح. المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت هذه التحسنات ستستمر أو أنها مجرد حالة مؤقتة مرتبطة بالمرحلة الانتقالية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8