القطاع التعليمي في الجنوب يتخبّط وضبابيّة تلف العام الدراسي

مايا عدنان شعيب/ خاص وكالة أنباء آسيا

2024.08.30 - 12:32
Facebook Share
طباعة

كيف تتحضّر مدارس الجنوب للعام الدراسيّ الجديد؟ وما الصعوبات التي يواجهها الأهالي والطلاب والأساتذة على حدٍّ سواء؟

 

لا يزال مصير المدارس الرسميّة في الجنوب مجهولاً حتّى الساعة، فيما تبدو الأمور متّجهة إلى عدم فتح المدارس حضوريّاً، وإكمال التعليم "، وبحسب مصادر تربوية مطّلعة في محافظة بنت جبيل فقد علمت وكالتنا منها أن ثانويّتي عيناثا وميس الجبل باشرت التسجيل لحظة زيادة الأقساط، وهو ما يُشكّل عائقاً إضافيّاً للأهالي في تسديد الأقساط وعدم

إمكانيّة إلحاق أولادهم بالتعليم "أونلاين" بسبب انقطاع الكهرباء المتواصل والكلّيّ عن المنطقة ما يؤثّر على مقوّمات الحياة"، أمّا "ثانويّات بنت جبيل وعيترون وعيتا الشعب، فلم تُبلّغ طلّابها بعد بأيّ قرار عن بدء التسجيل".

 

الإشكاليّة التي تواجه طلّاب المدارس الرسميّة أيضاً أنّ بعضها لا قدرة استيعابيّة له على استقبال الطلّاب النازحين من بلدات مجاورة، كما حدث في مدرسة ميفدون الرسميّة في قضاء النبطية التي فاق عدد التلاميذ فيها على القدرة الاستيعابية رغم الجهود التي بذلتها الإدارة العام المنصرم في دمج التلامذة اللبنانيين النازحين مع النازحين السوريين في فترة

بعد الظهر والحاقهم بالمسيرة التعليمية لانقاذ عامهم الدراسي وقد تمت الخطة بنجاح بحسب ما أفادنا مصدر إداري في مدرسة ميفدون الرسمية.

 

إذن آليّة التسجيل لا تزال مبهمة حتّى الساعة، في انتظار قرار وزير التربية الذي قد يُلزم المدارس الرسميّة باستقبال النازحين، يضاف إلى هذه المعضلة التربوية مصير الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الثانوي والمهني ، وتسود ضبابيّة في مصيرهم العمليّ،إذ ليس هناك آليّة واضحة لعملهم وهم الذين نزحوا من القرى التي تتعرض للاعتداءات إلى

مناطق أكثر أمنًا.

 

وزارة التربية اكتفت بإرسال مذكرة في الأعمال التحضيرية للعام الحالي التي تقتصر على عمل ودوام الإداريين والمعلمين دون الإعلان الرسمي لتاريخ بدء العام الدراسي فيما علمت وكالتنا من مصادر في وزارة التربية أنّ الوزارة "تتريّث في إرسال مذكرة إعلان بدء العام الدراسي لأسباب وصفها المصدر باللوجستية ريثما يتم حسم ودراسة خطة

للمدارس والطلاب النازحين في الجنوب"، وقد رجّح المصدر أن يتم الإعلان عن هذه المذكرة بعد منتصف شهر أيلول القادم.

 

إذن أيّام قليلة تفصلنا عن انطلاق عام دراسيّ خامس مضطرب في لبنان، ولا يزال أهالي قرى الجنوب يعانون تخبّطاً حتّى الساعة وهم عاجزون عن شراء كتب وقرطاسيّة لعدم جلاء المشهد، في وقت تصل أقساط بعض المدارس الخاصّة إلى ألف دولار، وتفوق ذلك في مدارس أخرى فرنسيّة. أمّا أولياء الأمور الصامدون في بيوتهم جنوباً، فيرزحون

تحت وطأة تراجع سوق العمل وعدم توافر فرص حقيقيّة للمداخيل.

 

عامٌ دراسيٌّ يُقبل ولم تنتهِ الحرب في الجنوب، لم يكُن يتوقّع الطلاب وذووهم أن تمتدّ الأزمة لسنة إضافيّة، ما يفرض على بعضهم "نزوحاً تربويّاً قسريّاً" بعد نزوحهم الأوّل.

 

حالة تخبّط وضبابيّة يعيشها الأهالي في المنطقة الحدوديّة المواجهة للاحتلال واعتداءاته، خصوصاً ممَّن دُمّر منزله وبات عاجزاً عن العودة إلى قريته في الوقت الحاليّ، واضطراره إلى البحث عن بدائل سكنيّة وتربويّة في آنٍ معاً.

أمّا العائلات النازحة إلى قرى جنوبيّة تُعَدّ "آمنة"، أو إلى الضاحية الجنوبيّة لبيروت، فتواجه ضياعاً في تحديد مستقبل أولادها التعليميّ، بين التسجيل في مدراس في نطاق إقامتهم الموقّت، أو متابعة التعليم "أونلاين" كالعام الماضي، في ظلّ حالة عدم اليقين أمنيّاً.

 

وعلى الرغم من اشتداد الحرب واتّساعها في الأشهر الأخيرة، أثبت طلّاب الجنوب إصرارهم على التعلُّم وحصد نتائج متفوّقة في مختلف المراحل الأكاديميّة. تجربة التعليم "أونلاين" لم تكُن متكافئة بين المدارس الخاصّة والرسميّة في أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيّا العام الماضي، وما فاقم معاناة الطلاب حينها انقطاع الإنترنت بسبب تشويش

الطائرات المسيّرة الاستطلاعيّة، أو اضطرار عدد منهم إلى النزوح أكثر من مرّة وفقاً للتطوّرات الأمنيّة.

 

فكيف يبدو المشهد في المدارس الخاصة والرسمية جنوبًا؟

 

في جولة لقاءات واتصالات لوكالتنا مع المعنيين في القطاع التعليمي والتربوي بدت المدارس الخاصّة في الجنوب أكثر استعداداً لانطلاق العام الدراسيّ من المدارس الرسميّة التي لم يرشَح عن وزارة التربية أيّ قرارات بالمهل أو الآليّة بعد. وثمّة تفاوت بين إجراءات المدارس الخاصّة كلّ بحسب إدارته وموقعه الجغرافيّ وقدرته الاستيعابيّة.

 

إلى ذلك، لا يوحي بدء التسجيل في عددٍ من المدارس الخاصّة التي ستفتح أبوابها حضوريّاً للطلّاب في بلدتَي رميش وتبنين (قضاء بنت جبيل)، على سبيل المثال، بأنّ الإقبال سيكون كبيراً، فالمقيمون في تلك المنطقة محدود، وبالرغم من عدم تعرّضها للقصف اليوميّ كبلدات أخرى، إلّا أنّ ظروف العيش والعمل ومقوّمات الحياة ليست طبيعيّة.

 

التجربة الصيفية الناجحة في مدرسة الراهبات الأنطونيات في رميش دفعت الأهالي إلى "رفع كتاب إلى الوزارة لإعادة افتتاح المدرسة حضوريّاً على مسؤوليّاتهم"، لأنّ الأهالي في معظمهم يرفضون إكمال العام الدراسيّ الثاني عبر الـ"أونلاين"،وبعد أخذ وردّ حول مصير العام الدراسيّ، أُبلغ الأهالي بأنّ المدرسة ستفتح أبوابها "بمن حضر" مطلع تشرين

الأوّل المقبل، "وسيتمّ تركيب كاميرات داخل الصفوف تُتيح للطّالب النازح المتابعة مباشرة خلال شرح الأساتذة، كإجراء بديل عن وسائل الـ"أونلاين" التقليديّة".

 

وبالنسبة للثانوية الرسمية في رميش لم تتضح بعد المعالم النهائية لبدء العام الدراسي،وأفادنا راني غناطيوس وهو أستاذ ثانوي في ثانوية رميش الرسمية أنه على الأرجح أن يترك الأمر لاستطلاع رأي الأهالي والمعلمين في الدوام الحضوري لهذا العام وبناء عليه ترفع التوصية لوزير التربية للموافقة عليها، وأن لا شيء رسمي يمكن إعلانه بعد بهذا

الصدد.

 

أما المدارس والثانويات الرسميّة  الأخرى فلا زال مصيرعامها الدراسي مجهولا, ويختلف ذلك تبعًا للأوضاع الأمنيّة فالثانوية الرسمية في عينا الشعب اتخد القرار بعدم استئناف العام الدراسي حضوريّا نظرًا لخطورة الوضع الأمني في البلدة والاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها وسيكون التسجيل والتعليم "أونلاين".

 

في جولة على مدارس أخرى في هذه الأقضية، نجد أنّ المدارس الكُبرى ذات الفروع المتعدّدة في لبنان، وضعت خططاً واضحة لعامها الدراسيّ الجديد منذ أشهر. إذ افتتحت "جمعيّة المبرات الخيريّة" فرعاً لثانويّتَي الإشراق في بنت جبيل، وعيسى بن مريم في الخيام، ضمن ثلاث مناطق لبنانيّة: معروب (صور)، وكفرجوز (النبطيّة)، وخلدة (بيروت)، ما

يُتيح للطلّاب الالتحاق بواحدة من هذه المدارس الثلاث بحسب أماكن نزوحهم.

 

أمّا مدرسة القلبين الأقدسين في عين إبل فلم تتّخذ قرارها بعد، على أن يتقرّر مصير العام الجديد وفقاً لتطوّرات الحرب في الجنوب.

 

هذا التخبّط مضافًا إلى معاناة الأهالي والمعلمين والطلاب ساهم في تفاقمه "تقاعس وزارة التربية" على حدّ تعبير المعنيين في القطاع التعليمي من أهالي وطلاب وإداريين، فقد ألقى هؤلاء باللوم على الوزارة في عدم رسم وتحديد خطّة مبكرة للعام الدراسي قبل اقترابه لاسيّما وأن المشاكل ذاتها مستمرة منذ العام المنصرم فكان الأجدى بالوزارة

والمعنيين السعي لإيجاد حلول للمدارس والطلاب النازحين خلال العطلة الصيفية تفاديًا للوقوع في مأزق الضبابيّة والتأجيل والتأخر في استقبال العام الدراسي الحالي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7