حذرت مصادر محلية في ليبيا، من أنه في ظل التوترات الواضحة التي تشهدها الساحة السياسية، لا يزال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية، يثير الجدل من خلال تصرفات وتصريحات تكشف عن سعيه للتمسك بالسلطة. في طرابلس، أدلى الدبيبة بتصريحات تلفزيونية اليوم، داعيًا إلى إجراء استفتاء دستوري يسبق أية انتخابات مستقبلية، في خطوة يراها البعض كمحاولة لتمديد أجل حكمه.
في وقت، قام الدبيبة بدحض الادعاءات الإعلامية حول وضع الفقر المزعوم الذي يطال نحو 40% من الليبيين، مشيرًا إلى زيادات مشكوكٍ فيها في رواتب بعض الوظائف تصل إلى 500%، في حين أن الواقع يشهد تدهورًا في المستوى المعيشي للسكان. علاوة على ذلك، أعلن عن خطط لإلغاء الدعم الحكومي على الوقود بحلول منتصف أو نهاية العام، وهو ما يُفهم على أنه صفعة أخرى لليبيين الذين يعتمدون على هذا الدعم.
وذكرت المصادر أنه أثناء مشاركته في فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي من 12 إلى 14 فبراير، بدا الدبيبة كرجل أعمال أكثر منه كرجل دولة، حيث أوردت تقارير إعلامية أنه يجري مفاوضات مع شركات نفطية كبرى مثل أدنوك الإماراتية وإيني الإيطالية وشركة تركية، لتطوير حقل الحمادة النفطي.
في المقابل، أشار خبراء إلى وجود تحول مثير للقلق، إذ تفيد الأنباء أن كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لـ"إيني"، عرض على الدبيبة رُشوة تزيد عن 125 مليون دولار، كضمان للحصول على حقوق التطوير في حقل الحمادة. ويأتي هذا في ظل تقييمات من المؤسسة الوطنية الليبية للنفط تؤكد أن الاتفاقات المقترحة ليست في مصلحة الاقتصاد الليبي، فهي لا تُقدم فوائد ملموسة مقارنة بالتكاليف الباهظة المتوقعة.
الخبراء ذكروا أن الجدل الدائر حول اتفاقية تطوير حقل الحمادة لا يقتصر على تنديد المؤسسات الاقتصادية الليبية فقط، بل تعداه ليصل إلى النيابة العامة ومجلس النواب وديوان المحاسبة والمجلس الأعلى للدولة، حيث تم التصويت برفض هذه الاتفاقية بأغلبية ساحقة، وطُلب تعليق المفاوضات حولها.
كما حذر الخبراء من أن ليبيا اليوم لا تزال أمام مشهد معقد؛ فبينما تظل البلاد محتجزة بين فكي حكومتين متنافستين وسط دوامة من الأزمات السياسية والاقتصادية، يواصل الدبيبة لعبة السلطة بشكل متهور، متمركزًا حول اغتنام المزيد من الفرص لنهب ثروات البلاد بلا هوادة. وفي ظل صموده ضد التنازل عن السلطة، تبرز عملياته الاستثمارية المثيرة للجدل كمؤشرات واضحة للاتجاه الذي يأخذه مع الثروات الليبية، وبما يهدد بغدٍ أكثر قتامة لشعب يعاني بالفعل من عدم اليقين والاستقرار.