رفعت وزارة الصحة في الحكومة السورية مؤخراً أسعار جميع الأصناف الدوائية للمرة الرابعة خلال العام الجاري 2023، بنسب تتراوح بين 70 إلى 100% دون إعلان رسمي عن ذلك.
وتزامن رفع أسعار الأدوية مع أوضاع اقتصادية سيئة يعاني منها السوريون، خاصة ارتفاع أسعار السلع وانخفاض قيمة الدخل، بينما برر عضو نقابة الصيادلة السورية نبيل القصير القرار بأنه لضمان توافر الأدوية للمواطنين، ولارتفاع تكاليف صناعتها، وكذلك ارتفاع سعر الصرف، مؤكداً أنها لن تتراجع إلا مع هبوط سعر صرف الدولار.
واعتبر رئيس نقابة صيادلة دمشق حسن ديروان في تصريحات لوسائل إعلامية، أن ارتفاع أسعار الأدوية يعود لارتفاع سعر المواد الأولية كونها مرتبطة بسعر صرف القطع الأجنبي في البنك المركزي، وكذلك غلاء مستلزمات الإنتاج والأغلفة الدوائية.
رفع الأسعار بحجة توفير الدواء
إزاء كل رفع لأسعار الأدوية يحصل السيناريو ذاته، الذي يبدأ بفقدان بعض الأصناف من الصيدليات، ثم يخرج أصحاب المعامل بتصريحات تطالب برفع الأسعار "لارتفاع الكلفة مع غلاء المواد الأولية و للحفاظ على توافر الأدوية في الأسواق".
وعليه، شهدت أغلب المدن السورية فقداناً للعديد من الأصناف الدوائية خاصة العصبية والقلبية، وإن وجدت كانت بأسعار مرتفعة وبكميات قليلة.
وأوضح أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة لـ وكالة "أنباء آسيا" أن رفع أسعار الأدوية كان متوقعاً بعد التصريحات والتلميحات من أصحاب معامل الأدوية والجهات الحكومية.
وبيَّن أن الأدوية موجودة ومتوفرة، لكن المعامل قللت الكميات، ما خفف من انسيابها وتوافرها بالأسواق حتى يحصل أصحابها على ما يريدون.
وقال إن: "نقص الأدوية وعدم توفرها بالأسواق؛ كان حجة لرفع أسعارها، وأنَّ بعض المعامل كما وردنا من معلومات لديهم مخازن من الأدوية لكن لم يطرحوها بالأسواق حتى ترتفع الأسعار".
ونفى، أمين سر جمعية حماية المستهلك بأنَّ رفع سعر الأدوية كان كنتيجة لتغير سعر الصرف كون "سعر الصرف ثابت من فترة لابأس بها" وفقاً لقوله. موضحاً أنَ "رفع سعر الدواء غير منطقي ومفاجئ للناس، وسينعكس على الحالة الصحية للمواطنين وخاصة المصابين بالأمراض المزمنة".
ووصل أسعار بعض الأدوية إلى 70 ألف مثل شراب السعلة، وبعض أدوية "الكريب" 12 ألف، والقطرة الأنفية 7000 آلاف، والدواء المسكن للآلام "السيتامول" بـ 4000 ليرة للظرف الواحد.
ارتفاع على حساب صحة المواطن
يصف حبزة ما حدث من رفع أسعار الدواء بأنه "استغلالاً من أصحاب معامل الأدوية وضغطاً على الحكومة لرفع أسعار الدواء على حساب قدرة المواطن الشرائية الضعيفة أصلاً والتي لا تكفي لشراء الأكل والشرب. مشيراً إلى أنَ وزارة الصحة تخلت عن مسؤوليتها.
ويقول "في ظل أزمة الغذاء وارتفاع أسعار الأدوية كل فترة، بات لدى الكثيرين وخاصة الأطفال وكبار السن، عوز غذائي لذلك كان يجب على الحكومة دعم الدواء وخفض سعره وليس العكس".
تأثير رفع الأدوية على الناس
تحدث بعض الصيادلة في دمشق عن تراجع قدرة الناس على شراء الأدوية حتى قبل رفع الأسعار الأخير، ما دفعهم إلى محاولة التأقلم مع ذلك بأساليب مختلفة.
وبين أحد الصيادلة في منطقة المزة بدمشق أن العديد من الأشخاص يطلبون شراء ظرف واحد أو إبرة واحدة بدلاً من علبة الدواء كاملةً، والبعض يطلب أن يحصل على الدواء بالتقسيط أو الدَّين، وهناك من يسأل عن سعر الدواء ويذهب دون شرائه.
وقال صيدلي آخر، هناك مرضى يطلبون ظرف دواء بدلاً من علبة كاملة، مضيفاً أنه "يخشى أن يصبح الطلب على الدواء بالحبة.
ومع ارتفاع أسعار الدواء بشكل كبير بما لا يتناسب مع دخل أغلب السوريين، يتخوف سوريون من انعدام قدرتهم على التداوي، وهو ما يفاقم الحالات المرضية في ظل عدم وجود تأمين صحي لكل السوريين من أدوية وعلاج.
حلول بديلة
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار الأدوية، لجأ الناس إلى خيارات بديلة منها العلاج بالأعشاب والخلطات الشعبية المنتشرة بالأسواق، والتي ازداد الإقبال عليها مؤخراً.
وبيّن عدد من الصيادلة بدمشق أن الناس أصبحت تعتمد أكثر على الأعشاب، وكذلك الأدوية التي تنتشر على صفحات ومجموعات مواقع التواصل الاجتماعي، تحت ضغط الحاجة وارتفاع الأسعار.
وتنتشر في الأسواق الكثير من الأعشاب والخلطات التي توصف لعلاج الأمراض منها، خلطة لمعالجة السكري وأخرى الروماتيزم والصداع، إضافة إلى الأعشاب التي توصف لعلاج الرشح والكريب" وغيرها الكثير.