سيناريوهات ما بعد الحرب في غزة بين أحلام الاحتلال والواقع

فريدة جابر

2023.11.07 - 08:57
Facebook Share
طباعة

تدخل الحرب الأكثر دموية التي يشنها جيش الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة بدعم غير مسبوق من أمريكا وبعض دول أوروبا. وحتى الآن لايوجد آفاق قريبة لحل سياسي يوقف نزيف دم الأهالي في القطاع، الذين يدافعون بأرواحهم عن بلادهم وأراضيهم، إذ تجاوز عدد الضحايا 10 آلاف ش هيد وأكثر من 24 ألف مصاب.
ويبدو أن الحكومة الاسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد فقدت صوابها وأدركت مؤخرًا أن حسم الحرب لم يكن بالسهولة التي توقعتها، وبخاصة أن هناك حالة تململٍ وشقاقٍ داخل المجتمع الاسرائيلي، كما تصاعدت حالة الغضب تجاه الحكومة الاسرائيلية وتحديدًا نتنياهو.
وبدأت الحكومة الاسرائيلية نشرَ وتسويقَ ما أسمته سيناريوهات ما بعد الحرب والتي تحدثت فيها كما لو كانت منتصرة، قبل أن تحدد سيناريوهات الحرب الدائرة، لاسيما مع الضربات القوية والموجعة التي تسددها الم قاومة في حقّ جيش الاحتلال الاسرائيلي، الذي لازال يتكتم على العدد الحقيقي للمصابين والجرحى في صفوفه.
في المقابل كان هناك رأي آخر، إذ تحدث بعض المتابعين عن عدة سيناريوهات بما فيها الهزيمة التي قد تلحق بإسرائيل، لاسيما مع تواصل هذه الحرب دون اقتراب الجيش الاسرائيلي من تحقيق هدفه وهو القضاء على حركة ح م ا س، في ظل تراجع شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن بين صفوف الناخبين، ومكافحة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لإنقاذ مستقبله السياسي.
مأمون فندي، أستاذ العلوم السياسية ومدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية، يرى في مقاله بعنون "شكل اليوم التالي للحرب؟":" أن اليوم التالي لإسرائيل ربما أهم من اليوم التالي لغزة. اليوم التالي لإسرائيل يساوي أولاً أن نظرية إعادة تشكيل الشرق الأوسط التي تبنتها إسرائيل منذ شارون في عام 1982 حتى اليوم تكررت أكثر من مرة وأثبتت فشلها. اليوم التالي لإسرائيل أيضاً لا يمكن أن يمحو أن الجيش الذي لا يقهر والمخابرات التي لا تنام، فشلا في توقع هجوم «ح م ا س» على مستوى جمع المعلومات والتحليل وردة الفعل في الوقت المناسب، وبالتالي صورة قوة إسرائيل في الداخل وعند الكفيل العالمي الأميركي والأوروبي أُصيبت بعطب يصعب ترميمه. إسرائيل كأداة ردع إقليمي واستثمار أميركي، فشلت! فالدول التي اشترت فكرة أن إسرائيل قوة ردع إقليمية ومدّت يدها إليها بالصداقات سيكون في أحسن الأحوال لديها شك كبير في قدراتها.".
وعن ما بعد الحرب يقول مدير معهد لندن:" إسرائيل قالت صراحة إنها لا تريد أن تحكم غزة، وغزة لا تستطيع أن تحكم نفسها، ومصر ترفض أن تُلقى مسؤولية غزة على كاهلها خوفاً من «الترانسفير»، أي نقل أهل غزة إلى سيناء ورمي المشكلة في سيناء.إذن، اليوم التالي لغزة هو سيطرة «ح م ا س» بجناحها العسكري ودون جناحها السياسي".
ووصف فندي الحرب الدائرة على غزة بالفاشلة، مؤكدًا على :" أن حرب غزة لن تختلف كثيراً عن حرب «طالبان»؛ بعد دمار شامل وتكاليف باهظة سيسلم الاسرائيليون غزة لـ«ح م ا س» مرة أخرى".
ويرى مراقبون أنه حتى الآن لا تملك إسرائيل خطة واضحة للحرب، وأصبحت تميل إلى التقدم البطيء المحسوب داخل غزة بعد الخسارة الفادحة التي تتكبدها على يد المقاومة، وبذلك قد يستغرق تحقيق هدفها المشكوك فيه فترة طويلة وخسائر كبيرة فوق الاحتمال.
أما المفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج يرى:" أن احتمالية عودة قطاع غزة للإدارة المصرية كما كان قبل 1948 مستبعد لأن مصر والدول العربية ترفضه خوفًا من تصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف أما السيناريو الثاني عودة غزة لسيطرة السلطة الفلسطينية كما كانت قبل سيطرة ح م ا س وهذا سيكون نواة حل المشكلة في إطار حل الدولتين وتكون فلسطين على حدود 4 يونيو 1967، وهو ما توافق عليه مصر والدول العربية. ولفت المفكر الاستراتيجي، إلى أن السيناريو الثالث هو أن تكون غزة تحت سيطرة دولية أمريكية وأوروبية ومصرية وهذا ترفضه مصر بشدة وتوافق عليه إسرائيل.
أما السيناريو الرابع تصبح غزة تحت سيطرة الأمم المتحدة وتؤمن حدودها مع الأردن ومصر ولبنان بقوات دولية وهو السيناريو الذي ترفضه أيضًا مصر بشدة التي تصر أن سلطة غزة للفلسطينيين.
لكن مراقبين ومحللين آخرين يرون أن رسم سيناريوهات ما بعد الحرب من الصعب تحديده الآن، لاسيما أن الم قاومة تبدي أداءً غير متوقعٍ مقابل تخبط وارتباك شديد بين صفوف جيش الاحتلال. وأشاروا إلى أنه بالعودة إلى الحروب السابقة أعوام 2008 و2014، نجد أن هدف "تدمير ح م ا س" كان هدفا أساسيا لم يتحقق لمعظم الحروب الاسرائيلية على غزة، وليس هناك ما يدعو للاعتقاد أنه سيكون قابلا للتحقيق هذه المرة، خصوصا أن الحركة اكتسبت مزيدا من القوة في القطاع، وأن الم قاومة في النهاية ليست جيشا نظاميا ليعلن استسلامه، بل هي حركة م قاومة شعبية ممتدة في مسار النضال الفلسطيني.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 9