في أول رد فعل على حالة الشحن بالأكاذيب والأخبار المضللة عن الحرب في قطاع غزة، التي قامت بها وسائل الإعلام الغربية، أقدم رجل سبعيني على مقتل الطفل الفلسطيني وديع الفيوم (6 أعوام) بـ26 طعنة، وإصابة والدته حنان شاهين (32 عاما) خارج مدينة شيكاغو بولاية إلينوي بسبب دينهما الإسلامي.
أكاذيب عدة روجها الإعلام الغربي عن الحرب في قطاع غزة، فبين قطع رؤوس وقتل إسرائيلية واغتصاب النساء روج الإسرائيليون تلك الروايات المضللة، وانتشرت داخل المجتمعات الغربية بفضل إعلامهم دون التحقق من صدقها، في توجه لشحن الرأي العام العالمي ضد الفلسطينيون.
لم يقع الإعلام الغربي الذي كثيرًا ما يتحدث عن المهنية في فخ الأخبار الكاذبة فقط، لكن الأمر طال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي تبنى هذه الروايات الكاذبة ورددها دون التحقق منها.
إذ صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن حماس قطعت رؤوس 40 طفلًا اسرائيليًا، ليتراجع البيت الأبيض بعد ساعات عن تلك الرواية، بعد أن تداول نشطاء مواقع التواصل هذا التصريح مشيرين إلى عدم وجود أي دليل واضح على الادعاء الذي روج له الرئيس الأمريكي.
الجدير بالذكر أن بعد ساعات قليلة من تصريح الرئيس الأمريكي، تراجع البيت الأبيض عن تلك الرواية، ب وقال البيت الأبيض في تصريح :" أن بايدن والمسؤولين الأمريكين لم يروا صورا او تقارير مؤكدة عن تلك الرواية".
أخطاء كبيرًا وقع فيها الاعلام الغربي، كشفت عن وجهه الحقيقي، إذ تسبب الخطاب الذي اعتمده الاعلام الغربي والمثقل بالأكاذيب والادعاء في شحن قطاع عريض من الأوربيين والأمريكان ضد الفلسطينيون، إذ يرى مراقبون أن الأمر مقصود لشحن الرأي العام العالمي لمباركة امساندة الحكومات الأوربية وأمريكا للإجرام الذي ترتكبه قوات الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني في غزة.
يقول الدكتور نزار الجليدي المحلل السياسي بفرنسا، إن الإعلام الغربي كشف عن وجهه الحقيقي، وهو الإعلام الموجّه جدًا والذي لا يخدم دور الإعلام الحقيقي، بل يخدم مصالح وأجندات معينة.
وأضاف الجليدي في تصريحات له: «لاحظنا أخطاء كبيرة واضطرابًا شديدًا في نقل المعلومات وإنتاج المحتوى والمواضيع، وهذا يعني أنه لم يكن محايدًا أو حقيقيًا، بل ذهب بعيدًا في خدمة أجندات محددة».
وتابع الجليدي: «أصبح كل الإعلام الغربي تقريبًا صوتًا يصدح بمصالح الجيش الاحتلال ومشروع أمريكا الجديد في المنطقة ومنصّة للحرب والعنف، ولا يرون سوى بعين واحدة، إنهم لا يرون أطفال غزة الذين فقدوا حياتهم، ولا يرون اعتداءات إسرائيل الاستفزازية. هذا هو ما يسعى الكيان الصهيوني للبحث عنه منذ البداية، إذ يرغب في تجميل صورته أمام العالم والحفاظ على وهم إسرائيل الذي عاشنا به لسنوات طويلة. لذلك، كشف الإعلام الغربي هذا الوجه القبيح جدًا».
اشاعات عدة روجها الاحتلال وتبناها الاعلام الغربي من بينها، ما ذكره الرئيس الأمريكي عن قطع رؤوس 40 طفلًا، لكن الحقيقة أن مروج تلك الشائعة هو ديفيد بن زيون وهو رائد في جيش الاحتلال، ونقلت عنه صحيفة الاندبنديت البريطانية دون تقديم أي دليل على هذا الادعاء، ومع غياب الأدلة بدأ مراسلون صحفيون روجوا لتلك الادعاءات في التراجع.
فقد قالت بيل ترو مراسلة صحفية للإندبنديت البريطانية في تغريدة لها عبر منصة إكس، قطع رؤوس 40 طفلًا، لقد قمت بالتغريد بأن وسائل الإعلام الأجنبية قد قيل لها أنه تم قطع رؤوس النساء والأطفال ولكن لم يتم عرض الجثث علينا.
في السياق لم يعلن جيش الاحتلال أي دليل واضح أو قاطع عن تلك الرواية، إذ قال الجيش في تصريح نقلته وكالة الأناضول" لا نملك أي معلومات تؤكد قتل حماس للأطفال". كما قال مسؤول إسرائيلي لــCNN " الحكومة لم تؤكد صحة الدعاءات حول قطع رؤوس الأطفال".
من الروايات الكاذبة التي نقلها الإعلام الغربي أيضًا، أن الفتاة الألمانية شاني لوك قتلت على يد المقاومة الفلسطينية"حماس"، لكن الحقيقة أن الفتاة الألمانية الاسرائيلية لاتزال على قيد الحياة -وفقا لتصريحات والدتها، التي أفادت بأن نجلتها مازالت على قيد الحياة وتعاني من إصابة خطيرة بالرأس وفي حالة حرجة وهي الآن في إحدى مستشفيات غزة.
كما تناقل الاعلام الغربي أيضًا أن المقاومة الفلسطينية حجزت أطفالًا في أقفاص دجاج، وهو فيديو انتشر مع بداية الأحداث، إذ يظهر فيه أطفال داخل قفص دجاج على أنه اسرائيليون أسرتهم حركة حماس.
لكن بالبحث عن تاريخ الفيديو وجد أنه يعود إلى ما قبل 3 أيام من الحرب، وقد نشر على حساب اسمه" مظلوم في بلادي" ويعد لشاب فلسطيني في تطبيق التيك توك، وتم حذفه لاحقا بعد زيادة التعليقات عليه، وعلق عليه الشاب أن مقطع الفديو لأطفال أقاربه وليسوا أطفالا اسرائيلين.
قال لـ"نيوزويك"، تحت عنوان "التقارير تُفيد بأن حماس تستخدم الاغتصاب سلاحًا في الحرب، أين النسويات؟". غير أن شهادات مختلفة لمستوطنات أكدت أنهن لم يتعرّضن لأي اعتداءات. كما لم تصدر تقارير من منظمات حقوقية دولية تتحدث عن حالات اغتصاب وقعت خلال عملية "طوفان الأقصى".
من جهته يرى محمد العالم المحلل السياسي والمتخصص بالشأن الأمريكي المقيم في نيويورك، أن معظم القنوات الشهيرة روجت لشائعات قتل الأطفال والنساء من قبل المقاومة الفلسطينية، ثم جرى نفي هذه الأكاذيب بعد ذلك تحت بند عدم التأكد منها.
وأشار إلى أن الإعلام الغربي تناقل وجهة نظر واحدة تتبنى الصورة الداعشية للمقاومة الفلسطينية وتشيطن القضية وتمنح إسرائيل دورًا أخطر في الرد على الخطر الوجودي الذي تعرضت له كما وصفوه.
وأضاف العالم، لم تكلف وسائل الإعلام الأمريكية نفسها بالتأكد من صحة مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه الأولي وجرى الترويج لها بشكل أثر على المواطن الأمريكي وأعطاه انطباعًا بأن المواطن الإسرائيلي محاط بالمخاطر التي أفقدته حياته وأن المقاومة الفلسطينية تحاول احتلال أرضه دون توضيح بأن الأرض أساسًا فلسطينية.
كما أوضح المحلل السياسي أن ترويج تلك الأكاذيب دفعت الرأي العام الأمريكي إلى القبول بالتحركات الأمريكية ضد قطاع غزة والإمدادات المالية والعسكرية الكبيرة، ويعود هذا الانحياز التام لسيطرة اللوبي الصهيوني في أمريكا على معظم وسائل الإعلام الأمريكية المؤثرة وهو ما جعل هذه القنوات تتخلي عن مهنيتها ومصداقيتها وتصدر للعالم صورة مزيفة عن الأحداث في فلسطين.
يذكر أن بي بي سي مكتب القاهرة أحال 6 صحفيين؛ 3 منهم مصريين و3 لبنانيين، إلى التحقيق على خلفية تضامنهم مع غزة، كما تم إيقاف 3 من مذيعي شبكة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) الإخبارية، بسبب موضوعيتهم في تغطية التطورات في قطاع غزة، ورفضهم للرواية الإسرائيلية.