مذبحة حمص.. كيف وقعت..؟

2023.10.07 - 08:04
Facebook Share
طباعة

تشير معلومات استخبارية حصلت عليها وكالة أنباء آسيا من مصادر متعددة إلى أن الهجوم الذي نفذته الفصائل المسلحة إنطلاقاً من محافظة إدلب، نفذ من خلال طيران مسيّر يمتلكه "الحزب الإسلامي التركستاني"، المشكل من أقلية الإيغور والذي كان قد تسلمه بدوره قبل فترة بسيطة من تنظيم "جبهة ال ن ص ر ة"، بهدف تنفيذ عمليات ضد القوات السورية في مواقع متعددة، وتؤكد المصادر أن الطيران الذي استخدم في العملية يختلف عن الطيران البدائي الذي كانت قد أطلقته الفصائل المسلحة أكثر من مرة من ريف إدلب باتجاه قاعدة القوات الروسية في حميميم والتي تبعد حوالي 70 كم (خط نظر)، عن المواقع التي تنتشر فيها المجموعات المسلحة.


تفند المصادر في حديثها لـ وكالة أنباء آسيا المعلومات التي روجت عبر بعض الوسائل الإعلامية التابعة لما يعرف بالمعارضة لتحميل الدولة السورية المسؤولية عن الهجوم لأهداف سياسية، وتقول المصادر: أقرب نقطة محتملة لإطلاق الطيران المسير نحو حمص هي قرية "دير سنبل"، بريف إدلب الجنوبي أو القرى القريبة منها، والتي تبعد كـ خط نظر ما يقارب 100 كم فقط عن مدينة حمص، وهي مسافة باستطاعة أي طيران مسير أن يجتازها لتنفيذ العمليات القتالية والعودة، وقياساً على احتمال أن تكون الطائرات المستخدمة من طراز "بيرقدار"، التركية أو من الصناعة الفرنسية، فإن التحليق على علو لا تلتقطه أجهزة الرادار المتوسط أو البعيد المدى مسألة لا تبدو مستحيلة بالنسبة لمثل هذه النوع من الطيران، كما إن الطيران المسير ولأسباب فنية متعددة يمكن أن يحلق لمسافات طويلة دون أن يتم كشفه من قبل أجهزة المراقبة، وترجح مصادر آسيا أن تكون الطائرات المستخدمة من طراز "بيرقدار"، التركي الصنع.


العملية كانت تستهدف قادة الصف الأول في الجيش السوري، وتحديداً وزير الدفاع الذي كان حاضراً لحفل التخرج، وتشير المعطيات إلى أن فشلًا في تقدير العملية حرف مسارها الاستخباري ونفذت بتأخير يقدر ما بين 1-2 دقيقة بعد انتهاء الحفل، وعلى الرغم من إمكانية تحديد أن الهدف لن يتحقق في حال تمت عملية قصف المنصة بعد مغادرة القادة، قرر المنفذون أن يشنوا الهجوم ما أفضى لسقوط ما يقارب 320 شخصاً بين شهيد وجريح، وتمكنت الطائرات المسيرة من العودة إلى نقطة انطلاقها ما يؤكد أن الطيران المستخدم من تقنية عالية لم يسبق للفصائل المسلحة استخدامه، وهذا بدوره مؤشر خطير من قبل داعمي الن ص ر ة وأعوانها يدلل على رغبتهم باستمرارية الحرب.


بعض المعلومات أشارت إلى احتمال نقل الطيران المسير عبر طرق التهريب براّ من إدلب إلى منطقة قريبة من الكلية الحربية في حمص، وتشير هنا المصادر إلى استحالة مثل هذا السيناريو لكون للطيران المسير وحدات تحكم وقيادة على الأرض تكون بالقرب من نقطة الإطلاق، كما أنه يحتاج لنصب منصة إطلاق خاصة بكل طائرة، وبناء على ذلك فإن إنشاء مثل هذه النقطة ولو بشكل مؤقت سيعرض الفصيل المنفذ للرصد من قبل القوات السورية وبالتالي إجهاض العملية، وفي حال تم التنفيذ فإن عملية إعادة الطيران المسير إلى نقطة الإطلاق ومن ثم التجهز للرحيل من النقطة يحتاج لوقت، سيكون كاف لكشف المنفذين والقاء القبض عليهم أو التعامل معهم، وهذا ما ينفي مثل هذا السيناريو لكون المخططين لمثل هذه العملية سيبحثون عن كل الخيارات التي تضمن نجاح جريمتهم.


أحدثت العملية رد فعل دولي غير مسبوق خاصة من قبل دول المنظومة الخليجية التي أبدت تعاطفها مع الدولة السورية وأدانت الهجوم، وهو ما يفسر عدم تبني أي جهة المسؤولية عن الهجوم وتحرك وسائل الإعلام المعادية لدمشق للعودة إلى سيناريو العام 2011، حينما كانت هذه الوسائل تتهم دمشق بالوقوف وراء التفجيرات الإرهابية التي ضربت مناطق متعددة من الجغرافية السورية بحجة أن الحكومة تريد "أسلمة الثورة"، وفقاً لمصطلح آنذاك، علما أن الفصائل المسلحة ومنذ اللحظة الأولى أعلنت عن ميلها المتطرف من خلال المسميات التي أطلقتها على نفسها والتي حملت أبعاداً دينية، وعلى ذات المنوال ذهبت وسائل الإعلام اليوم لتعيد اتهام الدولة السورية بزعم أن دمشق تريد اللعب بالورقة الطائفية وجعل "العلويين"، يحسون بأنهم مازلوا مستهدفين، وتتناقض هذه الرواية مع واقع أن الضحايا من مختلف المحافظات السورية، وهم من الضباط الجدد وعوائلهم.


تنظيم جبهة الن ص ر ة تحديداً، لن يذهب هو أو أي من الفصائل الموالية له لتبني الهجوم لعدة أسباب على رأسها محاولات زعيم التنظيم "أبو محمد الج و ل ا ن ي"، صناعة صورة "القائد السني الوسطي"، أو "المتحضر"، الذي يمكن أن يقبل من المجتمع الدولي ويرفع العقوبات عنه وعن تنظيمه الموضوع على لائحة المنظمات الإرهابية، ولكون رد فعل الدولة السورية جاء مستهدفاً لمواقع ومستودعات الفصائل المسلحة في إدلب والمناطق التابعة لها بكثافة، ستذهب الفصائل نحو عدم تبني العملية لإفساح المجال أمام داعمي هذه الفصائل لمهاجمة الدولة السورية على المستوى السياسي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1