اندلع حريق في قسم المهاجرات بمخيم الهول بريف الحسكة الذي يضم عوائل من تنظيم “د ا ع ش”، والتهمت النيران أكثر من 16 خيمة ضمن قسم المهاجرات، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، واقتصرت الأضرار على المادية فقط.
وتشكّل زوجات عناصر "د ا ع ش " السابقات نسبة كبيرة من سكان مخيم "الهول" ولم يتوانَ "د ا ع ش" عن استخدام هؤلاء النساء كأحد موارده. وكما هي الحال مع عمليات التنظيم خارج مخيم "الهول"، يعتمد "د ا ع ش" على استخدام النساء في المخيم كسلاح هام في إطار إيديولوجيته التوسعية.
فقد جذب التنظيم عمومًا عددًا كبيرًا من النساء والفتيات من جنسيات مختلفة وجنّدهن بغرض نشر أفكاره المتطرفة، نظرًا إلى قدرة النساء والفتيات على التأثير في الشباب. وينطبق هذا التكتيك في مخيم "الهول" على وجه الخصوص المكتظ بالأطفال والشباب.
وفي عام 2014، أنشأ "د ا ع ش" أول كتيبة مسلحة من النساء عُرفت باسم "لواء الخنساء" وضمّت ألف امرأة في صفوفها. وقد شاركت تلك النساء في أكثر من 200 عملية إرهابية، ونفذن مهام الشرطة ضمن دولة الخلافة وروّجن عقيدة "د ا ع ش" في مجتمعاتهن. وكما هو مثبت على وسائل التواصل الاجتماعي، يواصل ربما بعض هؤلاء النساء الموجودات داخل مخيم "الهول"أدوارهن في دعم "د ا ع ش".
وفي حين أن نسبة النساء في المخيمات اللواتي تحافظن على عقيدة "د ا ع ش" وتواصلن نشرها بشكل نشط غير واضحة، إلا أنها ليست قليلة. استنادا إلى المقابلات التي أجرتها زميلة جامعة هارفارد فيرا ميرونوفا مع نساء يتحدثن الروسية والصربية الكرواتية والإنجليزية في المخيمات، فإن 30 بالمئة من النساء في المخيمات ما زلن يؤمِنّ بالتنظيم ويعتقدن أن "أبو بكر البغدادي كان الخليفة الشرعي". كما يعتقدن أيضا أن فشل التنظيم يرجع إلى أن "البغدادي كان محاطا بأشخاص غير جديرين بالثقة ". واستنادًا إلى نساء أوروبيات في المخيم، فإن نسبة المؤيدات أقل من 20 في المائة وهي نسبة يزعمن أنها في تراجع دائم. ولكن حتى هذه النسبة تمكنت من المشاركة في الجهود الناجحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحملات جمع الأموال وحتى الأنشطة العنيفة في المخيمات، وعلى أوساط مكافحة الإرهاب العالمية اعتبارهن عنصرًا خطيرًا في عمليات "د ا ع ش".
ويتمثل أحد المكونات البارزة في عمليات تلك النساء في المخيم بمراقبة النساء الأخريات. فقد أصبحت علاقة النساء داخل "الهول" اللواتي لا تزلن ملتزمات بعقيدة "د ا ع ش" متوترة إلى حدّ كبير مع نساء أخريات لم تعدن تشعرن بالانتماء إلى التنظيم. وتعبّر النساء المؤيدات للتنظيم والمعروفات باسم "المهاجرات" (أي الأجنبيات) عن ازدراء تام تجاه زوجات عناصر "د ا ع ش" السابقات اللواتي تندّمن على ارتباطهن بالتنظيم وتعبّرن عن رغبة في العودة إلى أوطانهن.
ونتيجةً لذلك، كانت جماعة من الخلايا النسائية المرتبطة بالتنظيم تفرض قسرًا إيديولوجيا "د ا ع ش" على نساء أخريات في المخيم. وكما أفادت إحدى النساء في المخيم، "تدين [المهاجرات] النساء اللواتي تتحدثن إلى الرجال في السوق أو الذين يجلبون المياه إلى المخيم، ويصل بهن الأمر إلى عدم ارتداء النقاب عند لقائهم في الشارع...". وفي إطار هذا المسعى لترسيخ عقيدة "د ا ع ش" في المخيم، شكّلت النساء المؤيدات للتنظيم وحدات الحسبة أو "الشرطة الدينية". وتشرف هذه الوحدات على تطبيق الموجبات الدينية وتُسائل كل من يرفض التقيّد بتعاليم التنظيم الدينية. وعليه، تفرض الوحدات "ارتداء النقاب وتحظر التدخين والرقص والاستماع إلى الموسيقى وكذلك ارتداء السراويل".
وما يثير القلق هو أن أنشطة وحدات الحسبة لا تقتصر على العقاب والإدانة فقط، فحين تشتبه هذه الوحدات بانحراف سكان المخيم الآخرين عن عقيدة "د ا ع ش" أو سعيهم إلى نشر أفكار سلبية عن التنظيم، تفرض عقوبات قاسية تشمل الجلد والتعذيب والحرمان من الطعام وحرق الخيم والقتل.
ومنذ بداية عام 2021، تمّ الإبلاغ عن مقتل أكثر من 40 شخصًا في المخيمات، ومن بينهم 10 بقطع الرأس، علمًا أن جرائم القتل لا ترتبط كلها بالضرورة بهذه الوحدات.
وتعتبر “دويلة الهول” قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، ويتواجد في المخيم آلاف الأفراد من عناصر تنظيم “د ا ع ش”، الذين يحاولون فرض أفكارهم على قاطني المخيم بالحديد والنار، ومحاسبة الرافضين بالقتل والإعدام الميداني.
و في 28 من تموز الفائت، تنفّذ وحدات أمنية خاصة تابعة لـ “قسد” حملة دهم، في مخيم الهول، واعتقلت خلالها 5 أشخاص من خلايا تنظيم “د ا ع ش“، حيث جرى اقتيادهم إلى أحد المراكز الأمنية التابعة لـ “قسد”.