مصادر موالية للأميركيين في بيروت: الرئيس ليس أولوية واشنطن بل إنقاذ لبنان

زينة أرزوني – بيروت

2023.07.26 - 11:20
Facebook Share
طباعة

لا حماسة في أوساط القوى السياسية اللبنانية التي تستظل بالنفوذ الأميركي لزيارة الموفد الفرنسي. فالامور بالنسبة لهؤلاء واضحة وهي أن الرئيس ليس أسما بل خيارا إنقاذيا يتفق عليه الداخل أو يفرضه الخارج. وبما أن محور الممانعة والكلام للمصدر، مُصرّ على رئيس من طينة سليمان فرنجية ومن يشابهه فإنّ واشنطن لن تشترك في تضليل اللبنانيين وهو أمر أصبح تخصصا فرنسيا بحسب القوى اللبنانية المعنية بالتنسيق مع واشنطن وحلفائها في اللجنة الخماسية المعنية بلبنان ( أميركا وفرنسا السعودية وقطر ومصر)
المصدر اللبناني الذي لم يرغب بذكر إسمه قال أن لودريان جاء لينقذ ماء وجه فرنسا، وكي لا تسرق قطر من باريس الاضواء. وهي زيارة يطغى عليها اللون الباهت، فالقوى السياسية ليست متحمسة للقاء الموفد الفرنسي جان ايف لودريان على عكس زيارته الاولى، وتصريحات بعض القوى مثل الكتائب والقوات والتقدمي الاشتراكي تشي بأن كلمة سر وصلت للجميع وهي " الملف سُحب من يد فرنسا".
 ماذا تريد واشنطن؟؟
مشروع واشنطن في لبنان يرتكز على عاملين، الاول هو الضغط الذي تمارسه قوى حليفة لها في لبنان في مؤسسات الدولية وفي الشارع السياسي. والثاني هو عرقلة اي مساعدات دولية وعربية قد يستفيد منها حزب ال له وحلفاؤه في لبنان. وهدف واشنطن ليس سوى فرض رئيس سيادي وحكومة سيادية وتحرير الدولة اللبنانية من أي دور فاعل لحزب ال له في مؤسساتها المدنية والعسكرية والامنية. 
وهذا الامر لن يحصل بالتسوية التي يتحدث عنها الفرنسيون بل بالاصرار على الضغط المحلي والدولي على حزب ال له للتمنع عن عرقلة انتخاب رئيس مستقل يتقبله المجتمع الدولي وبالتمنع عن اطلاق آلية عمل حكومية وعن تشكيل حكومة تتناغم مع الرئيس المقبل سياديا واصلاحيا بحيث تتمثل القوى الاصلاحية والسيادية فيها ويبعد عنها كل من يعرقل المساعدات العربية والدولية من التدفق على لبنان.
آلية واشنطن لتنفيذ اهدافها ليست حربية ولا عسكرية، ومن الواضح ان الحوار بين اللبنانيين لا يعنيها في ظل امتلاك قوى مثل حزب ال له لقدرات عسكرية تفوق قدرة الجيش لهذا، والكلام لا يزال للمصدر المقرب من القوى المناوئة لحزب ال له، لهذا واشنطن ستستمر في الضغوط المالية والاقتصادية وبتهديد كل من يتعاون مع حزب ال له في عرقلة انتخابات الرئاسة بالعقوبات.
هل يراهن أي كان في لبنان على التسوية الايرانية الاميركية؟؟
القوى الحليفة لواشنطن تبلغت من مصادر أميركية رسمية، أن أي تسوية لا يكون عنوانها تحرير لبنان ومؤسساته الحكومية من نفوذ حزب ال له لن تعيش بتاتا. ومن يتصور أن السلاح الذي يملكه حزب ال له سيفرض تسوية لا يعرف كيف يفكر المسؤولون في مؤسسات القرار في واشنطن. 
فقد راهنت إيران وحزب ال له على وصول الديمقراطيين بعد الطريقة التصعيدية التي تعاملت بها إدارة دونالد ترامب مع ملفي ايران ولبنان، ولكن تبين ان ما قررته إدارة ترامب في الملفين تبنتهما إدارة بايدن. وبالتالي فالاهداف الأميركية في لبنان وفي المنطقة ثابتة لا تتبدل بتبدل الرؤساء الاميركييين. 
من جهته يرى مصدر من المقربين من قوى الثامن من آذار أن الأميركيين واهمون وأنّ حلفاءهم في لبنان سيضيعون في مهب الريح حين تتفق الدول على حسابهم. ولهذا طالبنا بالحل الداخلي وبرئيس يصنعه الداخل لا الخارج.
في السياق ورغم الايجابية التي تحدث عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه لودريان لمدة خمس وأربعين دقيقة في عين التينة يوم الخامس والعشرين من تموز، إلا ان أحد أهم الاسباب التي تقف خلف عرقلة الوصول الى تسوية في لبنان، بحسب ديبلوماسي عربي معني بالملف، هو أن واشنطن لن تتخلى عن رغبتها بالسيطرة الكاملة للقوى الموالية لها على مؤسسات الدولة اللبنانية المالية والاقتصادية والعسكرية والامنية والدستورية. وهي تريد فصلا فعليا بين حزب ال له وسلاحه وبين المجتمع والدولة في لبنان. 
 الكلام الذي قيل في صحف لبنانية عن أن البيان الصادر عن اجتماع اللجنة الخماسية بخصوص لبنان والذي عقد في الدوحة الاثنين ما قبل الماضي ليس صحيحا انه خُط بقلم سعودي. الحقيقة هي أن الفيتو الاميركي على التسوية الفرنسية قد أُجهز عليها والباقي تولاه من يفهمون الرسائل الاميركية المشفرة.
ويرى مراقبون ان واشنطن تريد سلّة شاملة تشمل انتخاب الرئيس، اختيار رئيس الحكومة، تعيين حاكم لمصرف لبنان، وتعيين قائد للجيش، بالإضافة إلى الاتفاق على وضع خطة اقتصادية تتلاءم مع المقتضيات الدولية.  
 
هذه السلة تحدث عنها ايضاً، السفير الأميركيّ السابق في لبنان ديفيد هيل في الورقة السياسيّة عن لبنان التي قدمها في مركز ويلسون، تحت عنوان " بناء سيادة لبنان وبناء الدولة"، مشيراً الى ان انتخاب رئيس، وتعيين رئيس للوزراء، وتشكيل حكومة فاعلة، هي خطوات أساسيّة متتالية لتحقيق الاستقرار في لبنان، وهي "صفقة شاملة" لتعزيز السيادة والإصلاح بحسب تعبيره. 
وإنطلاقاً من هذا، يؤكد المراقبون ان الكلام الجدي سيكون مؤجلاً إلى ما بعد زيارة لودريان، فيما ترجح المصادر انه خلال الايام القليلة المقبلة سيظهر الى العلن أكثر فأكثر الدور الاميركي المعرقل لانتخاب الرئيس، لفرض المرشح الذي تريده أمريكا ويتناسب مع سياستها، لافتة الى ان الخطوط العريضة التي ُوضعت في الايام الماضية حول لبنان توحي أن ثمة ضغوط كبرى سُتمارس على البلد من خلال التلويح مجدداً بعصا العقوبات على كل من يتسبب بعرقلة عملية انتخاب الرئيس. 
 
وفي هذا الإطار، اشار بري الى أن هناك نوّاباً يزورون الولايات المتحدة بمؤازرة بعض اللبنانيين المقيمين هناك، ويطلبون من الأميركيين فرض عقوبات على شخصيّات سياسيّة معيّنة تُصنّف خصوما لهم، وأيضاً هناك وشايات من بعض النواب الذين زاروا دولاً أوروبية، ولكن لا صحّة للحديث عن عقوبات، قائلاً: "حتى اليوم لم يجرؤ أحد أن يبلّغني بالعقوبات". 

وهو ما أكده ديفيد هيل في توصياته خلال برنامج الشرق الأوسط (MEP) التابع لمركز ويلسون، لافتاً الى ان "العقوبات جزءاً لا يتجزّأ من سياسة الولايات المتّحدة تجاه الأطراف السيّئة في لبنان، وتحظى بدعم قويّ من الحزبين في واشنطن، الأمر الأقلّ وضوحاً هو كيف قاموا ماديّاً بتقديم أهداف سياسيّة واضحة المعالم. يمكن أن يكون التهديد بفرض عقوبات أكثر فعاليّة في تحقيق أهداف دبلوماسيّة محدّدة من تطبيقها". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4