تتزايد حالات التعنيف الأسري في المجتمعات السورية بكثرة، وخاصة بعد الأوضاع المعيشية السيئة التي يعايشها المواطنون على كافة الأراضي السورية، وانعكست آثارها السلبية على سلوكيات الأفراد تمثلت بحوادث قتل وضرب وانتحار، تأثر بها كلا الجنسين الذكر والأنثى على حد سواء، ولم تكن هذه الحالات بارزة، إلا إن نتائجها السلبية بدأت تظهر في السنوات الأخيرة خاصة بعد انتشار ظاهرة الفقر والبطالة وتزايد حالات زواج القاصرات بشكل كبير.
وسطت منظمات حقوقية ، الضوء على الأطفال الذين كانوا ضحية التعنيف الأسري، بعد 12 سنة من الحرب الدائرة في البلاد، بالرغم من حرمان أغلب الأطفال في سوريا من حقوقهم، إلا إن تعرضهم للتعنيف الأسري في ظل الظروف الراهنة جعلهم أداة تستخدم في الكثير من النواحي الخطيرة مع غياب عنصر القانون ، الأمر الذي أدى إلى تشرد الكثير من الأطفال وانتشار عمالة الأطفال بعد هروبهم من المنزل ومجابهة عنف من نوع آخر في الخارج، بأعمال شاقة لا تتوافق مع بنيته الجسدية، ومن جهة أخرى انضمام الكثير منهم دون السن القانونية إلى التشكيلات العسكرية على اختلاف مناطق السيطرة في سوريا، بالرغم من الاتفاقيات الدولية التي تمنع تجنيد الأطفال.
ووجد الفتيات والفتيان التنظيمات العسكرية ملجأ للهرب من الظلم الأسري، فانخرطوا في صفوف التنظيم والمسلحين والفصائل التكفيرية، و”الشبيبة الثورية”، في شمال شرق سوريا.
وبحسب المنظمات الحقوقية، يواجه الأطفال والمراهقين من عنف بدني وجنسي ونفسي وإهمال من قِبَل الأبوين ومقدّمي الرعاية وكثرت في هذا الصدد العديد من حالات الاغتصاب خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، حيث وثقت في 1 من تموز الجاري، اغتصاب عنصر من فرقة ” الحمزة” طفلة تبلغ من العمر 13 عاماً مستغلاً وضع عائلتها المادي.
أما في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، تتزايد معدلات الجريمة نتيجة التعنيف الأسري، ما يدفع بالكثير من السيدات للانتحار، حيث تم توثيق في 1 من تموز الجاري، انتحار أم لستة أطفال، بطلقة نارية، داخل منزلها، في مدينة صحنايا بريف دمشق، بعد ما تعرضت للضرب والتعنيف الأسري من زوجها، حيث كان يقوم بضربها ويمنعها مع أطفالها من الذهاب إلى منزل أهلها طيلة سنوات الزواج، نتيجة خلافه معهم، ليبقى بعد وفاتها مصير 6 أطفال مجهولا.
كما وثقت المنظمات شهادات بعض الأطفال الذين تعرضوا للتعنيف الأسري، ومنهم الطفل (س.خ) الذي يبلغ من العمر 11 عاما، من ريف الحسكة ، الذي اشتكى من تعنيف والده له وشتمه وضربه أحياناً، فقرر البقاء خارج المنزل، هرباً مما يتعرض له حيث ذهب مع صديقه في الحي للعمل في محل لصيانة السيارات “ميكانيكي”، موضحا أنه واحدا من 5 أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 16 سنة يعملون في الورشة
وفي شهادة أخرى يقول الطفل (ر.ر )ويعمل في محل لتكييف السيارات ويبلغ من العمر 8 سنوات ، أعمل في هذا المجال لأن والدي كان يخبرنا دوماً بأننا أصبحنا عالة عليه، ولا يستطيع تأمين جميع متطلباتنا، وطلب منا الخروج للعمل كباقي الأطفال. ويقول الطفل أنه يتعرض للتوبيخ والضرب والإهانة من رب العمل، وبالمقابل يحصل في نهاية اليوم على أجرته.
و تقول القاصرة (ه.م) أنا كنت مهمشة بالكامل في المنزل نحن 7 فتيات و4 شبان في المنزل بقرية صغيرة بريف الحسكة ، قررت أن أكون شخصيتي ويكون لي ثقل ووزن في المجتمع فقررت الإنتساب الى صفوف “الشبيبة الثورية” ، كان الأمر صعبا علي خلال الأشهر الثلاثة من انضمامي، حاول أهلي التواصل معي واللقاء بي في محاولة منهم للعودة إلى المنزل لكني قررت أن أستمر.
وليست الأسباب السابقة الذكر الوحيدة لتكون سبباً في تشريد وضياع جيل كامل من الأطفال، فالحديث يطول حول العوامل والأثار والأسباب الكثيرة التي يؤدي إليها العنف الأسري والنتائج الوخيمة التي تحصل بسببه.
وتزداد معاناة الأهالي في عموم المناطق السورية، حيث يشتكون من ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الليرة السورية وغياب للرقابة التموينية على المحلات التجارية، بالإضافة إلى احتكار للمواد الغذائية.
ومع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 13000 ليرة سورية، فإن الأهالي يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية من السلع الغذائية والمنزلية. وبالتزامن مع ذلك، تشهد المحلات التجارية احتكارًا للمواد الغذائية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ.