حالات الاقتتال العشائري في مناطق قسد منذ بداية تموز

اعداد سامر الخطيب

2023.07.19 - 07:36
Facebook Share
طباعة

 بعد سنوات من الحرب، وتغيّر خريطة السيطرة العسكرية في سوريا، وما نتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية، تصاعدت حالات الاقتتال والخلافات ذات الطابع العشائري، في مجتمع تشكل العشائرية ركن أساسي في معظم محافظاته.
وسجلت مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية” منذ مطلع شهر تموز الجاري، 10 حوادث انفلات أمني وحالات اقتتال عشائرية بدافع الثأر وغيرها، في ظل انتشار السلاح وتطبيق قانون العشيرة ضمن مناطق شرق الفرات.
وتسببت هذه الحوادث بمقتل 5 مدنيين، هم: طفل وسيدة و3 رجال، وإصابة 13 شخصا بجروح، وكان لمدينة دير الزور النصيب الأكبر منها.
وفيما يلي تفاصيل حوادث الفلتان الأمني ضمن مناطق “الإدارة الذاتية” بحسب منظمات حقوقية:
في 2 تموز، أصيب مواطن بجراح بليغة نقل على إثرها إلى إحدى المشافي في الحسكة لتلقي العلاج، إثر اندلاع اشتباكات مسلحة بين أبناء عمومة من عائلتي “البوصالح” و”البوعز الدين” من عشيرة العكيدات، على خلفية مشاجرة تطورت لاشتباكات استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة في بلدة ذيبان ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور الشرقي. وبنفس التاريخ أصيب شخصان بجروح متفاوتة، نتيجة اندلاع مشاجرة بين عائلتين من أبناء العمومة، بسبب خلاف قديم، سرعان ما تطورت إلى اشتباكات مسلحة بين الطرفين، في بلدة الجرذي الغربي بريف دير الزور الشرقي.
في 4 تموز، اندلعت اشتباكات عائلية مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة، بين عائلتين من عشيرة الشعيطات، إثر خلاف نشب بين العائلتين بسبب معابر “التهريب” في حي مهميدة في بلدة الكشكية، في ريف دير الزور الشرقي.
وفي 5 تموز، أصيب 6 أشخاص بجروح متفاوتة، نتيجة خلاف عشائري بين أبناء عائلتين من “فخد العليات”، في بلدة الكرامة بريف الرقة الشرقي، تطور إلى استخدام الأسلحة، بسبب خلاف على سقاية الأراضي الزراعية، فيما تدخلت القوى الأمنية التابعة لـ “الأسايش” لفض النزاع، حيث جرى نقل الجرحى إلى المستشفى لتلقي العلاج. وبنفس التاريخ قتل شخص وأصيب اثنان آخران بجراح، في اقتتال مسلح نشب بين أبناء عمومة من عشيرة “البكير”، وسط استخدام الأسلحة في قرية الحصين بريف دير الزور الشمالي، فيما تدخلت القوى الأمنية التابعة لـ “الأسايش” لفض النزاع وحل الخلاف، بينما جرى نقل الجرحى إلى المستشفى لتلقي العلاج.
في 6 تموز، قتل شخص، إثر اندلاع اشتباكات مسلحة، بين عشيرتين من أبناء العمومة على خلفية تجدد ثأر قديم، في قرية رويشد بريف دير الزور الشرقي، وحشود من أبناء العشيرتين، وحالة من التوتر والخوف بين المدنيين، مناشدين شيوخ ووجهاء العشائر بالتدخل لحل الخلاف بين الطرفين. كما فارقت سيدة حياتها، إثر اشتباكات مسلحة بين عائلتين في مدينة الرقة، حيث تطورت المشاجرة لاستخدام الأسلحة الرشاشة، في منطقة باب بغداد بمدينة الرقة.
في 8 تموز، أصيب شاب بجروح، إثر اندلاع اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، بين أبناء عمومة، في مدينة البصيرة بريف دير الزور.
في 14 تموز، قتل طفل بالرصاص، نتيجة خلاف عائلي جرى بين أبناء عمومة، تطور إلى استخدام السلاح، في بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي.
وفي تموز، قتل مواطن وأصيب آخر إثر اندلاع اقتتال بين مجموعة من أبناء عشيرة “البوخميس” نتيجة خلافات فيما بينهم في منطقة “العكيرشي” شرقي الرقة ، وسط حالة من التوتر والفوضى العارمة التي سادت المنطقة.
وبذلك، يرتفع عدد حالات الاقتتال نتيجة الأخذ بالثأر والاشتباكات العائلية والعشائرية وفوضى انتشار السلاح بشكل عشوائي بين المدنيين، ضمن مناطق “الإدارة الذاتية، إلى 92 اقتتال، أسفرت عن مقتل55 شخص بينهم 3 أطفال و3 سيدات ، وإصابة 114 بينهم 7 سيدات و3 أطفال، منذ مطلع العام 2023، توزعوا على النحو التالي:
69 في دير الزور أسفر عن مقتل 33 شخص بينهم 3 أطفال و2 سيدة وإصابة 71 آخرين بينهم 6 سيدات وطفلين.
7 في الحسكة أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 11 بجراح بينهم سيدة وطفل
12 في الرقة، أسفر عن مقتل 12 شخص بينهم سيدة وإصابة32 بجراح.
4 في ريف حلب أسفر عن مقتل 4 أشخاص.
ومما سبق، يُلاحظ الفوضى الكبيرة بمناطق الإدارة الذاتية في محافظة دير الزور والتي تصدرت المشهد، بالإضافة للخسائر البشرية الفادحة الناتجة عن تلك الاشتباكات، فإنها تثير ذعر واستياء الأهالي، الرافضين لغلبة السلاح عن القانون، وسط عدم تمكن القوات العسكرية المسيطرة من فرض الأمن والحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
وتحذر منظمات حقوقية من خطورة ظاهرة الاقتتال العشائري والعائلي، وسطوة السلاح على القانون، في ظل انتشار كبير للسلاح في عموم الأراضي السورية وعدم تمكن القوى العسكرية بإيجاد حلول فعالة ضد هذه الظاهرة.
ورأى مصدر عشائري أن البعض وجد في الفلتان الأمني خلال سنوات الحرب، وخصوصاً بعد المصالحة، فرصة لأخذ ثأره وتصفية حساباته وتفريغ حقده. مستدلا بحوادث “ثأر”، نفذها شبان مراهقون مستغلين انتشار السلاح في أعقاب اندلاع الحرب السورية، رداً على عمليات قتل “وقعت في وقت لم يكن بعض هؤلاء مولودين أصلاً”، على حد قوله.
وأكد وجود “خلل كبير في مفاصل العشائر، شرق الفرات وغربه، منذ بداية الأحداث، وكان لذلك تأثيراً كبيراً على المجتمع العشائري بشكل عام، "إذ كان يوجد سابقاً “مرجعيات عشائرية كبيرة تتحكم بمفاصل العشيرة، وأي خلاف عشائري يرد إليها ويحل بالطرق المرسومة للعشائر، سواء عن طريق العرف أو الشرع أو التقاليد، لكنها لم تعد موجودة اليوم”.
وأسهم “التقزيم العشائري”، كما وصفه المصدر، في زيادة النزاعات العشائرية، إذ كان “شيوخ ووجهاء عشائر يتحكمون بأفراد العشيرة سابقاً، لكن الآن هناك انفلات في قيادة العشائر”، إضافة إلى “وجود أيادٍ خارجية تلعب بمفاصل العشائر من دول الجوار، وتحاول التحكم بشيوخ العشائر، من أجل زعزعة الاستقرار ومنع التلاحم العشائري”.
ونتيجة لهذا الخلل “صار الثأر العشائري يُؤخذ بطريقة عشوائية وهمجية، وسط غياب السلطة الرادعة بشكل حقيقي، وهو ما أعطى ضوءاً أخضر لفئة الشباب، الذين لا ينصاعون للسلطة أو للعشيرة”.
وتشكل القبائل العربية أغلبية التعداد السكاني شرقي وشمال شرقي سوريا، وتنتشر على طول نهر “الفرات”، وفي الجزيرة السورية ومدن ومناطق أخرى من سوريا، لكن على الرغم من هذا الانتشار، فإنهم لا ينضوون تحت تنظيم عسكري أو زعامة واحدة، إذ تفرق رأيهم خلال سنوات الصراع الماضية في سوريا، في ظل انقسام بالآراء السياسية والمنافع.
وتُعتبر الخلافات وقضايا الثأر وغيرها، مقومات تؤدي إلى الاقتتال العشائري الذي ينشب في مناطق وجود القبائل العربية وخاصة في المنطقة الشرقية بسوريا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1