في خطوة تعتبر الأولى منذ 13 عاماً، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر، درجة واحدة من "بي +" إلى "بي"، وعدلت نظرتها المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية".
وتتوقع الوكالة أن الدين العام للحكومة المصرية سيرتفع إلى 96.7 بالمئة من الناتج المحلي في السنة المالية 2023/2022 من 86.6 بالمئة في السنة المالية 2022/2021.
وذكرت "فيتش" أنه من المفترض أن ينخفض سعر الصرف على نحو أكبر، قبل أن يستقر في السنة المالية المنتهية في يونيو 2024.
وتعاني مصر من نقص في العملة الأجنبية على الرغم من انخفاض الجنيه المصري بنحو 50 بالمئة منذ مارس /آذار وتوقيعها على حزمة إنقاذ جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون أول.
ويرى الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، أن "هذا التخفيض ليس الأخير، وأن كل المؤسسات العالمية تنظر نظرة سلبية إلى الاقتصاد المصري، هذه النظرة التي اتفقت عليها المؤسسات المالية العالمية تكشف بوضوح انكشاف الاقتصاد المصري أمام العملات الصعبة وتدهور وضعها في البنوك إلى سالب 24 مليار دولار".
وأضاف علي بأنه إلى جانب ما سبق، لا توجد اعتمادات جديدة للسماح للمستوردين والمصنعين والمنتجين بالاستيراد بالشكل الاعتيادي، إلى جانب توقف أو تعثر كل خطط الدولة عن طرح شركات الجيش أو الدولة للقطاع الخاص، و"هذا دفع بعض الشركات الإقليمية إلى التراجع عن خططها للاستثمار نتيجة رؤيتها المتشائمة لأوضاع الاقتصاد المصري".
وأشار علي إلى أنه "كان هنالك مراجعة من صندوق النقد الدولي في آذار/ مارس الماضي تم تأجيلها نتيجة عدم قيام الحكومة بالخطوات والإجراءات المتفق عليها، ونحن بصدد أزمة كبيرة، نحن أمام أزمة خانقة ومتخذ القرار يغمض عينيه بانتظار معجزة ولكن لا توجد خطوات لتغيير الوضع".
وكان وزير المالية المصري محمد معيد قد صرح أن قرار وكالة "فيتش" خفض التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية إلى درجة "بي"، مع تحويلها نظرتها المستقبلية إلى سلبية، يعكس نظرتها إلى تقديرات الاحتياجات التمويلية الخارجية للاقتصاد المصري، في ظل ظروف أسواق المال العالمية غير المؤا
تية لكل الدول الناشئة.
وأضاف أن قرار الوكالة يعكس تقديراتها وتحليلاتها، على ضوء استمرار تعرّض الاقتصاد المصري لضغوط خارجية صعبة، نتيجة للتحديات العالمية المركبة المتمثلة في التداعيات السلبية للحرب في أوروبا، وموجة التضخم العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة والإقراض وتكلفة التمويل، بسبب السياسات التقييدية للبنوك المركزية حول العالم.
وتابع معيط أن هذه الأسباب أدت إلى موجة من خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر، لصالح الدول والأسواق المتقدمة، وهو ما يتزامن مع صعوبة الوصول للأسواق العالمية، وما تعانيه من حالة "عدم اليقين" لدى المستثمرين.
وزاد معيط، في بيان للوزارة، أن الاقتصاد المصري استطاع جذب استثمارات أجنبية كبيرة خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، إلى جانب موارد مالية من مؤسسات دولية عديدة عبر (الاقتراض من الخارج)، رغم شدة الضغوط والتحديات العالمية.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي والقيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي إلهامي الميرغني، ظلت الحكومة تفاخر لسنوات بالتصنيف المرتفع وكنا نحذر أن هذه التصنيفات تورط مصر في المزيد من الديون المنفلته والتي توسعت فيها مصر خارجياً وداخلياً، وبعد أن احتدت الأزمة الاقتصادية، و بدء موسم حصاد نتائج السياسات الاقتصادية التي تطبقها مصر منذ 2014، كشفت هذه المنظمات عن وجهها الحقيقي وخفضت تصنيف مصر الإئتماني لمراحل متدنية خلال الشهور الأخيرة بما يحول دون حصول مصر على قروض جديدة إضافة إلى إحجام المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة في مصر وهروب الاستثمارات القائمة حتى من المصريين كما جاء في تصريحات الملياردير المصري سميح ساويرس.
وتابع الميرغني، أن خفض التصنيف الائتماني لأي دولة يؤثر بشكل مباشر وسلبي على صورتها وسمعتها، ويقلل كثيراً من قدرتها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات.كما يزيد هذا الإجراء من تكلفة التأمين على ديونها، ويجعل السندات السيادية غير جذابة للأسواق نظراً لارتفاع المخاطر. ويدفع خفض التصنيف وعدم القدرة على إصدار السندات إلى لجوء الدولة لاحتياطاتها النقدية، أو توجهها إلى الاستدانة بصورة مباشرة بما يفاقم الأزمة.
وأضاف، ورغم كل التغيّرات في تصنيف مؤسسات الإئتمان الدولية لوضع الاقتصاد المصري تصرّ الحكومة من خلال تصريحات رئيس الوزراء ووزير المالية ان الاقتصاد المصري بحالة جيدة ولكنه يواجه مجرد تأثير الأزمات الدولية مثل تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا ولا يوجد أي ذكر للأسباب الداخلية للأزمة وإهدار عشرات المليارات على مشروعات غير ملحة وغير ايرادية وعندما حل موعد السداد ظهرت الأزمة.
وتابع، العام الماضي عندما طلبت مصر مساعدة عاجلة من دول الخليج أودعت السعودية وقطر والإمارات 13 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري. ولكن بعد تفاقم الأزمة وتعثر صفقة بيع البنك المتحد للسعودية وصفقة بيع فودافون لقطر صرحت دول الخليج إنها لن تضح أي أموال أو استثمارات جديدة إلى أن يتم الالتزام باستكمال الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد وعلى رأسها تعويم سعر صرف الجنيه المصري، إضافة إلى تحقيق تنافسية القطاع الخاص وانسحاب القوات المسلحة من الاقتصاد. هكذا تحولت ضغوط الصندوق والبنك الى ضغوط دول مجلس التعاون الخليجي التي اعتمد عليها النظام من 2014 وحتى 2022.
الجدير بالذكر أنه في نيسان/ أبريل الماضي، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، لكنها أبقت على تصنيفها عند بي بي.
وفي شباط/ فبراير خفضت وكالة موديز، للمرة الأولى منذ 10 سنوات، التصنيف الائتماني السيادي لمصر درجة واحدة إلى "بي 3" من "بي بي 2" مع إمكانية خفضه مجددا.