بعد الحرب: الاستشارةُ النفسية من وصمةِ عار إلى ضرورةٍ مُلحة

يانا العلي - سورية- خاص وكالة أنباء آسيا

2023.05.02 - 03:04
Facebook Share
طباعة

 تجربةُ الحرب في سورية لها أثرٌ كبيرٌ على الصحةِ النفسية للسوريين، إذ أدت إلى تَفكك الأُسر والمُجتمعات، وتَردي الأوضاع المَعيشية، وانتشار العُنف والإرهاب، وفُقدان الأحبة والأماكن، والتشرُد، والمُعاناة الجَسدية والنَفسية. وقد أدت هذه العوامل إلى زيادة الإصابةِ بالأمراضِ النفسية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والصدمة النفسية واضطرابات الشخصية والإدمان والانتحار.

وفقَاً لتقرير نَشرهُ الاتحاد الدولي لجَمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 2021، فإن 70٪ من السوريين يَشعرون بالقلق، و60٪ يعانون من الاكتئاب، و20٪ يعانون من اضطرابات النوم، و10٪ يعانون من الصدمة النفسية.
وللاستفاضةِ حَول هذا الجانب تحدثتْ لوكالةِ أنباء آسيا الدكتورة إيمان بدر دكتوراه بالإرشادِ النَفسي وعضو هيئة تدريسية في جامعة طرطوس حيث قالت "لقد عانت سورية، منذُ أكثر من عشرِ سنوات، ظروف أزمة حقيقية على جميعِ الأصعدة، مثل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وغَيرها. وهذا بدوره، أثَّرَ بشكلٍ كبير وبالناحيةِ السلبيةِ على الصحةِ النفسية لمُعظمِ أفرادِ المجتمع، سواء كانوا يعيشون داخل سورية أو خارجها، نتيجة ظروف الهجرة والنزوح. أثرت هذهِ الأزمة على كافةِ فئات المجتمع، مثل الأطفال والمراهقين والشباب والراشدين وكِبار السن، حَيثُ فَقدت مُعظم الأُسر أحد أبنائها أو مُعيلها، نتيجة للظروفِ الصعبةِ التي تَمرُ بها البلاد. وتَعيش بعضُ الأسر في وضعٍ اقتصادي واجتماعي وصحي مُتدنٍ، مما يُسبب مُعاناة وجِراحًا نَفسية وصدمة لمُعظم السوريين."

وأضافت د. بدر:" انتشرت العديد من الاضطرابات النفسية، مثل اضطرابات القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، واضطرابات الأكل والنوم، والاضطرابات السيكوسوماتية. كما زادت المشاكل السلوكية بين الأطفال، وزادت حدتها بين المراهقين.و أكدت الدراسات الأكاديمية النفسية داخل الجامعات السورية على انتشار هذه الاضطرابات لدى كافةِ الشرائح العُمرية. "
ومن خلال أبحاث د. بدر التي تركزت على فئة المراهقين المُهجرين وأبناء الشهداء خلال عام 2016، أكدت على وجودِ 75 % من مراهقي العينة لديهم اضطراب كرب مابعد الصدمة.
وحول طرق المعالجة أفادتنا أن :" كُل ما سبق ذكره، يستدعي الاهتمام بالناحيةِ النفسية على أعلى المستويات، وذلك من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد، من أجل التعافي الصحي من الصدمات، وتقديم جلسات العلاج النفسي الفردي للحالات الشديدة من الاضطرابات المذكورة سابقاً، وجلسات العلاج الجماعي والجلسات التثقيفية. ويُكون ذلك من خلال التَشارك بين المُنظمات الإغاثية ومؤسسات المُجتمع المَدني والجامعات، بتشكيل فريق أكاديمي متخصص بالعلاج النفسي يُقدم أفضل الخدمات النفسية. بالإضافة إلى ذلك، يجب نَشر الوعي حول تَخفيف وصمة العار المتعلقة بالسعي للحصولِ على استشارة تَخص الصحة النفسية. على اعتبار أن الصحة النفسية والجسدية متلازمتان فإن ذلك يمكن أن يُسهل ويُعجل تَعافي أفرادِ المجتمع، من أجلِ العودةِ إلى حالةٍ صحيةٍ نفسيةٍ وعقليةٍ جيدة، وبالتالي رفع إنتاجية الأفراد، وبالتالي رفع إنتاجية المجتمع كَكُل."
بعدَ الحربِ التي عانت منها سورية، أصبحتْ الصحة النفسية للمواطنين تشكلُ تَحدياً كبيراً يواجههم. حيث تتفاوت حالاتها، فيوجد من يعاني من اضطراباتٍ نفسية خطيرة ويحتاجون إلى علاج ورعاية خاصة، ومنهم من يُعانون من اضطرابات خفيفة ويمكنهم التعافي بدعم من المجتمع والأهل والأصدقاء..ولايمكننا تجاهل بعض العوامل الأساسية الأُخرى التي يمكن أن تؤثر كثيراً على الصحة النفسية للسوريين، منها الحاجة الماسة إلى الخدمات الصحية الأساسية والأمن الغذائي والسكن الآمن. كما يواجه اللاجئون السوريون في الدولِ المجاورة تحدياتٍ كبيرة في تأمينِ الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5