أحجم المستثمرون من شراء سندات مصر" أدوات دين" المعروضة للبيع، بسبب تخوفاتهم من انخفاض آخر في قيمة الجنيه، إذ باعت مصر جزءاً ضئيلاً من السندات المعروضة والتي خصصت للبيع.
ورفضت الحكومة المصرية سداد ما يطالب به المستثمرون لتشجيعهم على شراء السندات، إذ طلب المستثمرون، عائدات وصلت إلى 28 بالمئة لشراء السندات التي طرحها البنك المركزي المصري بقيمة ثلاثة مليارات جنيه (نحو 97 مليون دولار) لتمويل احتياجاتها المالية، خوفا من انهيار قيمة الجنيه، وهو ما رفضته الحكومة المصرية.
فيما تراجع بعض المستثمرين عن شراء السندات المصرية في ظل توقعات برفع العوائد عليها قريبا لتتماشى مع الزيادة الأخيرة في أسعار الفائدة.
وتلقى البنك المركزي المصري 26 طلبا قيمتها 5.77 مليار جنيه (الدولار = 31 جنيها) بمتوسط عائد محتمل نسبته 24.15 في المئة في مزاد أُجري الاثنين، لكنه لم يقبل إلا واحدا فقط بعائد 21.7 في المئة.
واعتبر مسؤول في إدارة الخزانة بأحد البنوك المصرية، أن عدم قبول أي مبلغ بعائد مطلوب مرتفع هو حق أساسي للبنك المركزي، مشيراً إلى أنّ البنك لا يرغب في تحميل ميزانية الدولة المزيد من الأعباء.
وأوضح المسؤول أنه "ليس بالضرورة أن ترتفع عوائد السندات والأذون بكامل نسبة الرفع، وهذا يتوقف على آجالها، وتوقعات تحرك الفائدة في الفترات المقبلة".
ولم يتغير العائد المقبول عن عرض مماثل في 21 مارس الماضي حين بيعت سندات قيمتها 5.06 مليار جنيه، على الرغم من زيادة سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة 200 نقطة أساس إلى 18.75 في المئة الخميس الماضي.
وتعتمد مصر على السيولة المالية التي توفرها أدوات الدين لتدبير احتياجاتها الإنفاقية العاجلة، وتقدر الفجوة بين الإيرادات والمصروفات بنحو 558 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجاري 2022 – 2023.
وخلال الأسابيع الأخيرة، توقعت بنوك استثمار كبرى، ومراكز أبحاث، انخفاضاً وشيكاً لسعر العملة المصرية أمام الدولار، وصولاً إلى منطقة 35 جنيهاً لكل دولار.
ولم يتجاوز السعر الرسمي في البنوك المصرية حتى الآن مستوى 31 جنيهاً للدولار، لكن بعض التجار قالوا إنهم باعوا الدولار في السوق غير الرسمية بسعر 34 جنيهاً لكل دولار.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي، عماد عبدالحليم، إن عدم ثقة المستثمر في العملة المصرية يعتبر شيئا طبيعيا خاصة مع انخفاض الجنيه أكثر من 3 مرات في عام واحد.
وأضاف أن التوقعات بخفض جديد في قيمة الجنيه للمرة الرابعة خلال مدة قصيرة، تسبب في انخفاض الطلب على الدين بالعملة المحلية المصرية، ما أدى إلى ارتفاع العائدات إلى مستويات قياسية، وهو ما يسبب خسائر للحكومة المصرية عند طرح سندات الدين للبيع.
وأوضح أن عدم قدرة مصر على بيع السندات تعتبر سابقة هي الأولى من نوعها، خاصة أن الحكومات دائما ما كانت تعتمد عليها كوسيلة مضمونة للحصول على السيولة.
ويرى الخبير الاقتصادي أن ما يحدث يعتبر مؤشرًا خطيرًا، لأن هذا يعني أن بيع السندات المحلية لأجل ثلاثة أو ستة أشهر أو سنة أو ثلاث سنوات لن يكون سهلا، وأن البنك المركزي سيعاني لتوفير سيولة للحكومة، وهذا يعني أن التقشف سيكون سيد الموقف بالنسبة للحكومة في الفترة المقبلة.
وبحسب خبراء اقتصاد فإن الدول التي تواجه عجزا مزمنا في الموازنة وتضطر إلى عرض فائدة مرتفعة على ديونها تدخل في دائرة مفرغة، حيث ستتزايد عليها الأعباء المالية، ويدفعها ذلك إلى اقتراض المزيد من الأموال لسداد الالتزامات، وهو ما ينطبق على الحالة المصرية، والتي يمكن أن تدخل مرحلة الخطر لاحقا.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت أنها ستواجه العجز الكلي المتوقع في موازنة هذا العام من خلال إصدار أذون وسندات بقيمة تتجاوز 1.5 تريليون جنيه، علاوة على قروض من مصادر خارجية قيمتها 12.6 مليار جنيه.