في خطوة احتجاجية، أعلن عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية الدكتور أحمد حسين استقالته من المجلس، احتجاجًا على حذف النقابة بيانًا طالبت فيه بالتحقيق مع ضباط وأفراد قسم شرطة جمصة الذي شهد وفاة طبيب محتجز فيه الأسبوع الماضي.
وقبيل إعلان الاستقالة قال حسين أنه تلقى اتصالًا من ضابط في الأمن الوطني طلب منه حذف البيان من صفحة النقابة على فيسبوك، وأكد أنه لن يحذف شيئًا. ولكن صفحة النقابة لاحقًا حذفت بوست البيان.
وقال حسين في بوست عبر صفحته مساء الأحد الماضي، “تقدمت الآن إلى نقيب الأطباء ومجلس النقابة العامة للأطباء باستقالة نهائية من عضوية مجلس النقابة العامة للأطباء، اعتراضًا على الرضوخ للضغوط من خارج المجلس، وحذف خبرين تم نشرهما على الصفحة الرسمية لنقابة الأطباء بشأن تقديم بلاغ للنائب العام في واقعة وفاة الطبيب رجائي وفائي محمد، بدلًا من أن نؤكد ونفخر أننا نتخذ المسار القانوني لمحاسبة المخطىء مهما كانت الجهة المنتمي إليها”.
وتأتي استقالة عضو مجلس نقابة الأطباء، بعد أيام قليلة من اتهام نقابة أطباء مصر لأفراد قسم شرطة جمصة بمحافظة الدقهلية، بالتعذيب البدني والنفسي لطبيب داخل محبسه بالقسم، ما تسبب في وفاته أثناء نقله للمستشفى، وهو ما نفته وزارة الداخلية المصرية.
ففي 30 مارس/آذار الماضي، أعلنت نقابة أطباء مصر تقدمها ببلاغ إلى النائب العام ضد مأمور قسم شرطة جمصة وجميع الضباط وأفراد الشرطة بالقسم، متهمة إياهم بتعذيب وقتل طبيب يدعى رجائي وفائي محمد.
وعن تفاصيل الواقعة، قالت النقابة في بيان لها إن "الطبيب المتوفى كان يعمل كأخصائي طب نفسي، وتم التحقيق معه بقضية طبية مهنية، حيث أصدرت النيابة العامة قرارا بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، وتم إيداعه بحبس قسم شرطة جمصة".
وتم تجديد حبس الطبيب لمدة 15 يوما جديدة، وخلال فترة حبسه الاحتياطي واجه تعنتًا ومعاملة سيئة من قبل ضباط وأمناء الشرطة بقسم الشرطة، وتعرض للتعذيب النفسي والبدني، ما أدى إلى وفاته في 6 مارس، وفقا لبيان نقابة الأطباء.
وتضمن بيان النقابة شهادة زوجة الطبيب المتوفى، والتي عاينت جثمانه بعد وفاته وقالت إنها "اكتشفت أنه تم حلق شعره في قسم الشرطة". كما أضافت في شهادتها أنه تم منع الطبيب من قضاء حاجته بدورة مياه مناسبة، رغم وزنه الذي تعدى 160 كيلو غرام وإصابته بأمراض الضغط والسكري وتيبس بمفاصل الركبة وغضاريف عنقية ضاغطة على الحبل الشوكي.
وحسب شهادة الزوجة فإن مسؤولي قسم الشرطة كانوا يعاملون الطبيب معاملة مهينة، وعلى أثر التعذيب البدني والنفسي ساءت حالته وتم نقله إلى مستشفى ومنها إلى مستشفى أخرى لوجود "ارتشاح بالرئتين وحاجته لدخول العناية المركزة"، لكنه توفي قبل وصوله المستشفى الأخير.
وكانت النيابة العامة قد أمرت بتشريح جثمان الطبيب بعد المعاينة، وتم أخذ أقوال زوجته وبعض الأشخاص الذين كانوا متواجدين معه بمحبسه وسردوا ما حدث داخل الزنزانة، حسب بيان النقابة.
وصفت النقابة ما حدث للطبيب بكونه "انتهاكا لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي التزمت بها مصر وتحمي حقوق الإنسان وتناهض التعذيب بكافة أشكاله، إضافة إلى الدستور المصري الذي تضمن العديد من المواد التي تحمي حقوق الإنسان منها المادة 55".
وتنص المادة 55 من الدستور المصري على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ كرامته ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه، ولا إيذاءه بدنيا أو معنويا".
وفي بلاغها للنائب العام، طالبت النقابة بتوجيه تهمة القتل العمد إلى مأمور وضباط وأفراد شرطة قسم جمصة الذين تعاملوا مع الطبيب رجائي وفائي، وذلك استنادا إلى نص المادة 126 من قانون العقوبات التي تنص على أن "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالإشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، وإذا مات المجني عليه يحاكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد".
في المقابل، نفت وزارة الداخلية اتهامات نقابة الأطباء، وقالت في بيان لها عبر صفحتها على الفيسبوك، أن الطبيب المتوفى شعر بحالة إعياء في 6 مارس الماضي، وتم نقله على الفور إلى المستشفى لتلقى العلاج إلا أنه توفي.
ووثق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ( وهو مركز غير حكومي) 374 انتهاكاً لحقوق الإنسان في الربع الأول من العام، من بينها تسع حالات وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر.
وطبقاً للتقرير الصادر عن المركز، أمس الإثنين، لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، تم توثيق 11 حالة تعذيب، و59 واقعة تكدير، و57 واقعة تكدير جماعي، و30 واقعة تدوير على ذمة قضية أخرى، و42 حالة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، و127 حالة إخفاء قسري، و596 ظهور مختفين منذ فترات ومدد متفاوتة، و38 حالة عنف من الدولة.
وعن أشكال التعذيب، سواء الفردية أو الجماعية في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة التي يرصدها التقرير، منها الضرب والنقل لزنزانة انفرادية بالقوة، والسحل والصعق بالكهرباء في أماكن مختلفة وحساسة في الجسم، وربط اليدين من خلاف وتعليق الأرجل، ورمي البراز في الوجه وعصب العينين.
ومن بين أشكال التكدير الفردي أو الجماعي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، بحسب المركز نفسه، الحرمان من التعيين، وقطع المياه لأيام، ومنع الزيارات لسنوات، وتقليص وقت الزيارة ومحتوياتها من طعام ومستلزمات للحد الأدنى، ومنع دخول العلاج والملابس وتجريد الزنازين، بالإضافة إلى حلق الشعر عنوة والضرب الجماعي ومنع التريض والخروج من الزنازين وحبس أعداد كبيرة في زنازين مكدسة.
ويجمع مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف أخباراً نشرتها منصات إعلامية مستقلة مختلفة، وحسابات كثيرة على منصات التواصل الاجتماعي، جميعها ترصد حالات من الانتهاك ضد المصريين من قتل وتعذيب وتكدير وإهمال طبي واختفاء قسري وعنف. ولا يحمل التقرير رأي فريق في مواجهة آخر.