يبدو أن الخلافات قد اشتعلت من جديد بين جبهتي جماعة الإخوان المتنافستين على زعامة التنظيم، وذلك على خلفية انتخاب صلاح عبد الحق قائد جبهة لندن قائما بأعمال المرشد.
ورفضت جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين، الاعتراف بانتخاب صلاح عبد الحق، وأعلنت أن ما ذكر عن انتخابه كاذب، واصفة ما حدث بالمحاولات المتجددة لاستحداث كيانات موازية لمؤسسات جماعة الإخوان، أو تسمية أشخاص بمهام ومسميات مدعاة بعيداً عن المؤسسات الشرعية للجماعة تحت دعاوى مختلفة.
وقالت الجبهة إن جماعة الإخوان لها مجلس شورى عام من الداخل والخارج، وهو الذي اختار الدكتور محمود حسين قائما بأعمال المرشد العام، وشكل هيئة إدارية جديدة في ديسمبر الماضي، مؤكدة أن هذا شأن مصري خالص تم وفق قواعد ولوائح الجماعة.
وبحسب موقف جبهة اسطنبول، أصبح لجماعة الإخوان المسلمين قائمَين بأعمال المرشد العام، صلاح عبد الحق لدى جبهة لندن ومحمود حسين لدى جبهة إسطنبول، لتواصل الجماعة السير في نفق الانقسامات الذي بدأته منذ عام 2016.
وكشفت مصادر لوكالة أنباء آسيا أن الاجتماع الذي تم فيه اختيار عبد الحق خلفاً لإبراهيم منير لم يكن معلنا، وحضره أكثر من 1500 من قيادات وأعضاء الإخوان ، وتمحور حديث القائم بأعمال المرشد الجديد حول الشؤون الداخلية للجماعة.
وشارك في الاجتماع عدد من قيادات الجماعة؛ من بينهم محيي الزايط، محمد البحيري، حلمي الجزار، أحمد شوشة، شريف الدين محمود، عبد المنعم البربري، محمد الجزار، محمد الفقي، السعدني أحمد البري، وصهيب عبد المقصود.
وأوضحت المصادر أن السياسة غابت عن كلمة عبد الحق في الاجتماع، مشيرة إلى أن القائم بأعمال المرشد الجديد يستهدف الآن ترتيب الجماعة من الداخل، وحل الإشكالات التي وقعت فيها الجماعة خلال الاعوام الماضية.
وأوضح المصدر أن الجميع يبحث عن قيادة الجماعة، إذ أنها مسألة تتعلق بأنّ من يقود سيحوز سلطة كبيرة وأموالاً لا حصر لها، بل ويمكن له أن يتحكم في التنظيم الدولي.
وأشار إلى أنّ كل قيادات الإخوان في الشتات خارج مصر يتمتعون بشرعية منقوصة، وأنّه رغم تولّي صلاح عبد الحق بشكل رسمي قائماً بأعمال المرشد في مؤتمر حضره العديد من الأفراد، إلا أنّه لم يحز على الرضا الكامل، وأنّ الآخرين يستندون إلى شرعيات أخرى تمكنهم من الصراع أيضاً على قيادة التنظيم المنقسم فعلياً إلى جبهات متصارعة.
والتحق صلاح عبد الحق بجماعة الإخوان عام 1962 وهو في المرحلة الثانوية، بعد أن تأثر بأفكار مؤسّسها حسن البنا، وفي عام 1965 تعرّض الشاب للاعتقال وهو في العشرين من عمره عقِب حملة الاعتقالات الشهيرة التي قام بها الرئيس المصري جمال عبد الناصر ضد الإخوان، وهناك رافق محمد بديع (المرشد العام للجماعة والمعتقل حاليًّا في السجون المصرية) ومحمود عزت (نائب المرشد والمسجون حاليا)، وخرج بعد 9 سنوات من لحبس.
عقب خروجه من السجن انطلق للعمل العام داخل الجماعة، حيث نشط من خلال العمل الإسلامي الطلابي داخل الجامعات خلال فترة الثمانينات، حتى تخرُّجه في كلية الطب بجامعة عين شمس عام 1976، ليبدأ بعدها مساره المهني كطبيب للأمراض الجلدية، ثم أكمل الماجستير عام 1982 في التخصُّص ذاته.
في عام 1985 سافر إلى السعودية حيث عمل هناك طبيبًا بأحد المراكز المتخصصة، وتزوّج حينها من ابنة القيادي في الإخوان عبد الرحمن رأفت الباشا، أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعود، وأحد مؤسسيها.
وتقلد العديد من المناصب التنفيذية داخل الجماعة وخارجها، حيث تولى مسؤولية "المنتدى الإسلامي العالمي للتربية" لأكثر من 15 عامًا، واُختير عضوًا بمجلس الشورى العام لجماعة الإخوان، وممثّلًا عن رابطة الإخوان المسلمين المصريين في الخارج في فترة قيام الراحل إبراهيم منير بأعمال المرشد العام.
تفرّقت الجماعة وقسمت مؤخراً إلى 3 جبهات رئيسية، جبهة محمود حسين في إسطنبول، وجبهة إبراهيم منير في لندن، ثم جبهة المكتب العام أو فيما أُطلق عليه تيار التغيير،الذي خرج عن مسار الجبهتين.
وبدأ الانشقاق فعليا داخل جماعة الإخوان في ديسمبر من العام 2021 مع إعلان جبهة إسطنبول تكليف قائم بمهام المرشد العام للجماعة لمدة 6 أشهر، وعزل إبراهيم منير وفصله نهائيا وكذلك أعضاء جبهته.
لترد جبهة لندن بقيادة منير بتشكيل مجلس شورى جديد للجماعة، واوكلت عددًا من الشخصيات ليكونوا أعضاء بمجلس الشورى أغلبهم من المقيمين في إسطنبول والباقي من الأقطار والدول الأخرى ومن داخل مصر.