أكل لحم الحمير يثير الجدل في مصر

2023.03.14 - 07:31
Facebook Share
طباعة

 حالة من الجدل أثيرت على مدار الأيام القليلة الماضية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك في مصر، بعد تصريحات صادمة لأحد الاعلاميين إجازة أكل لحوم الخيل والحمير، باعتبارها مصدراً للبروتين الحيواني الآمن، الأمر الذي أثار حفيظة المواطنين، وبخاصة أنّ هذا الحديث يأتي تزامنًا مع موجة ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم ومختلف السلع الغذائية نتيجة معدلات التضخم المرتفعة في البلاد إثر أزمة اقتصادية تمر بها مؤخراً.

وكان الإعلامي المصري تامر أمين، قد قال عبر برنامجه المذاع على إحدى الفضائيات المصرية" "في حدود معلوماتي بيتهيألي لا يوجد مانع ديني من تناول لحوم الحمير والأحصنة، هو إحنا ليه ما بناكلش لحم الحمير والأحصنة، لماذا لا يأكل المصريون لحوم الخيول أو الحمير، خاصة أنّها تباع وتؤكل في دول كثيرة في العالم؟".

وأضاف: "لحم الخيول والحمير يُباع ويؤكل في دول كثيرة من العالم ومنها المتقدمة، ولحم الحصان من الأطباق الغالية جداً في باريس، ويقولون إنّه صحي جداً وآمن".

جاء هذا على خلفية ضبط باكستاني يبيع لحوم الخيول بأسعار مخفضة للمواطنين في محافظة الدقهلية بدلتا مصر.

ما زاد الأمر سوءًا وتسبب في حالة غضب لدى قطاع كبير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الرد الذي جاء على لسان أحد خبراء التغذية بالمعهد القومي للتغذية (حكومي)، إذ قال الدكتور مجدي نزيه، وهو استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بالمعهد القومي للتغذية: إنّ بعض الدول تسمح بتناول لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والأحصنة)، وتُعدّ آمنة تماماً، مشيراً إلى أنّ هذه الدول مسموح فيها استهلاك هذه اللحوم لأنّها تخضع للرقابة.

وأوضح نزيه، في مداخلة مع البرنامج ذاته الذي يقدمه أمين، أنّه بالنسبة إلى الدول التي لا تسمح باستهلاك هذه اللحوم، فإنّ ذلك نظراً لعدم خضوع هذه اللحوم لأيّ رقابة، وبالتالي لا يمكن الجزم بمدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.

وكشف أنّ سعر لحم الخيول مرتفع جداً بالمقارنة بأسعار اللحوم العادية في الدول التي تسمح ببيعها. وأضاف أنّه لا يوجد موانع علمية للسماح بتناول لحوم الحمير والخيول، ولكنّ الأمر يحتاج إلى توافق مجتمعي قبل التشريع القانوني، مشيراً إلى أنّ هناك مجتمعات تتناول الحشرات وأخرى لا تقبلها، فالأمر خاضع لأذواق الشعوب.

الأمر الذي اعتبره المواطنون تمهيدًا لبيع لحوم الحمير والخيول واستبدالها بلحوم الماشية بعدما ارتفعت أسعارها بما يقرب الضعف خلال الفترة القليلة الماضية.

في السياق قال سياسي مصري فضل عدم ذكر اسمه أنّ خطاب أمين يندرج ضمن سياسةٍ تقودها الحكومة لتغطية فشلها الذريع في إدارة الأزمة وكبح جموح التضخم وغلاء الأسعار، وأن هذه السياسية بدأت منذ فترة بالحديث عن البدائل الغذائية والتي كان أشهرها أرجل الفراخ، في مشهد مهين للشعب المصري.

وظهرت دعوات استهلاك أرجل الدجاج بعد أزمة ضربت قطاع إنتاج الدواجن في مصر بسبب شح العلف وغلاء أسعاره، بالإضافة إلى عجز السلطة عن توفير السيولة الدولارية لإدخال البضائع المكدسة في الموانئ إلى الأسواق المصرية.

في المقابل أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، على تحريم إجماع الفقهاء لأكل لحوم البغال والحمير.

وأشار كريمة في تصريحاته لوكالة أنباء آسيا إلى أنّ الفقهاء ذهبوا إلى تحريم تناول لحوم كلّ ناب يفترس به كالكلاب والقطط والأسود والذئاب، مؤكداً أنّ المالكية لم تجز تناول لحوم الكلاب، كما يردد البعض. وأضاف: "من يريد أن يجامل، فلا يجب أن يكون على حساب الشريعة الإسلامية".

وفي وقت سابق، أكدت دار الإفتاء المصرية أن ذبح الحمير وأكلها حرام شرعاً، في تعقيب لها على ما أشيع حول جواز أكل هذا اللحم. وأكدت الدار حرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمي، مشيرة إلى أن الأصل في الحمر الأهلية أنه لا يجوز أكلها ولا ذبحها، وهو ما يؤيد قرار وزارة الصحة رقم 517 لسنة 1986م بشأن ذبح الحيوانات وتجارة اللحوم، في مادته الثالثة.

وأوضحت الفتوى أن ذلك هو الذي اعتمدته دار الإفتاء المصرية عبر عقود مختلفة، بدءاً من الدكتور محمد سيد طنطاوي فتوى رقم 180، وفتوى رقم 389 لسنة 1992م، مروراً بالدكتور أحمد الطيب فتوى رقم 202 لسنة 2002، وانتهاء بالدكتور شوقي علَّام في الرد على خطاب الهيئة العامة للخدمات البيطرية الصادر بتاريخ 16 يناير 2014، حيث أفتَوا جميعاً بحرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمي، مستدلين بما ورد في الصحيحين أن "النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية".

وكان رواد التواصل قد تداولوا في وقت سابق، فيديو صادما لعدد من رؤوس الحمير ذبحت حديثًا في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية شمال القاهرة.

كما عثر أهالي محافظة الفيوم على مقبرة تضم بعض الهياكل العظمية لحمير، قام مجهولون بذبحها وسلخ جلودها. وقال متحدث باسم المحافظة إن النيابة تحقق في الأمر وسيتم فحص اللحوم في المجازر المحيطة.

وأعادت الواقعة إلى الأذهان وقائع مماثلة حدثت وتكررت كثيرا خلال الآونة الأخيرة في مصر، وأثارت المخاوف من انتشار عمليات الغش وبيع لحوم الحمير بديلا للحوم الماشية التي ارتفعت أسعارها بوتيرة كبيرة بسبب تحرير سعر الصرف وتفاقم أزمة الأعلاف.

وتعاني مصر أزمة اقتصادية كبيرة وتوصلت في الآونة الأخيرة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يقضي بحصول القاهرة على 3 مليار دولار من الصندوق، إضافة إلى حزمة أخرى تشمل  3 مليار دولار من صندوق الاستدامة والمرونة التابع للصندوق و5 مليار دولار من الدول الشريكة للتنمية. وهو ما يعني إجمالا مساعدات بقيمة 9 مليار دولار.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3