الصين تعمق أساساتها في الشرق الأوسط عبر بوابتي الرياض وطهران

زهراء أحمد - وكالة أنباء آسيا

2023.03.13 - 08:59
Facebook Share
طباعة

ترحيب اقليمي وعربي واسع بالاتفاق بين المملكة العربية السعودية وايران على استئناف العلاقات بين الجانبين. 

هذا الاتفاق الذي تم برعاية صينية يسدل الستار على قطيعة دبلوماسية استمرت سبع سنوات سيتم من خلاله اعادة فتح السفارات والممثليات في مدة لا تتجاوز الشهرين لإنجاز وترتيب عدة امور تم الاتفاق عليها خلال هذه المدة. ويعمل هذا الاتفاق  على فتح صفحة جديدة بين الرياض وطهران مبنية على الاحترام المتبادل ، وتفكيك بعض الملفات التي تشتبك فيها السعودية مع ايران، والتي ابرزها ما يحصل على جبهتها الجنوبية في اليمن والدور الايراني في هذا الملف. والذي طالما اعتبرت السعودية ان ايران لديها اليد الطولى على انصار - الله ، وهي الداعم الاول لهم .

الاتفاق لم يكن وليد اليوم، فهو في الحقيقة بدأ قبل سنتين في بغداد بعدة  جولات استكشافية للمواقف، ثم تلتها عمان. لذلك كان هناك مواقف متقاربة تحتاج الى ضامن دولي قوي يستطيع ان يطمئن الطرفين بأن الاتفاق يسير بشكل تام، وكذلك يقدم لهم دعماً لأن خروج السعودية من محور الغرب سوف يكلفها فاتورة كبيرة، وسخط البيت الأبيض عليها، وتهديدات بايدن لها بملفات حقوق الانسان، يجعلها تحتاج طرفاً دولياً كبيراً تستند عليه.

لذلك فإنها اتكأت على (الصخرة الصينية) التي تعتبر من اكبر مستوردي النفط والغاز السعودي. وهي بالتالي لها مصالح اقتصادية كبيرة مع ايران ، ولذا فهي مرتبطة في طرفي النزاع.  وهما يدركان ايضاً ان الصين حريصة بأن تبرّد الاجواء بينهما، فقد ضمنت عدة أمور اهمها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين. 

وعلى خط موازٍ  .. أكدت مصادر مطلعة أن ايران سترعى اتفاقاً أمنياً  عالي المستوى خلال ايام بين قيادات سعودية وقيادات من انصار-  الله لحل الازمة بين الطرفين، وأكد المصدر بأن الاتصالات بدأت في الترتيب.

أما موقف البيت الأبيض فاعتبر ان الولايات المتحدة ترحب بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتخفيف التوترات في منطقة الشرق الأوسط. 

من جهته قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض "جون كيربي" إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية". 

وأكد "كيربي" ايضاً أن ما يهم واشنطن هو إنهاء الحرب في اليمن، ووقف الهجمات على السعودية، مشدداً على أن الولايات المتحدة سترى إذا ما كانت إيران ستفي بالتزاماتها بعد إبرامها الاتفاقية مع السعودية. 

وأضاف أنه ليس واضحاً إذا ما كانت الاتفاقية السعودية مع إيران ستؤثر على "اتفاقيات أبراهام". وأشار إلى أن بلاده تراقب عن كثب نفوذ الصين في الشرق الأوسط وأفريقيا. 

كما قالت الأمم المتحدة إن "علاقات حسن الجوار بين إيران والسعودية ضرورية لاستقرار منطقة الخليج". 

وفي إسرائيل، لم يصدر بعدُ أي تعليق رسمي من الحكومة بينما استنكر رئيس وزراء إسرائيل السابق "نفتالي بينيت" استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، وقال "بينيت" إنه تطور خطير لإسرائيل وانتصار سياسي لإيران وفشل لحكومة نتنياهو.

من الواضح ان البيت الأبيض لا يعتبر الاتفاق صلباً، ويعتبر ان ايران لن تفي بالتزاماتها، وبالمقابل هناك خشية امريكية من نفوذ التنّين الصيني في الشرق الأوسط، لانها تخشى ان تخسر هذه المنطقة خصوصاً بعد فشلها في أفغانستان وسوريا والعراق. 

وبدوره علق الكاتب والباحث السياسي مخايل عوض لوكالة أنباء آسيا على هذه المصالحة فاعتبر ان الصين اصبحت لاعباً دولياً وبدأت قوة محورية وشريكاً اساسياً وفاعلاً، تتوسع نطاقات جهودها لاول مرة في تاريخ الصين وربما بتاريخ الشعوب، حيث تنتقل الصين من قوة خاملة منغلقة الى لاعبٍ عالميٍ باقتدار على كل المستويات. وان تكون لاعباً في منطقة الخليج وفي المنطقة العربية والاسلامية التي هي قلب العالم والتحولات الجارية. هذا يعني انها باتت قوة على المستويات المختلفة ولن تدّخر سبيلاً او جهداً، الا وتحاول فرض مصالحها وفرض دورها ".

واضاف ان رعاية المصالحة السعودية - الايرانية خطوة استثنائية ونوعية، ربما لهذا اذاً جرى توقيتها مع تجديد ولاية ثالثة للرئيس الصيني، وبهذه الاحتفالية تفتح في المنطقة سياقات لتبرير الكثير من الازمات أياً كانت دوافع السعودية للدخول اليها او لقبولها . هل انهت الوجود الاميركي لا بالطبع؟ لكنها اعطت مؤشرات واضحة ان اميركا تنحسر عالمياً وقد تنحسر بتسارع في المنطقة العربية والاسلامية، وسيكون هناك محاولات من الصين او من روسيا لإملاء الفراغ ما استطاعت اليه سبيلاً، ليس سبيلاً مطلقاً لكنها تتقدم لتكون في المنطقة راعٍ وقوة اساسية معنية  بصراعات وأزمات وآليات تطوير المنطقة.

 بكين توجه رسائل قوية الى واشنطن، وتعبر عن نفسها بأنها قوة سلام ضد الشر الامريكي ، وانها ضد التدخل بقوة السلاح وفرض الارادة وإدارة الأزمات وخلقها ، وهذا هو اسلوب واشنطن في المنطقة . لذلك فإن الصين تريد أن تمسك زمام الامور ، إذ أعلنت سابقًا مبادرة سلام لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، وتتوسط الآن لتدير الخلافات بين السعودية وإيران ما يؤشر على رغبتها في إعلان أنها قوة سلام عالمية وليست قوة صراع. في محاولة لإعلان بأنها على عكس ما تمارسه الولايات المتحدة في المنطقة من حيث ابدائها مواقف تزيد من الأزمات والصراعات.

إلى جانب ذلك لا ننسى اهتمام بكين بمصالحها في الشرق الأوسط لاسيما النفط الخليجي، وفرص الاستثمار في قطاع الطاقة والبنية التحتية، وما يشكله ذلك من فرص اقتصادية للشركات الصينية من جهة، ومن فرصة سياسية في ان تفرض نفسها كبديل عن الولايات المتحدة من جهة ثانية.

وان كان هناك الكثير من المحللين يستبعدون ان تكون الصين بديلاً للولايات المتحدة، الا أنه لاشك أن هذا الاتفاق والتحرك الصيني في الساحة العراقية والسعودية وفي ايران واليمن، يؤكد ان هناك دوراً مهماً وكبيراً لها في المنطقة، وانحساراً كبيراً للدور الامريكي امام الصين خصوصاً بعد الحرب الروسية الاوكرانية .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2