من فاتورة المياه المضاعفة سنوياً الى فاتورة شراء مياه الخدمة من "السترنات" إلى فاتورة كهرباء الدولة، ومولد الكهرباء ( الاشتراك) إلى الإنترنت والتلفون والاستشفاء، وغيرها من الفواتير التي باتت كابوساً لدى اللبنانيين، بعد ارتباطها بسعر صرف دولار "صيرفة"، الذي ارتفع اليوم 73,100، فبات يحسب لها المواطن الف حساب، ويبحث عن طرق شتى لتخفيض حجمها.
إنها "فوبيا الفواتير"، مرض هذه المرحلة في لبنان الذي يخيف المواطنين، ويلهث كثر نحو إلغاء ما أمكن منها، فزمن الرفاهية والترف قد ولَّى.
فمثلاً الهاتف الثابت قررت عائلات كثر الاستغناء عنه، فهم يدفعون الفاتورة ولا يستفيدون من خدمته، إلا للاشتراك بخدمة "أوجير"، وبما ان هذه الخدمة باتت مرتفعة بسبب ارتباطها بصيرفة، انصرفت العائلات الى الاشتراك بالانترنت غير الشرعي.
اما فاتورة الهاتف الخلوي المرتبطة بأسعار بطاقات التشريج والتي باتت تتراوح أسعارها بين 554 الف، و277 الف، يحاول عدد كبير من المستخدمين الحصول على خدمة الايام من دولارات، او شراء دولار او اثنين للاشتراك بخدمة "الواتساب".
وبعد التجربة المرَّة مع دولرة فواتير الهواتف والإنترنت، الأمر عينه يحصل مع فاتورة الكهرباء، التي كانت قد هجرت منازل اللبنانين لأشهر، ها قد جاءت فاتورتها لتقصم ظهر المواطن، ولهذه الغاية إنطلقت حملة "مش دافعين" على مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً للتعرفة الجديدة لكهرباء الدولة ولمقاطعة دفع الفواتير "المليونية" التي بدأت مؤسسة كهرباء لبنان بجبايتها، بعدما كانوا يظنون انها ستخفف عن كاهلهم عبء فاتورة المولدات الخاصة التي تصل إلى 10 ملايين ليرة للـ 5 أمبير، إلا أنه لم يكادوا يفرحون بالحل الجزئي الذي أعلن عنه وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وعودة التيار لساعات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة يومياً، حتى صدموا بقيمة الفاتورة الخيالية.
وفي ردودهم على النقاشات بشأن الحملة، يطالب عدد من اللبنانيين مؤسسة كهرباء لبنان بإبقاء الفواتير لديها، على شاكلة ما تقوم به المصارف التي تحتجز أموالهم، فيما يتخبط غالبيتهم لتأمين معيشتهم وبدل ايجار منازلهم، وتسديد غيرها من الفواتير التي باتت تقلق معيشتهم.
وتعليقا على ما يتم تداوله عبر بعض مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي الإلكترونية من دعوات لمقاطعة دفع فواتير الكهرباء التي ستعتمد التسعيرة الجديدة، اوضحت مؤسسة كهرباء لبنان أن "الفواتير الحالية التي أصدرتها أو التي يتم إصدارها حالياً وتتم جبايتها راهناً تشمل استهلاك الكهرباء في شهرين معاً على أساس سعر الصرف على منصة صيرفة +20% بتاريخ طباعة الإصدار والبالغ 43600 ليرة للدولار (43600 ليرة + 20%=52320 ل.ل.) وليس بالتالي بحسب سعر منصة صيرفة اليوم أو بأي تاريخ آخر".
في غضون ذلك، بدأت مؤسسات كهرباء لبنان في مختلف المناطق تشهد زحمة كبيرة بسببت تهافت الناس لإلغاء ساعات الكهرباء للتقليص من الفواتير، او لعدم دفع مبالغ طائلة لقاء خدمة لم يحصلوا عليها، فبحسب تعبيرهم على مواقع التواصل الاجتماعي فإن ما يحصل ظلم كبير بحقهم، وبالتالي لا بد من العصيان المدني.
ورغم تطمين مؤسسة كهرباء لبنان، إلا أن مصادر مطلعة على مسار التسعيرة الجديدة فإن الفاتورة الشهرية لن تقل عن ٧ ملايين ليرة لبنانية كمعدل وسطي لكل منزل لا يتخطى مصروفه الشهري الـ ٣٠٠ كيلو واط، وهو ما دفع عدد كبير من المواطنين الى التخلي عن كهرباء الدولة والابقاء على كهرباء المولدات الخاصة التي تؤمن التيار الكهربائي لوقت أطول وبشكل منتظم.