"المتنمرون" في وسائل التواصل يتجاوزون حرمة الموت

يانا العلي - سورية - خاص لوكالة أنباء آسيا

2023.03.07 - 09:17
Facebook Share
طباعة

 سلوكٌ عدواني غير مستحب. لا الموت كان رادعاً له ولا الزلزال وكارثته الإنسانية ايضاً. استمر التنمُّر حتى بأصعب الظروف..تماماً كما حدثَ مؤخراً مع الفنانة السورية غادة بشور والتنمر الغريب الذي طالها، وذلك على الرغم من تواجدها في واجب عزاء، حيث علق المتنمرون على النظارات التي كانت ترتديها، واعتبروا أن ظهورها بهذا الشكل غريبًا، واطلقوا عليها تسميات وتشبيهات بشخصيات كرتونية . فردت بشور على حالة التنمر التي تعرضت لها حيث قالت: "صُدمت جداً أن الموضوع أخذ هذا الحيز، وأحزنتني التعليقات المسيئة.. لكنني سعيدة بدعم الأصدقاء والمحبين" .فالتنمر لايراعي الحالة الإنسانية التي يمر بها الإنسان.حتى في هذه الأيام، أي مابعد الزلزال، لم يوفر المتنمرون ممارسة تَنَمرهم سواء في الواقعِ الحقيقي أو الافتراضي. حتى بات الإنسان الذي يُعبرُ عن خوفهِ من تكرار كارثة الزلزال موضع تنمر. كذلك في حال أخذه لأسباب الحذر والحيطة. فكلمة "جبان"، "لوين هربان " ومثلها الكثير. وكأن "التنمر" موضة يجب على الجميع اتباعها.

الشائع في حالة التنمر أنها تنتشر أكثر بين الأطفال أو طلاب المدارس، لكن في الواقع نجدها موجودة عند الكبار قبل الصغار وبنفس الكثرة.رغم وجود قانون يحاسب على القدح والذم ولمن يكتب كلمات بقصد الإساءة لشخصية عامة أو خاصة. وللحديث عن الجانب القانوني كان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع المحامية ليلى الزعبي التي قالت:"مفهوم الجريمة الإلكترونية يقوم على معاقبة كل شخص يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، لتعريض الأشخاص الآخرين سواء للإساءة، أو لتشويه السمعة أو للذم، أو القدح أو التلاعب ببيانات الأشخاص الخاصة والشخصية والسرية على هذه المواقع (هاكرز)، والدخول إلى حساباتهم. كل هذه تعتبر جرائم بنظر القانون السوري. كانت قبل ذلك تسمى بجرائم شبكة الاتصالات، كان قانوناً عامًا. لاحقاً حُدد بنصوص تتعلق بالجريمة الإلكترونية منذ بداية2013، عندما أصبح الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي واختلاف الآليات، وانتقلنا لمرحلة التلاعب بالبيانات، الذم والقدح، والدخول إلى حسابات الآخرين وصولاً إلى "التنمُّر" وهو من الجرائم المُعاقب عليها. طبعاً ليس باستخدام كلمة "تَنَمّر" وإنما هي التعرض بالإساءة لتشويه سمعة الأشخاص، عَبرَ الإيضاح أو الإيحاء، أو التعريف أو التسمية بكلمات أو عبارات تَمس الشخص سواء بشرفه أو أخلاقه، أو مهنته أو بشكله، كل هذه الأفعال يطلق عليها القانون تشويهًا للسمعة وليس "تنمُّرًا" . وهذه منصوص عليها في بنود القانون الخاص بالجريمة الإلكترونية منذ 2018. الذي تم تفعيله بشكل قوي جداً في بداية عام2020 عندما تم إنشاء نيابة خاصة بالقصر العدلي في دمشق والتي تعتبر مرجعية الجرائم الإلكترونية بجميع أنواعها.
تُصنف الجرائم الإلكترونية لعدة جرائم كل واحدة منها لها آلية معينة، لكن جميعها، مرجعيتها في العمل الإجرائي واحدة. فأحياناً ينشئ شخص حسابًا مزيفًا على "الفيس بوك" فقط لرمي أعراضِ الناس ويكتب تعليقات مسيئة على صفحة شخص، أو على صورته، بحيث تصله، وتشعره بالإهانة أو تسيئ له مهنياً واجتماعياً أو أدبياً. يَفترض هذا الشخص أنه لا مقدرة للوصول له، أو معرفته. لكن إدارة الأمن الجنائي لديها مهندسين وضباطًا جميعهم مختصين في تكنولوجيا المعلومات وكل مايتعلق بها. بإمكانها مثلاً معرفة الجهاز المُرسل منه أين مكانه؟ وفق لما يُسمى" IT Address ". لطالما كان ضمن الأراضي السورية فالوصول إليه سهلٌ جدًا، لكن ذلك يتم، بعد أن يصلهم معروض من النيابة من الشاكي على المشكو منه. طبعاً عندما يكون الشخص الشاكي يعرف الشخص بشكل مباشر أو لديه شكوك، يُمكن أن يدعي عليه في النيابة العامة ثم يصدر المعروض،ثم تطلبه إدارة الأمن الجنائي . لكن في حال كان الشخص مجهولًا فبناء على المعروض أنه مجهول، يراقب الأمن الجنائي الشخص المُرسل والمُرسل إليه لمعرفة من أين يتم الإرسال إليه. في حال عُرف وكان داخل الأراضي السورية يتم إلقاء القبض عليه. أما في حال كان خارجها يتم تبليغه عن طريق مُذكرة الإنتربول الدولية للدول التي أُعيد تفعيل الاتفاقيات معها، وأُعيد العمل بها."
يبقى" التنمُّر" هو سلوك يُعبر عن تربية منزلية واجتماعية وتقليد لبيئة محيطة بالشخص المتنمر. لكن لكل فعل ردّ فعل معاكس له. وبالتالي في كلتا الحالتين، سواء أكان الفرد من المتنمرين أو المتعرضين للتنمّر، فإنه عرضة لمشاكل نفسيّة خطيرة ودائمة. وهنا تكمن أهمية الردع من خلال القانون وقبل ذلك كله التربية المنزلية السليمة.



Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6