على مدار العام الماضي، أثار جمال مبارك نجل الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، كما عاد جمال ليظهر في بعض المناسبات الاجتماعية مثل عزاء محامي عائلة مبارك فريد الديب.
ولمع اسم جمال مبارك بشدة في عهد والده، إذ أنه كان رئيس لجنة السياسيات في الحزب الحاكم( الحزب الوطني)، حيث كانت لجنة السياسات في الحزب الوطني هي المنوط بها وضع كافة السياسات، بما فيها التشريعات الخاصة بالبرلمان والحكومة والتي بسببها وقعت ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وفي فبراير/ شباط الماضي، نشر موقع أفريكا أنتلجنس الاستخباري الفرنسي تقريراً حول طموح جمال مبارك السياسي في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وبحسب التقرير، فإن تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر يسهم في تجديد حلم جمال مبارك القديم بالحكم؛ حيث إنه التقى في قصر بشرم الشيخ السفير الأمريكي السابق جوناثان كوهين، وطلب من الإدارة الأمريكية دعمه إذا قرر الترشح والمنافسة.
كما أوضح التقرير المنشور، أنّه في بداية أزمة نقص العملة الأجنبية في مصر، تحدث جمال مبارك إلى الولايات المتحدة بشأن احتمال الترشح في الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2024.
وقالت مصادر الموقع إنّ جمال مبارك عقد في آذار/مارس من العام الماضي اجتماعاً سرياً بقصر تابع لعائلة مبارك، مع السفير الأميركي وقتها، جوناثان كوهين، ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.
ولكي يضمن دعمه من الجيش المصري، فقد أراد جمال مبارك أن يطمئن على استمرار المساعدة العسكرية الأميركية لمصر، والتي تبلغ قيمتها 1.17 مليار دولار، إذا ترشح للرئاسة.
وبعد شهر من اجتماع شرم الشيخ، رفعت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على عائلة مبارك، فأنهت بذلك إجراءات التجميد لأصولهم والحظر الذي كان مفروضاً على دخول مواطني الاتحاد الأوروبي في معاملات مالية مع المقربين من الرئيس الراحل.
الوضع القانوني لجمال مبارك:
خلال الأعوام القليلة الماضية، سقطت معظم القضايا التي كان جمال مبارك متهماً فيها، وكانت آخر تلك القضايا في 28 سبتمبر/أيلول 2021، عندما قرر القضاء رفع التحفظ عن أموال نجلي حسني مبارك، وأسرتيهما، بعد قرار هيئة الفحص والتحقيق بإنهاء أثر أمر المنع من التصرف رقم 3 لسنة 2011.
وجاء قرار التحفظ على أموال عائلة مبارك على خلفية قضية (التلاعب بالبورصة) وكانت تلك آخر القضايا التي حوكموا فيها؛ إذ واجها اتهاماً بالحصول على مليارين و51 مليوناً و28 ألفاً و648 جنيهاً مصرياً "بطريقة تخالف القانون".
وحصل كل من علاء وجمال مبارك على براءة في كل القضايا التي اتُّهما فيها بعد الثورة ما عدا القضية التي فتحت في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي.
وهي القضية المعروفة بـ"القصور الرئاسية"؛ حيث أصدرت محكمة جنايات القاهرة، في مايو/أيار 2015، حكماً بسجن مبارك ونجليه جمال وعلاء 3 سنوات لكل منهم، كما تضمن الحكم حينها تغريم مبارك وجمال وعلاء متضامنين أكثر من 125 مليون جنيه، وإلزامهم معاً أيضاً برد أكثر من 21 مليون جنيه إلى الخزانة العامة للدولة. وفي يناير/كانون الثاني 2016، أيدت محكمة النقض حكم الجنايات بالسجن والغرامة. وتعتبر تلك القضية العقبة الأخيرة في طموح جمال مبارك السياسي إن وُجد.
وبحسب المحامي ياسر سعد فإن بموجب الحكم الصادر في 2015، أصبح جمال وعلاء خاضعَين لأحكام البند 6 من المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية 45 لسنة 2014، والذي ينص على حرمان كل من صدر ضده حكم نهائي في جناية، من مباشرة الحقوق السياسية، سواء بالتصويت أو الانتخاب، لمدة 6 سنوات، تبدأ من تاريخ تنفيذ العقوبة، أي بعد إنهاء فترة السجن المقررة وسداد الغرامة. مشيراً بما أن الحكم صدر في 2016 فقد انتهت فترة الحرمان من الحقوق السياسية.
هل يشكل ترشح جمال مبارك خطورة على السيسي؟
كشف مصدر مطلع لوكالة أنباء آسيا، أن قرار جمال مبارك في الترشح للانتخابات الرئاسية لم يحسم بعد، لكنه غير مستبعد على الإطلاق.
وأشار المصدر للوكالة إلى أن ترشح جمال على رئاسة مصر يشكل خطورة كبيرة على السيسي، في حال استمر الأمر بنزاهة ولم يكن هناك تدخلات قاسية ضد جمال مثلما حدث مع رئيس الأركان السابق سامي عنان.
وأوضح أن سامي عنان كان له علاقات أقوى من جمال مبارك داخل الجيش المصري، بل حتى بعد تنحيته كانت تلك العلاقات مستمرة ومتواصلة لدرجة أن قيادات الجيش كانت تقدم له التحية العسكرية علناً حتى يوم القبض عليه، ولم يشفع كل هذا له عندما قرر منافسة السيسي عام 2018.
لكن في المقابل تعتبر علاقة جمال مبارك بالمؤسسة العسكرية ليست في أفضل حال بل على العكس فهي علاقة تتسم بالفتور، ومازالت تلك العلاقة منعكسة على الواقع بشكل أكبر مما سبق، فالمؤسسة العسكرية تعاظمت سلطاتها منذ عزل الرئيس السابق حسني مبارك، خاصة على المستوى الاقتصادي على عكس رؤية جمال مبارك القديمة بتسليم ملف الاقتصاد للمدنيين، حتى لو كانوا من رجال الأعمال- بحسب المصدر.
وأكد المصدر لوكالة أنباء آسيا على أن هناك حالة غليان شعبي من النظام الحالي برئاسة السيسي، نظراً لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، ولهذا يشكل ترشح جمال خطورة على السيسي. فقد أصبحت مصر مثقلة بالديون، فحجم الديون المصرية المسجلة بلغ في منتصف عام 2022 نحو 157.8 مليار دولار، وبلغت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 33.9%.
وأضاف وصلت نسبة إجمالي الدين الحكومي العام (خارجي وداخلي) إلى الناتج المحلي الإجمالي 91.6%، بعد أن كانت 87.1% في 2013، وهي مرشحة للتزايد. أما معدل الفقر فقد وصل إلى 60% من المصريين يعيشون عند خط الفقر أو تحته، حسب إحصائية للبنك الدولي في 2019، والتي تعتبر آخر إحصائية دولية عن الفقراء في مصر، وهو ما تسبب في وجود غضب شعبي كبير مكتوم.
وحتى الآن لم توجد أية معلومات حقيقة حول الدعم الذي سيقدم لجمال مبارك حال ترشحه في الانتخابات الرئاسية، لكن في مايو/آيار 2022 ظهر جمال مبارك في الإمارات؛ حيث قام بزيارة خاطفة للتعزية في وفاة حاكم الإمارات، وظهرت صور له وهو يعزي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
وتزامنت تلك الزيارة مع ظهوره في مقطع فيديو له مصور بالعربية والإنجليزية، يتحدث فيه بقوة وبوضوح حول تبرئة أسرته من كافة القضايا، وأن القانون في مصر وأوروبا رد اعتبار الأسرة، وتحدث فيه عن مظلومية "آل مبارك" منذ 2011.
وهو الظهور الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات حول موقف الإمارات من ترشحه المحتمل، الأمر الذي لم يؤكد حتى الآن.