لطالما كان امتلاك السلاح الفردي ظاهرة شائعة في لبنان، إلا ان اللافت هذه الايام وفي ظل انهيار العملة اللبنانية، أنّ هذه التجارة لم تتوقف بل نشط سوقها وإزدهر أكثر، تحت حجة غياب الدولة والتفلت الامني وإنتشار عمليات السلب والتشليح في الشوارع، ما شجع اللبنانيين على حيازة السلاح الفردي للدفاع عن النفس.
فالشاب الثلاثيني الذي تحفظ على ذكر اسمه، استقال من عمله في احدى شركات الانترنت، وتفرع لتجارة السلاح، فهو بحسب ما يؤكد لوكالة انباء اسيا، بيع قطعة واحدة تكبسه ما يوازي راتباً شهرياً كان يتقاضاه خلال عمله، وعند سؤاله عن انواع الاسلحة التي تطلب منه يجيب ان السوق اللبناني يبتلع اي نوع اسلحة تعرضها وخصوصاً في هذه الفترة السلاح التركي والاوكراني الذي اصبح اكثر رواجاً بسبب سعره الرخيص مقارنة بالانواع الاخرى، فبحسب تعبيره الجميع يريد حمل السلاح في لبنان اما للتشبيح او لعرض العضلات او للحماية الشخصية او لزيادة الممتلكات، جازماً ان ما من منزل في لبنان ليس لديه قطعة سلاح على الاقل.
ويؤكد ان تجارة السلاح لم تعد حكراً في السنتين الماضيتين على التجار الكبار الذين يستقدمون الاسلحة من الخارج، ويسلمونها إلى وكلاء لهم خبرتهم الطويلة في هذا المجال.
بل أصبحت أسهل وأكثر راحة عما كانت عليه قبل الأزمة، حتى ان البعض بات يتجرأ على عرض أسلحته على مواقع التواصل الاجتماعي و"ستوريات الواتسآب" وعلى مرأى من الجميع دون رادع.
نسبة الزبائن بعد الازمة التي عصفت في لبنان لم تتدنّ بل نوعيتهم هي التي تغيرت بحسب تعبيره، حيث في السابق كان يشتري السلاح من لديه هواية في جمع الاسلحة اما اليوم فعدد كبير منهم لا يعرف "سحب المشط"، وليس لديه الخبرة في انواع الاسلحة، فهم يشترونها ظناً منهم أنها قادرة على حمايتهم في ظل عجز أجهزة الدولة عن حمايتهم من اللصوص.
ورغم ان السلاح يسعر بالدولار الا ان الطلب عليه زاد خلال الازمة، حيث يصعب العثور على مسدس بمبلغ يقل عن ألف دولار أميركي، كما ان سعر طلقة الرصاص فهو دولار واحد، والسلاح التركي يتفاوت سعره بين 300 دولار و500 دولار اميركي، واللافت بحسب من يبيع السلاح ان الطلب رائج على السلاح غير المستعمل بسبب الخوف من ان يكون قد استخدم في جريمة من قبل.
ورغم أن قانون الأسلحة والذخائر يفرض على حاملي الأسلحة الحصول على ترخيص من قبل وزارة الدفاع، فإن عدداً كبيراً من اللبنانيين يخالف القانون ولا يعمد إلى ترخيص سلاحه، ما ينعكس سلباً على صعيدي تفلّت السلاح وارتفاع مستوى الجرائم.
ففي لبنان يوجد نحو مليوني قطعة سلاح بحسب موقع small army survey وهو موقع متخصّص بإحصاءات السلاح في العالم. فمن أصل 100 شخص في لبنان، يحمل 32 منهم السلاح بحسب الموقع.
وإذا ما افترضنا أن متوسط سعر قطعة السلاح يفوق الألف دولار، يتجاوز إجمالي قيمة السلاح في لبنان مبلغ الملياري دولار.
ومع انتشار هذه التجارة وازدياد رقعتها، قامت القوة الضاربة في جهاز أمن الدولة بعملية نوعية في موقف سيارات أحد المجمعات التجارية الكبيرة في طرابلس في 28 من الشهر الماضي، سبقها عمل أمني مخابراتي كبير، حيث أوقفت على أثرها تاجر السلاح خ.ع.ي، اللبناني الذي امتهن تجارة المسدسات التركية، والذي أغرق السوق اللبناني بما يزيد عن 5 آلاف مسدس.
وبحسب مصادر امنية، فإن التاجر الذي تم توقيفه يمتلك محلات لبيع أسلحة الصيد بناء على رخصة استغلها للدخول في عالم تجارة السلاح، يسافر الرجل إلى تركيا عبر المطار بشكل شرعي، ويغطي شراءه للاسلحة التركية بشراء اكسسوارات لأسلحة الصيد، وبعد شرائها في تركيا يُرسلها التاجر إلى لبنان عبر البر، مستخدماً طرق التهريب عبر أكثر من معبر لدخول البضائع الى لبنان قبل نشرها في السوق بالجملة والمفرق.