بكل هدوء وثقة يفتح باب السيارة المركونة على جانب الطريق المؤدية الى مطار بيروت الدولي، يسحب مسدسه، يضعه بخاصرة صاحب السيارة ويطلب منه الترجل منها، هذه الصورة ليست عند ساعة متأخرة من الليل أو مع بزوغ الفجر، انها الساعة الثانية والربع من بعد الظهر، والمعروف عن طريق المطار انها تعج بالناس والسيارات في هذا التوقيت، ولكن ما من أحد انتبه الى هذه السرقة.
ويشير (ع. برجاوي) في حديثه لوكالة انباء آسيا، الى انه كباقي اللبنانيين الذين يعرفون ان ركن السيارة في حرم المطار ممنوع، فقررت ركنها كمثل الكثيرين الذين يتصرفون بنفس الطريقة، وهي الوقوف قبل حاجز الجيش على مسافة تقارب ال ١٠٠ متر، و"لما يصير وقت وصول الشخص أدخل المطار".
وينقل برجاوي ما حدث معه ليس من باب اعادة ما سرق منه بل ليتجنب الآخرون هذه الحادثة، لافتاً الى انه لحظة ركنه للسيارة تفاجأ بشخص يفتح الباب ويجلس إلى جانبه ويعرف عنه نفسه بأنه ع. ج، ومحكوم بـ ٣٠ قضية قتل ف "ما تخليهن يصيرو ٣١"، ويشهر مسدسه ويضعه بخاصرته، يبتسم برجاوي هنا ويقول لقد أذهلني عندما طلب مني إطفاء الموسيقى لأننا بشهر شعبان، قائلاً: "فأدركت هنا انني امام لص مؤمن على شاكلة لصوص كثر في بلدنا"، وسرق الساعة والهاتف والمحفظة بعدما شعر انني سأحدث بلبلة في حال فكر بسرقة السيارة.
وعن عدم محاولته لفت انتباه حاجز الجيش او طلب النجدة في لحظتها، يجيب برجاوي فكرت بذلك ولكن الى ان يصل احد منهم قد يرديني السارق قتيلاً بسبب الخوف او الصدمة، قائلاً: "لم اشأ التفريط بحياتي وأتحول رقماً على شاشات الاخبار ومواقع التواصل، طالباً من جميع الذين يقفون وينتظرون وصول المسافرين ركن سياراتهم داخل مواقف السيارات تحسباً من الأسوء.
اما رعب الليل الذي بات يتجنب فيه الكثير من اللبنانيين الخروج من المنزل، فللطريق الفرعي الرابط بين طريق المطار والاوتستراد المؤدي الى بيروت، روايات كثر، مع اصحاب الدراجات النارية، الذين ناشدوا اكثر من مرة الاجهزة الامنية تسيير دوريات هناك، فهذا الطريق تحدث عليه عمليات تشليح عدة، وما حدث مع محمد علي حدث مع كثيرين مثله، بحسب ما يروي لوكالة آسيا نيوز انه خلال عودته من العمل ليلاً إذ بلصّين مقنّعين ومسلحين يقودان دراجة نارية، يطلبان منه التوقف، وتحت وطأة التهديد امتثل لأمرهما، وركن الدراجة وأعطاهما كل ما في حوزته من مال، والهاتف المحمول والدراجة، وعاد الى البيت سيراً دون أن ينبس ببنت شفة.
تكشف البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية أرقاماً مهولة حول تفشي جريمة السرقة في لبنان، حيث كثرت في الآونة الأخيرة عمليات السطو بقوة السلاح، والنشل، بشكل لم يعهده المواطن اللبناني من قبل، ولكن الجديد في الأمر هو تطور هذه الجريمة وانتقالها من الطور الفردي المحدود إلى الطور المنظم، حتى بتنا أمام ما يُعرف "بالجريمة المنظمة" التي تقف خلفها عصابات محترفة، تجيد السرقة والتشليح والسلب والخطف بشكل لا يصدق.
البعض يرى أنّ ازدياد السرقات، سببه تردّي أحوال الناس، ما دفع بالعديد من العاطلين عن العمل إلى البحث عن سبل جديدة يعوّضون من خلالها النقص الحاصل، فيما يربط البعض الآخر تزايد هذه الحالات بسبب غياب الأمن، وانهيار أجهزة الدولة و مؤسساتها، جراء تدني معاشات ورواتب العسكريين، والتسرّب الحاصل على مستوى العديد العسكري.
ولعل الادق ان كل هذه الاسباب مجتمعة وضعت المواطن اللبناني امام السارق إما قاتلاً أو مقتولاً!