تَحمل المصارف عصا التهويل بقطع علاقات لبنان المالية مع الخارج، في حال استمرت دعاوى تبييض الأموال بحقها.
في المقابل ترى مصادر مصرفية ان تهويل جمعية المصارف في بياناتها الأخيرة من خطر قطع البنوك المراسلة الأجنبية علاقتها مع بنوك لبنان، لا اساس لها من الصحة وغير دقيقة، مشيرة الى انه ليس لمجرد توجيه اتهامات تبييض أموال لمصرفين يعني ان بنوك المراسلة الاجنبية ستقطع علاقاتها مع لبنان، لافتة الى أنه في لبنان أكثر من 40 مصرف يمكنها الاستمرار في علاقات فتح الاعتمادات مع البنوك المراسلة، مؤكدة أن قطع لبنان عن العالم المالي ليس بالبساطة التي تهوّل بها جمعية المصارف.
تهويل جميعة المصارف يتزامن مع الاجتماع المرتقب لمجموعة العمل المالي FATF، الذي سيعقد في شهر اذار لدراسة الإتهامات الموجهة لمصارف عدة لبنانية، وعبرها لمصرف لبنان لأن لبنان كدولة قد شارك وساهم في تأسيس هذه المجموعة ووقع على مبادئها وأهدافها وآليات عملها ومعايير النزاهة التي تضمنتها .
و"FATF" هي منظمة حكومية دولية مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، تأسست سنة 1989 تضطلع بمهمة وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، والتهديدات الأخرى ذات الصلة بنزاهة النظام المالي الدولي.
وقد وضعت تعديلات عدة على معايير وآليات عمل المجموعة لمواكبة المستجدات في مجال غسل الأموال وتمويل الارهاب، الأمر الذي سيوفر للسلطات المعنية في الدول الموقعة على هذه الإتفاقية إطاراً أمثل لمكافحة الجرائم والتصدي للتهديدات الجديدة التي يواجهها النظام المالي العالمي.
الاوساط المالية في لبنان تترقب بكثير من القلق صدور تقرير مجموعة العمل المالي حول لبنان مع بداية شهر ايار، وسط توقعات بان يتم تصنيف لبنان في القائمة الرمادية اي ضمن الدول غير المتعاونة في مكافحة غسيل وتبييض الاموال.
ويتخوف مراقبون من ان ينضم الى لائحة الدول الـ23 في القائمة الرمادية، ومن ابرز هذه الدول سوريا واليمن ومالي، مع عدم إستبعاد تصنيفه ضمن القائمة السوداء، اي الدول التي لديها أوجه قصور استراتيجية في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وانتشار التسلح والتي تدعو مجموعة العمل المالي جميع الدول الأعضاء الى اتخاذ تدابير مضادة بحقها.
وبحسب النائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان العياش، فإن تخفيض تصنيف لبنان الى المستوى الرمادي فهذا يعني أن كل التحويلات المالية التي ستمر بلبنان ستكون خاضعة لتدقيق ورقابة صارمة، وقد تؤدي هذه الرقابة الى تأخير تنفيذ التحويلات وإتمامها ولفترات طويلة على إعتبار أن لبنان قاصر عن ممارسة النزاهة والشفافية في العمليات المالية إما قصداً أو عجزاً، بحسب الفقرة أ البند 1 من توصيات ومعايير عمل المجموعة.
اما في حال تم إسقاط تصنيف لبنان الى المستوى الأسود فهذا يعني بحسب مصادر مالية، موتاً نهائياً للعمليات المالية اللبنانية وللقطاع المصرفي، حيث سيتم وقف التعاون معه من قبل المصارف المراسلة في العالم وسيتم وضع حجز وحظر على الموجودات للمصارف والموجودات اللبنانية في الخارج، وربما ستؤدي هذه الإجراءات الى مصادرة مليارات الدولارات التي تعود ملكيتها للبنانيين أو للدولة اللبنانية. وهذا الامر يحتاج الى تفصيل موجود في توصيات مجموعة العمل المالي المحدثة في اذار 2022، بحسب البند 35 من توصيات ومعايير عمل المجموعة.
ويؤكد مراقبون انه في حال تم تخفيض التصنيف المالي للبنان ولمصارفه، ستتوقف كافة التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان سابقاً، لإعادة رسملة المصارف وإستعادة جزء من الأموال المحولة الى الخارج، وسيكون من المستحيل على المصارف المشاركة في عملية إعادة الهيكلة أو في عملية النهوض المالي .
وكان لبنان أُدرج في العام 1999 على اللائحة الرمادية وبقي الى عام 2001 الى حين اقرار القانون 318/2001، وتم انشاء لجنة التحقيق الخاصة.