ما إن إستبشر المواطن اللبناني خيراً في ملف الكهرباء بعدما بدأ يحصل على ساعتين الى اربع ساعات يومياً من التغذية الكهربائية، إلا وتفاجأ بالضربة الموجعة عبر الفواتير المليونية التي بدأت تصدر تباعاً.
فقد بدأت مؤسسة كهرباء لبنان في إصدار فواتيرها وفق التسعيرة الجديدة، والتي ستُحتسب وفق دولار صيرفة بلاس، وإصدار الفواتير الجديدة الذي بدأ الاسبوع الماضي سيتوسّع تباعاً ليشمل كل المناطق.
سعر الدولار الذي اعتمدته مؤسسة كهرباء لبنان في تسعير الفاتورة هو 52 الفا و320 ليرة، وهو عبارة عن سعر صيرفة بلاس، فرضها مصرف لبنان، وتقضي بإضافة ما نسبته 20% على سعر منصة "صيرفة" التي يرتفع دولارها يوما بعد يوم حتى بات حتى اللحظة 45 الفا.
فواتير الكهرباء الجديدة، التي لن تكون تحت المليوني ليرة، بحسب مصادر مؤسسة كهرباء لبنان، دفعت بعدد كبير من المواطنين الى خفض عدد الامبيرات في منزله خصوصا انّ التعرفة الجديدة حدّدت تعرفة ثابتة شهرية بـ 21 سنتاً لكل امبير، فيما سجل اقبال من قبل البعض على الغاء عدادات الكهرباء نهائياً، واعتمادها على الاشتراك الذي اعتادت عليه طوال فترة الازمة.
فبحسب الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، انه من الافضل دفع فاتورة الاشتراك فقط عوضاً ان ندفع 3 ملايين تقريبا فاتورة "كهرباء الدولة" مقابل ساعتين يومياً.
ويسخر الناشطون من وعود الدولة بتأمين الكهرباء لهم بكلفة ارخص من اصحاب المولدات، متسائلين هل تريد مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة جمع هدر 40 مليار دولار طوال السنوات الماضية من جيوب المواطنين؟، والافلات من المحاسبة عبر هذه الطريقة.
عجز في مؤسسة كهرباء لبنان وصل إلى 40 مليار دولار في العام 2020، في حين سجّل العجز 13 مليار دولار في العام 2010. وللتذكير، كان عجز المؤسسة 1.2 مليار دولار فقط في العام 1990 بعد انتهاء الحرب الأهلية.
فكيف تبخرت الـ40 مليار دولار ولم يحصل اللبناني على تغذية 24/24 التي وعده بها كل وزير كهرباء وصل الى الوزارة؟
فهل تعلم ايها اللبناني ان الـ40 مليار دولار لم تصرفهم اية دولة على اكبر المشاريع في العالم، فمثلاً سد آيتايبو الذي يؤمن حاجات البرازيل والباراغوي من الكهرباء هو ثاني اكبر سد في العالم وكلف تشييده 20 مليار دولار.
اما سد الممرات الثلاث في الصين هو أكبر سد هيدروليكي في العالم ومن أكبر المشاريع الهندسية، كلف الصين 25 مليار دولار لبنائه، ويولد طاقة قدرها 84 مليار كيلوواط بالساعة.
اضف الى ذلك، فإن أطول خط أنابيب نفط يقطع الاسكا من شمالها الى جنوبها كلف بناءه 8 مليار دولار.
اما اكبر مطار بالعالم الموجود في العاصمة الصينية فقد كلف 13 مليار دولار، فيما في لبنان الـ40 مليار دولار لم تكن كافية لبناء اي معمل حراري للكهرباء ولا لانتاج الطاقة الكهربائية من الانهار المترامية على اطرافه، هذه المليارات تبخرت كما تبخر غيرها في مغارة علي بابا، بحسب المغردين والناشطين على وسائل التواصل.
بحسب تقارير سابقة، فإن مجموع تكلفة مؤسسة كهرباء لبنان تتراوح بين 150 و200 مليون دولار سنوياً، فيما تجبي بين 650 و750 مليون دولار، تذهب إلى المصارف الخاصة وليس إلى الدولة. علماً أن الدولة تدفع ثمن النفط الذي تحتاجه المؤسسة والبالغ 1.2 مليار دولار سنوياً.
ويشير التقرير الى ان 40 بالمئة من الكهرباء الموزعة، تذهب هدراً بسبب عدم وجود عدادات تسجل كمية الصرف بين المنازل وأعمدة الكهرباء، وليس من مصلحة المستفيدين تركيب عدادات، لأن نسبة الـ40 بالمئة تشكل غطاءً لاخفاء الأموال المنهوبة، تحت حجة "الهدر" في التوزيع.
ويلفت التقرير الى أنه منذ نحو 16 عاماً تقوم مؤسسة الكهرباء كل ثلاث إلى أربع سنوات، بتلزيم صيانة المعامل لشركات مختلفة، تكلّف الصيانة خلال هذه الفترة نحو 450 مليون دولار. ومع الوقت اتضح أن وكيل الشركات هو شخص واحد.
في السياق، يؤكد مصدر مسؤول في وزارة الطاقة، أن كلفة صيانة وإعادة تشغيل المعامل الكهرومائية لا يتجاوز في حده الأقصى 50 مليون دولار، وتستطيع تأمين تغذية كهربائية بمعدل تسع إلى 10 ساعات يومياً بصفر كلفة محروقات.
ويشدد على انه لو كان هناك محاسبة في لبنان لشكل هذا الأمر وحده فضيحة مدوية، إذ من الواضح أن هناك شبهات فساد بين مستوردي المحروقات وواضعي سياسة إنتاج الطاقة في لبنان، لافتاً الى أنه تم هدر نحو 40 مليار دولار من أموال اللبنانيين عبثاً.