لعبت التكنولوجيا دوراً كبيرا في نشر أفكار تنظيم جماعة الإخوان ومن ثم الاستقطاب السياسي، كما ساعدتهم التكنولوجيا في عملية الحشد والتعبئة في المظاهرات أو الانتخابات المختلفة وبخاصة في أعقاب ثورة يناير 2011.
واعتمد الإخوان في استخدامهم للانترنت على 3 وسائل:" أولاً:
المنتديات: وهي عبارة عن غرف للدردشة بين المواطنين على شبكة الإنترنت واستخدمتها الجماعة لتحقيق هدفين الأول نشر فكر التنظيم، والثاني الاستقطاب التنظيمي".
بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية؛ حيث اتخذت جماعة الإخوان المسلمين المواقع الإلكترونية وخصوصًا المواقع الإخبارية منها لتكون منصة لنشر أفكار وآراء التنظيم( السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... الخ)، بجانب التواصل مع وسائل الإعلام الدولية والحكومات الغربية.
وانشأت جماعة الإخوان في مصر موقع إخوان أون لاين وهو الموقع الأشهر لدى جماعة الإخوان المسلمين في عام (٢٠٠٣)، هو أحد أهم نوافذ الجماعة الإعلامية، التي حققت الهدف منها بشدة، وهو ما دفع الجماعة لإنشاء موقع إخوان ويب باللغة الإنجليزية عام (٢٠٠٥) ليكون نافذة لمخاطبة الدولة الغربية.
وتعتبر جماعة الإخوان من أوائل القوى السياسية التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً (الفيسبوك) وهو الموقع الأكبر والأكثر تأثيرًا في المجال العام المصري والإقليمي منذ ٢٠٠٨ وحتى الآن، ويعتبر الفيسبوك واحداً من أهم أدوات الحراك السياسي قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ومازالت السوشيال ميديا واحدة من أهم أدوات جماعة الإخوان المسلمين في نشر خطاباتها وأفكارها.
في أعقاب ثورة يناير ومع فتح المجال العام، اتجه عدد من رجال الأعمال لإصدار العديد من الصحف الورقية وإنشاء قنوات فضائية، الأمر الذي استغلته الجماعة جيداً، حيث امتلكت جماعة الإخوان المسلمين أكثر من ٢٠ وسيلة إعلامية ما بين قنوات تليفزيونية وصحف ورقية ومواقع إلكترونية كبرى بجانب بعض المواقع الإلكترونية المحلية، إضافة إلى العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي.
من أبرز تلك الوسائل الاعلامية كانت قناة ( مصر ٢٥) التليفزيونية والتي ظهرت بعد أشهر قليلة من قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، بجانب إصدار جريدة الحرية والعدالة الصادرة عن حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وبعض القنوات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين والتي أسسها التنظيم الإخواني بأسماء بعض المقربين من جماعة الإخوان أو بأسماء شخصية من أعضاء التنظيم.
استغلت الجماعة منصاتها الاعلامية لتدعيم سياستها، وعلى الرغم من انتصار جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على مجلس النواب ومجلس الشورى ومنصب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، إلا أن افتقاد جماعة الإخوان المسلمين الخبرة في مجال الإعلام سواء التقليدي أو غير التقليدي جعل تلك المنصات الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين ضعيفة التأثير في المجال العام ومنفرة نتيجة الأخطاء الإعلامية والتصريحات السياسية المختلفة من قبل أعضاء الجماعة والضيوف الذين يتم استضافتهم، والتي كانت في الكثير من الأحيان تستفز القوى السياسية.
وعقب أحداث 30 يونيو التي أسقطت حكم الإخوان المسلمين في مصر، شهد النشاط الدعائي لجماعة الإخوان المسلمين، ومؤيديها على صفحات التواصل الاجتماعي تحولًا كبيراً، حيث تم إيقاف قنوات تنظيم الإخوان المختلفة بجانب الصحيفة الورقية الصادرة عن حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. تلك الإجراءات دفعت جماعة الإخوان المسلمين لإعادة إنشاء قنوات تليفزيونية من خارج البلاد معتمدين على الدعم السياسي والمالي لبعض الدول ( قطر وتركيا ).
كما عادت لتستغل صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يمكن تصنيفها إلى: "صفحات ذات محتوى إخباري، وهي الصفحات الأكثر انتشارًا من حيث عدد المشتركين فيها ( مثل: موقع شبكة رصد، شبكة خبر، وغيرها من الشبكات الإخبارية"، بالإضافة إلى الصفحات الرسمية المتحدثة بلسان الجماعة مثل: "التحالف الوطني لدعم الشرعية، والصفحة الرسمية لجماعة الإخوان، وغيرها". فضلاً عن صفحات ذات طبيعة اجتماعية تتضمن نقاشات، ومنشورات دعائية مثل: "رابطة محبي جماعة الإخوان المسلمين وغيرها"
إلى جانب انتشار الصفحات الفردية التي ينشؤها أحد اعضاء التنظيم أو المتعاطفين معهم، وهي شديدة الانتشار، ويتباين محتواها منها صفحات تدعو للعنف، وصفحات للنقد السياسي.
كما استخدم التنظيم اللجان الإلكترونية وهي حسابات وهمية تستهدف توحيد المعنى أو الفكرة التي يسعى الإخوان لترديدها خلال فترة محددة.
ويرى الكاتب والباحث السياسي طارق البشبيشي: "على مدار تاريخ الجماعة ارتكب الإخوان الكثير من الجرائم، لكن أكثرها خطراً وتأثيراً هو جرائم تشكيل الوعي لدى الفتيان والشباب"،
وأضاف: الجماعة طالما استغلت أحدث الطرق والوسائل للوصول إلى الشباب، وشهد التنظيم بداية من الألفية الثانية بروز فكرة الكتائب الإلكترونية".
وأكد البشبيشي أنّ أصل تلك الميليشيات الإلكترونية بدأ على يد خيرت الشاطر، نائب المرشد الأول عندما كان مهدداً بالحبس على ذمة قضايا أمنية، "إذ كلف اللجان بالدفاع عنه شعبياً، ثم تطورت لتقوم بدور المهاجم، فقامت بمهاجمة المعارضين وتشويههم، وعندما قامت ثورة يناير روّج الإخوان لأنفسهم بأنهم أكبر قوة يمكن أن تحمي مصر، فصدقهم البعض وانخدع بهم، وبالتالي سيطروا على مجلس الشعب، ثم عندما تولوا الحكم وفشلوا في الترويج لإنجازات مندوبهم في الرئاسة محمد مرسي، فباتت مصداقيتهم على المحك، ومع ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013 لم يكن لدى الإخوان إلا لجانهم الإلكترونية لِبثّ الإحباط والفوضى بعدما فشلوا في هدم الدولة".
وعلى مدار السنوات الماضية ومع انتشار الصفحات التي تدعو إلى العنف، قامت الأجهزة الأمنية المصرية باستهداف أغلب الصفحات المحسوبة على جماعة الإخوان عبر القبض على عدد من القائمين على تلك الصفحات، ووجهت إليهم تهم التحريض على العنف، وإثارة الفتنة، وتكدير الأمن.