لم تنتظر غالبية المحال التجارية والسوبرماركت في لبنان حتى 22 الجاري لتبدأ بالتسعير بالدولار بعدما سمحت وزارة الاقتصاد لهم، فبمجرد الحديث عن دولرة المواد الغذائية بدأت بعض المحال بلصق تسعيرة الدولار على الرف، فيما يجري الحديث ان وزارة الاقتصاد مددت مهلة دولرة الأسعار حتى نهاية الشهر الحالي لإنجاز التحضيرات، والسماح لبعض المحال بأخذ وقتها في تعديل أنظمتها الإلكترونية.
في القانون اللبناني تنصّ المادة الخامسة من قانون حماية المُستهلك رقم 6592005 على إعلان الثمن بالليرة اللبنانية بشكل ظاهر بلصقه إما على السلعة أو على الرفّ المعروضة عليه.
وفي المادة 120 من قانون حماية المُستهلك، يعاقب بالغرامة من خمسة ملايين إلى عشرين مليون ليرة لبنانية كل من يخالف احكام المواد 4، 5، 6، 7، 19، 20، و25 من هذا القانون، وكلها تتحدث عن شروط البيع والتسليم للمستهلك بما فيها الجودة والمضمون والاسعار.
وفي جولة لمراسلة وكالة انباء اسيا على بعض المحال والسوبرماركت، تبيّن خلالها عدم اكتراث المواطن اللبناني لهذه القوانين، فهو لا يفهم بها، ولا يثق بمن يطبقها، فبمجرد سؤاله كيف ستتصرف ان اكتشفت ان صاحب السوبرماركت سيبيعك وفق سعر صرف دولار مخالفاً للتطبيقات، تعلو الابتسامة الساخرة على وجهه، ويجيب "هلق وقفت على هيدي"!؟ فبحسب فاديا زراقط اللبناني فقد القدرة على المناقشة والسؤال والاعتراض على المخالفات والتجاوزات والسرقة التي تُمارس بحقه من قبل الجميع، بدءاً من المستشفيات التي لا ترحم وصولا الى الصيدليات التي تتاجر بحياة البشر وتحجب الدواء عنه مع العلم انه معروض على الرف، ولكن بكل وقاحة يجيبك صاحب الصيدلية انه مقطوع، على حد تعبيرها، وهو ما حصل معها مؤخراً وهي تشتري دواء التهاب لابنها ابن الثلاث سنوات.
وتؤكد زراقط ان ما من محال سيلتزم بسعر الصرف الرائج في الاسواق حتماً سيزيد الف ليرة او حتى الفي ليرة، وهذا ما لاحظته منذ فترة خلال شرائها الالبسة، مشيرة الى ان القطعة معروضة بالدولار فإن اردت الدفع بالدولار سيكون بحسب الفاتورة، اما ان اردت الدفع بالليرة فسيحتسب الدولار بزيادة 3 الاف ليرة عن سعر التطبيق، وهنا كنت اضطر للدفع بالدولار، قائلة "على الميلتين خسرانين شو ما عملنا".
قانون حماية المستهلك يتضمن الكثير من المواد التي تتحدث عن تضليل المستهلك سواء بالأسعار او بجودة المنتج، ولكن قلة من الناس الذين يلجأون الى القانون، وهذا ما حصل مع سناء درويش، التي اشترت "سطل" لبن من احدى المحال المعروفة في المنطقة التي تسكن بها، وعند استعماله تفاجأت بطعم الجفصين فيه، هي تدرك ان سعره 190 الف ليرة اقل بكثير من اسعار اخرى ولكنها لم تظن ان الغش سيصل الى هذه الدرجة، ولدى سؤالها كيف تصرفت مع الحادثة، اجابت اكتفيت بالعودة الى صاحب المحل واجباره على اعادة اموالي لي، وكي "لا اكون شاهد زور قمت بتصوير المنتج وعرضه على السوشال ميديا الخاص بي، لتحذير المواطنين"، وعن عدم لجوئها الى القانون اجابت: "مش ليبت القانون بأمور بتهم البلد أكثر من اللبنة والجبنة وحياتنا".
القانون يضمن للمواطن حقه من خلال بعض مواد العقوبات مثل المادة 109 والمادة 682 والتي تتحدث عن الغش وتضليل المواطن، وتصل العقوبات للسجن لسنتين وأكثر وغرامات مالية تتجاوز الـ50 مليون ليرة لبنانية، ولكن في ظل الشلل القضائي الحاصل، وفقدان المواطن الثقة بالمؤسسات، يجمع الغالبية على ان الطريقة الأمثل والأنجح لفضح اي متلاعب بالاسعار ووضع كل صاحب سوبرماركت عند حده، هو اللجوء الى السوشيل ميديا، فبدل من الاتصال والتبليغ عن طريق الخط الساخن في وزارة الاقتصاد، بات غالبية المواطنين يعتمدون عبارة "صور وإنشر"، حتى ان البعض مستعد لافتعال مشكل كلامي وتصويره ونشره امام الرأي العام ليكون كل متلاعب عبرة لغيره بحسب المدافعين عن هذه الخطوة او الطريقة لحمايتهم من الغش.