حتى لا تتعرضوا للنصب من قبل شركات وهمية سورية

طارق علي

2023.02.22 - 04:15
Facebook Share
طباعة

 تنتشر و بشكل كبير شركات تدعي تشغيل اموال السوريين بين الحين والآخر، إلا أن الأمر ينتهي غالبا بالنصب والاحتيال عليهم، إذا لطالما شهدت البلاد نشاطاً لعشرات الشركات خلال سنوات الحرب، غالبيتها أفل نجمها بهروب أصحابها بعد أن جمعوا مبالغ طائلة من الناس.

آخر تلك الشركات افتتحت رسمياً مكتباً لها في السويداء (جنوب سوريا) تحت مسمى شركة "22" وصلب عملها ينطلق من اسمها، حيث تعطي أرباحا كل ٢٢ يوماً للمستثمرين فيها وبنسبة ٣٣ بالمئة من قيمة المبلغ المودع والذي يجب أن يكون حصرا بالدولار، وسط اقبال كبير بلغ حسب معلومات مؤكدة لـ "وكالة أنباء آسيا" أكثر من ٢٠ الف مشترك حتى اليوم وخلال ستة اشهر فقط.

تحذيرات جمة أطلقها مراقبون عن مخاطر مستقبلية محتملة من تعرض المودعين في هذه الشركة للنصب اسوة بعشرات المشاريع المشابهة التي انتهت بالنصب خلال الحرب والتي لطالما وجد فيها سوريون كثر ملاذا تشغيليا جيدا ومغريا في ظل تهاوي قيمة عملتهم المحلية وانتشار البطالة وشبه انعدام سبل تأمين الأموال المطلوبة لتحقيق شروط العيش الكريم.

ورغم أنّ الشركة لا زالت مستمرة حتى الآن، وملتزمةً مع مودعيها بمنحهم القيمة الربحية المتفق عليها بشكل دوري كل 22 يوماً، إلا أنّه ما من ضمانات لهؤلاء الأشخاص لحفظ أموالهم، فلا الشركة أعطتهم سندات أمانة ولا ضمانات على شكل أصول ثابتة مقابل أموالهم.

ورغم أنّ هذه الشركة مثلت سابقةً في الظهور المفضوح إلى النور، إلا أنّه لم تتخذ بحقها أية عقوبة قانونية حتى الآن، رغم أنّ القانون السوري يجرم هذا النوع من الأعمال.

وللسوريين تجارب سيئة مع مشاريع مشابهة، أبرزها كان مشروع شجرتي، وكيونت، والدولار الصاعد، وغيرها من المشاريع التي انتهت بالنصب بمبالغ خيالية على المودعين، عبر جمع حصيلة الأموال النهائية والهرب بها غالباً خارج سوريا من قبل أصحاب الشركات تلك، فيما لا يزال آخرون يحاكمون في قضايا مشابهة أمام القضاء السوري بجرم جمع الأموال.

تهدف هذه الشركات لبناء ثقة مع العميل تمكنها من سحب أمواله مقابل انتظامها معه بالدفع لفترة معينة، قد تطول أو تقصر، لكنها غالباً لا تتعدى عاماً واحداً، ويتم إغراء هؤلاء المودعين بمبالغ ربحية خيالية يتم منحها لهم في البداية، فمثلا في مشروع 22، حين يودع الشخص مبلغ ألف دولار فإنه يتقاضى عليه 330 دولار كربح كل 22 يوم.

وبطبيعة الحال فإنّ من شروط الإيداع في هذه الشركة عدم السماح للمودعين بسحب أصول أموالهم تحت أي ذريعة او حاجة، فالاتفاق واضح، وهو الربح المستمر مقابل نسيان المبلغ الأصلي، ما دفع بعض المشككين بالمشروع لتشبيهه بلعبة تبديل الطرابيش.

"وكالة أنباء آسيا" تواصلت مع أحد العاملين بالمشروع والذي فضل عدم الكشف عن اسمه مبيناً أنّ أي مودع سيسترجع أصول أمواله خلال شهرين تقريباً، باعتبار أنّه يعطى 33 بالمئة من الربح عن المبلغ الأساسي كل 22 يوم، وهذا ما يبرر للشركة عدم منحها أي وثيقة قانونية تثبت حق العميل، بحسب مصدرنا.

ويضيف المصدر أنّ الإقبال على الشركة يتزايد ويتضاعف يوماً بعد آخر، ما بين مودعين جدد، ومودعين جاؤوا ليتقاضوا أرباحهم، مؤكداً أنهم يعملون بالنور وليس هناك ما يخيف بعملهم، رافضاً تسمية صاحب المشروع، أو الإجابة على قانونية شركتهم من الأساس، مكتفياً بالقول إنّ الأرباح الناجمة عن مشروعهم هي مستحقة مئة بالمئة للمودعين.

حمزة حرب أحد المودعين لدى الشركة في السويداء، يقول في حديثه مع "وكالة أنباء آسيا": "الشركة تدفع بانتظام، وهذا ما نريده، وعملياً سنستعيد أصول أموالنا بسرعة، فعلام الخوف؟، لا اعتقد أن هناك نوعاً من الاحتيال أو النصب، وإن حصل ذلك، فأموالنا عادت إلى جيوبنا سلفاً، والباقي هي أرباح صافية".

أما روهان قطيش وهي مودعة أخرى من السويداء فتؤكد في حديثها مع الوكالة أنّها أودعت مبلغ 3 آلاف دولار، وهي تتقاضى أرباحها وفق الموعد الزمني الدقيق، تقول: "تقاضيت حتى الآن أرباحاً لمرة واحدة، وكانت حوالي ألف دولار، أنا أساساً أودعت أموالي منذ شهر تقريباً، ولا أعتقد انّه في سوريا اليوم مشروع أكثر ضماناً للربح من هذا".

ويختلف الأمر بالنسبة للمحامي معزى ضو الذي يجد أنّه من الأولويات معرفة أين يتم استثمار تلك الأموال حتى تحقق كل ذلك الربح، "أنا متأكد أنّ الأمر حيلة وسينتهي بالنصب تاركاً خلفه آلاف الضحايا، فهؤلاء القائمون على الشركة يبيعون الوهم".

وما بين مودع ومشكك، يبقى أنّ السوري صار اليوم بحاجة لاستثمار في أي شكل يضمن له وصول أموال إلى يده تعينه على تحمل مشقات الحياة ومكابدة صعوباتها المتنامية، وهو ما دفع كل ذلك العدد من المودعين للثقة بمشروع لا قواعد حقيقية له على الأرض، بل ويلفه الغموض، ولكن ذلك مبررٌ في مكان، فالحال الاقتصادي ما عاد ملائماً للاستثمار الحقيقي بمشاريع من الفئة الصغرى، والمال بطبعه، الكثير منه، المال السهل بالتأكيد، يظلّ مغرياً بغض النظر عن أي تبعات مفترضة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6