لا يزال ملف الشغور الرئاسي اللبناني يدور في حلقة مفرغة الأمر الذي دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري الى تعليق الدعوة الى جلسة انتخاب جديدة، ما لم يلمس جدية في التعاطي مع هذا الاستحقاق يتمثل بطرح أسماء مرشحين جدد، على اعتبار ان الاسماء التي كانت مطروحة سابقا، تبين ان حظوظها غير متوفرة وتحديداً النائب ميشال معوض الذي زاره مؤخراً رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من الكتلة، للبحث في تطورات الملف الرئاسي، وكان لافتا كلام النائب معوض بعد اللقاء، حيث اكد ان المهم في الاستحقاق الرئاسي هو المشروع وليس الشخص بذاته، ما يمكن اعتباره بمثابة اشارة واضحة الى امكانية ان يتخلى معوض عن ترشيحه في حال تم التوافق على مرشح رئاسي آخر، تتوفر له الحظوظ للولوج الى سدة بعبدا الرئاسية.
في سياق متصل تعرب مصادر وسطية يسعى فريقها الى تدوير الزوايا الرئاسية عبر وكالة اسيا عن امتعاضها من ارتفاع منسوب الكلام الطائفي في التعاطي مع الملف الرئاسي، وترى ان معظم القوى المسيحية تتسابق نحو التطرف في خطاباتها، تارة عبر حديث بعض الجهات عن مقاطعة الجلسات مرورا بحديث جهة اخرى عن تعطيلها ووصولا الى طرح جهة ثالثة مسألة الاجتماع النيابي المسيحي في بكركي للتوافق على اسم المرشح الرئاسي، وهذا ما يظهر بحسب المصادر ان هناك "نفساً طائفياً" في مقاربة الاستحقاق الرئاسي المفترض انه استحقاق لبناني ووطني وليس محصورا بفئة او مذهب".
وتؤكد المصادر الوسطية ان "اطالة أمد الشغور لن يؤدي الا الى مزيد من الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية وربما الأمنية، ومن هنا فإن المسؤولية ملقاة على عاتق جميع القوى في الداخل من اجل العمل على تذليل العقبات، والتخلي عن الشروط والشروط المضادة، لأن المرحلة تتطلب تقديم التنازلات بهدف ملاقاة المساعي والمبادرات الوسطية وبلورة صيغة، تكون كفيلة باخراج الاستحقاق الرئاسي من دائرة الاستعصاء وصولا الى الحل المنشود، من خلال توافق القوى اللبنانية على مواصفات وشكل الرئيس المقبل، وهذا يمكن ان يشكل حافزا للقوى الخارجية كي تلمس جدية لبنانية في مقاربة الملف الرئاسي، ما يدفعها الى تسهيل بعض الأمور التي تؤدي الى الخروج من النفق الرئاسي المظلم، والذي يتطلب بالدرجة الأولى تقديم التنازلات والتلاقي في وسط الطريق، كبديل عن إستخدام لغة التصعيد المذهبي والطائفي الذي لا ينفع بل يؤدي الى خطاب متشنج في المقابل، ما يعني مزيدا من المراوحة وحرق الوقت، وهذا الأمر لا يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين".