على مدار أكثر من خمس وعشرين عاماً، تطالب منظمات المجتمع المدني والحقوقيون بضرورة أن تسعى الدولة المصرية على قدم وساق للتصدي لظاهرة ختان الإناث، التي انتشرت في الكثير من قرى ومحافظات مصر، وتتسبب في وفاة بعض الفتيات.
وطبقاً لمنظمة الأمم المتحدة، تحتل مصر المركز الرابع عالمياً في انتشار "ختان الإناث"، رغم تجريم القوانين المصرية لتلك الجراحة الآثمة، التي تعتبر أحد أنواع العنف ضد الفتيات ووسيلة اضطهاد بحقهن عبر تشويه أعضائهن التناسلية تحت زعم "العِفة".
من جهتها، انتقدت مؤسسة قضايا المرأة الجديدة، الجهود المبذولة من الدولة في قضية ختان الإناث. مشيرة إلى قصور تلك الجهود والاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بها، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لرفض تشويه الأعضاء التناسلية للإناث المعروف بالختان والموافق 6 فبراير/ شباط من كل عام.
واستندت المؤسسة الحقوقية غير الحكومية، إلى ما اعتبرته تقلصًا بسيطًا في معدلات الختان للفئة بين 15 إلى 49 عامًا على مدار 27 عامًا، كما استندت في بيانها الذي حصلت وكالة أنباء آسيا على نسخة منه على احصائيات رسمية لمعدلات الختان في 1995 و2022. إذ كانت النسبة في السنة الأولى 97% من الإناث تعرضوا للختان، فيما أصبحت النسبة في السنة الثانية 86%، بمعدل تحسن بلغ 11% فقط، بعد كل الجهود والاستراتيجيات والندوات.
وصدر آخر مسح طبي عن الختان في 2022، لكنه يغطي الفترة من 2014 إلى 2021.
وانتقدت المؤسسة تجاهل إجراء تقييم للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الختان 2016- 2020، رغم مرور ثلاث سنوات على انتهائها، مطالبة بتقييمها للوقوف على "ما حققته من نجاحات وما واجهها من إخفاقات".
وشددت على ضرورة "عمل رصد دوري لمعدلات ختان الإناث وفقا لاستراتيجية تمكين المرأة 2030". يشار إلى أن الدولة اعتمدت في 2017 الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة، ضمن جهود لتحسين أوضاع النساء.
وفي أبريل/نيسان لعام 2021، غلظ القانون المصري عقوبة مَنْ يتورط في هذه الجريمة بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 أعوام، لما يتسبب فيه الختان من ضرر بالغ على جسد ونفسية الفتاة، بينما إذا تسببت جراحة الختان في الوفاة يُعاقب المتورط بالسجن المشدد، بالإضافة للشطب من جداول كشوف نقابة الأطباء ويُحرم من مزاولة المهنة.
من جانبه، قال المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية رضا الدنبوقي، إن معدلات تراجع ختان الإناث بالمجتمع المصري لا زالت ضعيفة، معتبرًا الجهود المبذولة لمكافحة الختان على كثرتها "غير مؤثرة بالدرجة المطلوبة؛ معللاً ذلك بعمل كل جهة سواء كانت رسمية أو مجتمع مدني لوحدها دون تنسيق وتوحيد للجهود".
وتطرق الدنبوقي إلى أسباب أخرى، قال إنها "تعطل جهود مكافحة الختان"، منها "عدم وجود تدريب حقيقي لرجال الأزهر والأوقاف"، موضحًا أن بعض رجال الدين بالمؤسسات الدينية الرسمية يعلنون في المؤتمرات إنهم ضد الختان، ولكن في الأحاديث الودية "إذا اتسألوا بيقولوا إن البنت تتعرض على طبيب وتُختن".
وأشار إلى أن لجنة متابعة آداب المهنة بالنقابة غير جادة في محاسبة الأطباء المخالفين، كما أن "المستشفى اللي بيتم غلقه بعد ضبط عملية ختان فيه بيرجع ويفتح تاني". لافتاً إلى أن الأجواء كلها توحي بعدم الجدية ما يشجع الأطباء على ارتكاب فعل مجرم قانونيًا.
في سبتمبر/أيلول لعام 2021، شهدت محكمة مصرية حكما تاريخيا، يعد الأول من نوعه، بعد تغليظ عقوبة ختان الإناث، إذ قامت المحكمة بتطبيق الحد الأقصى من عقوبة الجنحة على الأب والممرض الذي أجرى جراحة الختان. إذ عاقبت المحكمة الأب بالسجن 3 سنوات مع الشغل، والممرض بالسجن المشدد 10 سنوات، وذلك لقيامهما بختان المجني عليها ابنة المتهم الأول في القضية، ومخالفة القانون المصري، لما تسبب به في إحداث عاهة مستديمة لابنته.