الكرد يتخبطون.. بمن سنحتمي..؟

سفيان درويش

2023.01.12 - 08:14
Facebook Share
طباعة

 تقول مصادر كردية خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن القيادات الكردية تلقت وعوداً من الجانب الروسي بأن أي تقارب بين الحكومة السورية ونظيرتها التركية لن يكون على أساس فتح عملية عسكرية مشتركة ضد "قوات سورية الديمقراطية"، في مناطق الشمال، وأن الرأي الروسي يميل إلى إيجاد توافقات داخلية بين دمشق وقسد بالتوازي مع إجراءات المصالحة بين سورية وتركيا، بما يعزز حالة الاستقرار في المنطقة، وفي حين أن القادة الكرد لا يثقون بأي توافق دولي حول الشمال الشرقي من سورية لكونهم لن يكونوا ضمن حساباته، فإن البحث عن ضامن لاستقرار المنطقة مسألة ما تزال مستمرة.
تقول المصادر ذاتها، والتي يمكن وصفها بالمقرب من الدائرة الضيقة لـ "مظلوم عبدي"، أن الاخير يبحث عن القشة التي يمكن أن تنقذ وجود "قسد"، من الغرق في التوافقات الدولية التي تعد "قسد"، الحلقة الأضعف فيها، وقد قبل بالمغامرة ببقايا العلاقة مع حكومة إقليم شمال العراق الممثلة بتيار البرزاني، من خلال التقارب مع تيار الطالباني برعاية أمريكية، في محاولة منه لإسترضاء واشنطن التي كلما قدمت "قسد"، شيئا تطالبها بالمزيد، لكنه – أي مظلوم عبدي – يبلغ المقربين منه بأن واشنطن نفسها لن تغامر بعلاقتها مع تركيا لصالح حماية القوات الكردية، لذا على قادة هذه القوات البحث في أقل الخسائر التي يمكن تقديمها لإنهاء حالة التوتر والحفاظ على وجود قسد في خارطة السياسة والميدان السوري، وقد تكون أقل هذه الخسائر من خلال إعادة هيكلة "قوات سورية الديمقراطية"، بتشكيل فصائل عشائرية لنشرها في المناطق التي تريدها تركيا خالية من الوجود الكردي المسلح، وعلى الرغم من عدم ثقة القادة الكرد بمنافسيهم من أبناء العشائر وعلى رأسهم "أحمد العلوش"، قائد فصيل "لواء ثوار الرقة"، الذي تعمل واشنطن على إعادة تشكيله، و "أحمد الجربا"، الذي يشغل منصب "رئيس تيار الغد المعارض"، والذي يمتلك جناحاً عسكرياً يعرف باسم "قوات النخبة"، إلا أن هذا الخيار يبقى أفضل من الانسحاب لصالح انتشار القوات السورية في الشمال، بشكل مشترك مع قسد أو بشكل منفصل، وهو خيار غير قابل للصرف على أرض الواقع من قبل قادة قسد لكون الولايات المتحدة الأمريكية ترفضه بشكل نهائي، فالمطلوب أساساً وفقاً لشرح المصادر هو منع استعادة دمشق لأراض جديدة في الشمال، ومنع التمدد الروس على طول الطريق الدولية ""، في جزءها الذي يمر من محافظتي الحسكة والرقة.
أكثر منا يخشاه قادة "قسد"، هو أن تذهب واشنطن نحو مباركة عملية عسكرية تركية في الشمال السوري من خلال استنساخ التصريحات والمواقف التي أطلقتها إدارة البيت الأبيض في عمليتي "غصن الزيتون"، التي احتلت في نهايتها القوات التركية مدينة عفرين ومناطق ريف حلب الشمالي الغربي، وعملية "نبع السلام"، التي احتلت من خلالها ذات القوات المنطقة الممتدة من "رأس العين"، بريف الحسكة وصولاً إلى غرب مدينة "تل أبيض"، بريف الرقة الشمالي، وفي مثل هذه الحالة ستكون مدن أساسية بالنسبة لـ قسد مثل "عين العرب (كوباني )، عامودا – الدرباسية – المالكية"، نماطق مستهدفة من قبل الأتراك، الأمر الذي سيحرج "قسد"، أمام ما يمكن وصفه بـ "الحاضنة الشعبية"، من الشارع الكردي، وهذا السيناريو تحديداً هو ما كان يعنيه "مظلوم عبدي"، حين حديثه عن مخاوفه من "الخيانة الامريكية"، لـ "قسد".
المفاضلة بين الموقف الروسي ونظيره الامريكي هو ما يشغل قادة "قسد"، ومحاولة البحث عن "أهون الشرين"، تعد جوهر أي اجتماع للقادة الكرد في مقر إقامة زعيمهم "مظلوم عبدي"، فخيار الاستنجار بـ "حزب العمال الكردستاني"، لن يجدي نفعاً حيث أن الاخير سيكون ضمن مستهدفي العملية التركية سواء في سورية أو العراق، كما تؤكد مصادر كردية قريبة من "المجلس الوطني الكردي"، المعارض لـ قسد، والمقرب في الوقت ذاته من الحكومة التركية، أن المجلس أوقف كل قنوات التواصل مع قسد ولن يلعب دور الوساطة مع أنقرة بطبيعة عدم ثقة قادة الأحزاب المشكلة لهذا المجلس لأي وعد يمكن أن قدم من عبدي شخصياً، أو من "الكردستاني"، كمنظمة، إذ سبق أن قدما وعوداً بمنع الاعتداء على كوادر وقيادات المجلس دون أن تنفذ هذه الوعود، كما إن محاولات المصالحة "الكردية – الكردية"، التي دفعت بها واشنطن أكثر من مرة والتي كان من شأنها أن تنهي مخاوف أنقرة من الفصائل الكردية المسلحة المرتبطة بـ الكردستاني، فشلت بسبب تعنت موقف قادة قسد ورفضهم تقاسم السلطة في مناطق شمال شرق سورية مع "المجلس الوطني الكردي"، ما جعل "اتفاقية دهوك"، الموقعة بين الطرفين بهذا الخصوص منذ العام 2015، تبقى حبيسة الأدراج.
تجزم المعطيات أن "قسد"، لن تجد طرفاً يقدم الحماية الكاملة لها بالواقع الحالي، كما إن التوافقات الدولية غير الواضحة المعالم إلى الآن ومحاولات النظام التركي تحصيل أكبر المكاسب الممكنة من خلال الحوار مع النقيضين (أمريكا – روسيا)، بخصوص الشمال السوري، تجعل القادة الكرد في حالة ترقب مستمرة وتشكيك دائم بكل الطروحات التي تقدم لها، إلا أن المصادر الخاصة بـ "وكالة أنباء آسيا"، تؤكد أن الرأي الكردي يجمع على إن طرق باب دمشق قد يجدي نفعاً لكنه سيغضب واشنطن بالتأكيد وبالتالي فإن ذلك سيعني الخروج بقرار أمريكي من الحسابات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 5